10-أغسطس-2016

الباحث جورج كدر

صدر عن "مركز البوصلة-شرق المتوسط" (برلين، 2016) كتاب "هندسة الفتن" للباحث والإعلامي السوري الزميل جورج كدر. يسلط الكتاب الضوء على "استراتيجيات إدارة الصراع وهندسة الفتن" في العالم، وقد جاء في أربعة فصول.

نعوم تشومسكي: كانت أمريكا وإنجلترا الداعمَتين التقليديَّتين للإسلام المتطرّف في وجه المدّ القومي

في فصله الأول يسلط الباحث الضوء على ثورات الربيع العربي ونتائجها، منطلقًا من لعبة "الدكتاتور والمتطرف" -في الشرق الأوسط- التي تتحكم بشعوبه منذ زمن طويل. يحدد الكاتب هذه اللعبة في مقدمة حديثه عن المسألة الطائفية والإثنية وأفق العالم العربي بعد عصر الثورات العربية قائلًا: "السياسة نمطان من النظم السياسيّة، لقيا دعمًا منقطعَ النظير من قبل الولايات المتّحدة وإنجلترا، منذ الثلث الثاني للقرن العشرين: الإسلامُ المتطرّف، والدكتاتوريّة"، مضيفًا: "حالنا هذه يختصرها نعوم تشومسكي، أحدُ أبرز ناقدي السياسات الخارجيّة الأمريكيّة: كانت أمريكا وإنجلترا الداعمتين التقليديَّتين للإسلام المتطرّف في وجه المدّ القومي، وبحسب تشومسكي فإن "إسرائيل وأمريكا تريدان من الشعوب العربيّةِ أن تبقى تحت سيطرتنا؛ لذلك نرضى بدكتاتورٍ حليفٍ لنا يَحْكمها حتى نتمكّنَ من فعلِ ما يحلو لنا"، وهو ما يظل إلى اليوم متبعًا في لعبة تدمير الشرق الأوسط".

اقرأ/ي أيضًا: المركز العربي يقارب الذكرى المئوية للحرب العالمية

ولكون الدين الإسلامي هو العمود الذي تبنى عليها استراتيجية السيطرة الأمريكية على دول الشرق الأوسط، خصص الباحث الفصل الأخير من كتابه تحت عنوان "توظيف الدين في هندسة الفتن"، من خلال تقديم نموذج تاريخي حيث فكك ماكينة الدعاية التي قامت عليها الحروب الصليبية، وتمكنت من مقاطعة شعاراتها ورموزها وآلياتها، التي كانت في خلط الجماعات المتطرفة في الدين المسيحي مع ما يجري اليوم للدين الإسلامي، ثم يتحدث عن "لعبة داعش" وكيف أطلقت هذه اللعبة والقواعد، حيث وضعها في سياق علمي ضمن "نظرية الألعاب" الشهيرة في علم الفيزياء.

وجاء الفصل الثاني بعنوان "هندسة الفتن في سوريا"، وفيه يبحث كدر مسألة الديمغرافية السورية وتمزيقها بما يخدم الجغرافية الجديدة، ويقدم قراءة للمناطق التي يجري فيها تفريغها من السكان وتصورًا لمستقبلها، كما يسلط الضوء على "هندسة لعبة الصراع" في سوريا من خلال معادلة دمار سوريا التي كانت تقوم على لعبة "تحرير" المعارضة للمناطق، ثم ما عرف بإعادة سيطرة النظام السوري عليها تحت مبرر "تطهيرها"، ثم تدميرها بالكامل وتمزيق سكانها.

 

في الفصل الثالث، يتحدث كدر عن "هندسة الفتن لأوروبا" وكيف سيؤثر عدم حل المأساة السورية إلى آثار كارثية على أوروبا نفسها، ضمن مبدأ أثر الفراشة الشهير في نظرية "الفوضى". يقول المؤلف: "في علم "الكايوس أو الفوضى" مبدأٌ اشتهِر بتسميته "أثر جناح الفراشة"، يقول إنّ رفّةَ جناحِ فراشةٍ فوق بيكين تستطيع أن تغيّرَ نظامَ العواصف فوق نيويورك! ويمكن البناءُ على هذا المبدأ بفكرةٍ بدأتْ تتّضح تداعياتُها على الأرض، تقول: إنّ رفّةَ جناح فراشةٍ فوق سوريا يمكن أن تغيّرَ وجهَ أوروبا. أنظمةً ومبادئ طالما تفاخرتْ هذه القارّةُ بريادتها لها". ويتوقع الباحث أن إعادة تفكيك أوروبا في المستقبل من خلال "لعبة" يجري التحضير لها بعناية فائقة، عبر صدام دموي قادم بين "اليمين المتطرف الأوروبي، واليمين المتطرف الإسلامي، ويقدم قراءة مختلفة لما يجري اليوم سواء من الصراع في سوريا أو تأثيره على دول الجوار أو أوروبا".

يتحدث "هندسة الفتن" عن أن عدم حل المأساة السورية سيؤدي إلى آثار كارثية على أوروبا

اقرأ/ي أيضًا: "فتاة القطار".. رواية عن نساء على الحافة

الكتاب مجموعة من دراسات ومقالات أصدرها الباحث كدر منذ بداية الصراع في سوريا، وكان قد نشرها في "مجلة الآداب" اللبنانية، و"مركز الجزيرة للدراسات" وموقع "الترا صوت". وكلها تلتقي ضمن استراتيجية كان وضعها تحت عنوان وفكرة "هندسة الفتن".

يكتب نبيل الملحم، مدير "مركز البوصلة": "في هذا الكتاب تظهر الفتن هندسة والصراعات هندسة، ويأتي هذا الكتاب، ليفكك بعضًا من قواعد اللعبة الـ" Game"، بلغة بسيطة لا تتعالى على القارئ. يقدم هذا الكتاب قراءة جديدة للصراعات بين الدول تحث القارئ على عدم الانفعال بما يجري من أخبار، وإنما النظر إليها وإلى قواعدها كي لا يصبح مجرد بيدق يتحرك على رقعة الشطرنج، فالصراع انتقل اليوم إلى عصر "العبث المنظم" له قواعد تحكمه وتستخدم فيه آخر تطورات العلوم في كل المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وحتى البيولوجية، ليسهل السيطرة على البشر والدول، فالحرب بمفهومها الكلاسيكي لم تعد إلا واحدة من حروب كثيرة في "لعبة" السيطرة ولكل حرب منها قواعدها ونظامها".

اقرأ/ي أيضًا:

نساء حوض الشهوات

عبد الله محمود عدوي.. توابل البرامج التلفزيونية