03-يناير-2018

أسماء فيومي/ سوريا

الثانية بعد منتصِف الليل، لا مزيد من الوقِت للحب ولا مزيد من الحبِّ للكتابة

قلت لصديقتي: أحبُّ والهاء التهَمها وحُش المدينة، الغياب وحُش المدينة المتنكر

في حيينا تكثر أصوات الكلابِ في هذه الأثناء

أستطيع قوَل أنَّ ذلك في الفترات السابقة كلّها نابع عن استشعار الخطر أو الجوع أو اللغة المتبادلة بين جنسهم

أمّا في هذه الآونة أجزُم أن الدهشة هي السبب

كلاُب هذه الأيّام مترفة أكثَر من اللازم، قد تجدهم يلتهمون الطعام على طبقٍ من فضة ويشربون الجعة

أيضًا، هذه الفئة أشد خطرًا من الكلاِب المعتادة!

 

الغرق، الاحتراق، الخنق، حادث مروري

حالة انتحارية، مرض مفاجئ أو مزمن، صدمة نفسية

إلخ..

ليست مخاوفي أن أموت بإحدى تلك الاحتمالات

الموت قادم لا محالة

أنا مقتنعة بذلك وراضية، ولو أن لدي شروطًا

كألا أصبح عجوزًا وألا أسلَب شبابي

ما يخيفني هو الوقت

"الوقت مثُل مقصلة"، قلتُ في سّري.

 

أكثر ما يثير شكوكي، أنت

وأريد أن أبدي استيائي نحوكِ

لماذا الآن؟

تلازمينني كظلِّي، أجدك كيفما ألتفتُ

ماذا أفعل بكل هذا الوقت الذي كنت أمضيه في تذمري من غيابك وفي انتظارك

من أين أملأ فراغي الآن؟

وما سّر كل هذه المحبة المفاجئة؟

تبدو المحبة الفائضة في هكذا زمن، علامُة حيرة

الكثيرون مثلي، يخافونها

أيتها الكهرباء دعيني وشأني

في الثانية بعد منتصِف الليل، أواخر صيف العام الفائت

حضرت القهوة، اللدات تزين سقفَ الغرفة المتواضعة

قارورات الماء المثلج تحوم حولي كعبواتٍ ناسفة

حبر وبضعة أوراق

تأتي الكهرباء وترحل بتوقيت غيرِ منتظم كحبيب مراوغ لا يسعك سوى التكيّف معه

أشغل الأضواء، أطفئ الأضواء

والاضطراب كان يتكاثر كذبابة

اضطررت للشموع هكذا حتى حلول الصباح، لا قصيدة شعرية ستقَدم لدار النشر، ولا البطاريات أخذت نصيبها من الشحن

استيقظت بهمّة مشوهة، شتمت وشتمت وتساءلت، فكانت الإجابة كالتالي: لا بدّ أنّ اشتباكاٍت عنيفة في المناطق المحاصرة أو لربما ضرِب خط الغاز في القطب الشمالي، من جديد!

 

كان ذلك يواسي تعبي

فأعّزي نفسي بالدعاء للأبرياء والمضطهدين بينما أتصّور الميتات البشعة التي يتعرضون لها

أنا لا أغفو إلا على العتمة

ولكني أريد ان أموت تحت الأضواء

أولئك الذين ماتوا ليلًا، كيف استطاعت أرواحهم الصعود للسماء، دون التعثر؟

هذه التساؤلات دفعتني لأشك في أمر الكهرباء

التي لم تفارقنا منذ مدّة

لست أنكر أنها سهلَّت الحياة، لكني اعتدُت القلق.

الثانية ظهرًا اليوم التالي، بطبيعة الحال لا أقوى على الاستيقاظ باكرًا

أمي تتذمر فالكهرباء منقطعة منذ الصباح

إخوتي وجدوا كلبًا مريضًا في حديقتنا، أسموه رامبو

الميقاتية الرهيبة للأحداث في حياتنا تدفعنا للإيمان بشيئين

الأمل أو انقطاعه، في إحدى الحالتين ستصل إلى الجنون

كذلك الاهتمام المستمر، وانقطاعه المفاجئ

لا يقودانك للجنون فحسب، خاصةً إن كان الانتظار وسيط المرحلتين

"الانتظار عدو الروح"، قلت في سرّي، مجددًا

وصحتُ: هي الكهرباء عادت، سأتمكنُ الآن من تصفيف شَعري وسأدع شِعري ليجففه الصبر ريثما يحينُ الأوان

فالموت والانتظار، وحتى الحب، وسوساتٌ عبثية يحكمها الوقت!

 

اقرأ/ي أيضًا:

ابتلعتُ اليوم مئات المجنزرات

كيس العجوز