30-أكتوبر-2015

إحدى الشركات حملت اسم بوب مارلي (جوش ايديلسون/Getty)

رغم تصويت ناخبي مدينة واشنطن لصالح الاستفتاء على تشريع الماريجوانا الذي طُرح خلال انتخابات الكونغرس النصفية العام الماضي إلا أن التاجر ذا الأصول الأثيوبية، في أحد الأحياء التي تقطنها غالبية من الأمريكيين الأفارقة في العاصمة، ما زال يبيعها في منزله بالخفاء عن أعين رجال الشرطة. فالجمهوريون في الكونغرس أجهضوا خيار الناخبين ونجحوا حتى الآن في عرقلة إصدار القوانين التي تنظم بيع الماريجوانا في المدينة، حارمين خزينتها من ضرائب تقدر بملايين الدولارات كان من المفترض أن يدرها هذا القطاع الجديد.

يسمح القانون لكل مقيم في واشنطن بزراعة ستة نبتات من الماريجوانا للاستهلاك الشخصي

يحاول التاجر طمأنة الزبائن إلى أن الأمر لا يدعو للقلق، فحيازة الماريجوانا في واشنطن أصبحت أمرًا شرعيًا وإن كان بيعها لا يزال غير قانوني. الأمر يقتصرعلى دفع مخالفة مالية قيمتها عشرون دولارًا إذا شاءت الصدف وجمعك حظك العاثر بدورية للشرطة. لن تذهب إلى السجن وتقضي أشهرًا أو سنوات، كما هو حال ملايين الشبان الأمريكيين الذين تغص بهم السجون في معظم الولايات الأمريكية باستثناء ولايات أريغون وكولورادو وأوهايو وواشنطن التي شرعت في السنوات القليلة الماضية زراعة وتجارة و استهلاك هذا النوع من المخدرات.

ورغم سيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب وعرقلة إدراج مرسوم تشريع الماريجوانا في العاصمة ضمن بنود الميزانية، وبالتالي عدم رصد الأموال اللازمة للصرف من أجل إنشاء هيئات معنية بتنظيم القطاع المستحدث، إلا أن ذلك لم يوهن عزيمة المدافعين عن القانون ولم يخفف من اندفاع حملتهم الدعائية أو يطفئ حماستهم كما لم يكبح إصرارالمجلس البلدي، الذي يسيطر عليه الديموقراطيون،على القيام بما يلزم لتنفيذ إرادة المقترعين.

يستند مؤيدو تشريع الماريجوانا في العاصمة الأمريكية، وجلهم من طلاب الجامعات والشبان ذوي الأصول الافريقية، مدعومين من حركة الحقوق المدنية والناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان والمثليين والأقليات الدينية، إلى التجارب الناجحة التي شهدتها الولايات التي سبق وشرعت الماريجوانا وخصوصا لجهة الموارد المالية التي استفادت منها هذه الولايات من خلال الضرائب على عمليات البيع والشراء وتراخيص زراعة الماريجوانا والاتجار بها. أضف إلى ذلك أثر التشريع على واقع السجون التي كانت تعج بمستهلكي الماريجوانا والعصابات المنظمة التي  كانت تديرعملية بيعها. أما بعد التشريع فقد تقلصت ميزانيات السجون في تلك الولايات بنسب كبيرة.

في ولايات كولورادو وواشنطن وأريغون اقترع الناخبون لصالح تشريع استخدام الماريجوانا بعد اقتناعهم بجدواها الاقتصادية وعدد الوظائف والأعمال التي توفرها دورة إنتاجها، من زراعتها وتصنيعها إلى تسويقها وبيعها في محلات بيع خاصة أو تقديمها في المقاهي والملاهي، ما يعني أن مئات الملايين من الدولارات ستصب في خزينة الولاية. أما في واشنطن عاصمة القرار الأمريكي فقد أخذت معركة الماريجوانا أبعادًا سياسية تتصل بالمواجهة المفتوحة بين الجمهوريين وإدارة الرئيس باراك أوباما الذي غيرت سياساته وجه أمريكا من خطته للإصلاح الصحي إلى مساعيه لتشريع أوضاع المهاجرين من أمريكا اللاتينية إلى إقرار المحكمة الأمريكية العليا إقرار زواج المثليين .

المعركة في العاصمة خاضها طلاب الجامعات والجمعيات الحقوقية المناهضة للتمييزالعنصري والمدافعة عن حقوق الأقليات والمثليين، واعتبرت نتائجها نصرًا لليسار الأمريكي المدافع عن حقوق المهمشين بمواجهة اليمين الديني المحافظ.

 ويلتف مريدو الماريجوانا في العاصمة الأمريكية على منعهم من شرائها وبيعها بزراعتها في منازلهم وحدائقهم الخاصة إذ يسمح القانون لكل مقيم في واشنطن بزراعة ستة نبتات من الماريجوانا للاستهلاك الشخصي.

كما يقوم الناشطون بتنظيم معارض ومؤتمرات خاصة تحت شعار تبادل الخبرات في زراعة الماريجوانا. يأتي المشاركون بإنتاجهم الخاص وعرضه في أجواء احتفالية تجري خلالها مسابقات لاختيار أفضل نوع من الماريجوانا. وتشهد هذه الانشطة تبادلًا للهدايا بين المشاركين وطبعا الهدايا هنا هي سجائر الماريجوانا ـو نبتات و بذور القنب الهندي التي توزع على الحاضرين دون أي بدل مالي يدرج العملية في إطار الشراء والبيع الذي لا يزال ممنوعًا.

بموازاة ذلك، ينتظر العديد من رجال الأعمال والشركات الأمريكية إفراج الكونغرس الجمهوري عن القوانين التي تنظم زراعة وتجارة واستهلاك الماريجوانا في "دي سي" من أجل الدخول في الاستثمار بهذا القطاع الاقتصادي الواعد، فيما باشرت بلدية العاصمة إعطاء تراخيص لشركات ومقاه ومحال البيع ومن هذه الشركات واحدة حملت اسم "بوب مارلي" المغني الأمريكي الشهير وذلك تأكيدًا على العناصر الثقافية التي يختزنها النضال لتشريع الماريجوانا الذي سيساهم في إعادة تشكيل هوية العاصمة الأمريكية.


اقرأ/ي أيضًا:
في أمريكا أيضا.. السلاح زينة الرجال!
العربية تغزو أمريكا