24-يوليو-2016

من أيقونات الكنيسة القبطية

ما الذي يمنع زيارة السيد المسيح إلى القاهرة؟.. هل هو "الأزهر" فعلًا؟ السؤال الأدق.. لماذا لم تقدم السينما المصرية عملًا عن "عيسى"، وفقًا للرواية الإسلامية، أو "يسوع" وفقًا للرواية المسيحية؟ الإجابة لدى المخرج المصري، أحمد ماهر، الذي يعدّ الآن فيلمًا عن حياة المسيح: "واجهتني مشكلة مع الأزهر الشريف، الذي طالب بوقف الفيلم لأنه غير راضٍ عن تجسيد المسيح في فيلم، ويرفض تجسيد الأنبياء في السينما بشكل عام". 

سييركز فيلم "المسيح" على الـ 12 سنة التي قضاها المسيح في مصر، ولم تتم مناقشتها أو عرضها في أي فيلم عالمي

وما موقف الكنيسة؟ يقول محمد عشوب، منتج فيلم "المسيح": "حصلت على موافقة الكنيسة على التصوير، والبابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية الراحل، قرأ السيناريو وأعجبه، ووافق على إنتاجه، وأبدى ارتياحه لظهور المسيح على شاشة السينما قبل وفاته، وأجاز العمل، وكان ينوي كتابة مقدمة له باسمه، لكن القدر لم يمنحه الوقت الكافي".

اقرأ أيضًا: Warcraft.. من اللعبة الشهيرة إلى الفيلم

وهل لـ"الأزهر" حق في الاعتراض؟ الموافقة الأهم هي موافقة الكنيسة، وكما يقول مخرج الفيلم: "العمل لا يجسِّد حياة المسيح بالكامل، يركز فقط على طفولته والفترة التي قضاها في مصر "12 عامًا"، وهذه المرحلة لم تتم مناقشتها أو عرضها في أي فيلم عالمي". 

ما "الملامح الدرامية" في طفولة المسيح؟ 12 عامًا كان المسيح خلالها مضطهدًا فيها من جميع البلاد والمناطق التي ذهب إليها بدعوته ما عدا مصر.. الوحيدة التي استوعبته وتسامحت معه واحتوته.. وهنا تبدأ القصة من أديرة مروره في سيناء. وهي فترة لا تمسّ الخلاف أو التوتر بين الرواية المسيحية ونظيرتها الإسلامية حول "سيرة المسيح"، فلا تصل إلى مسألة صلبه أو رفعه.. وأغلب مصادرها من الإنجيل، والقصص المسيحية. 

قصد "عشوب" رضا الكنيسة قبل أي شيء، فالإسلام لا علاقة له بالفيلم الذي يجهِّز لإنتاجه بميزانية 140 مليون دولار، وفقًا لتصريحه لـ"المصري اليوم"، أو 50 مليون جنيه مصري، وفقًا لتصريحه لـ"العربية"، والمبلغ الضخم، الذي يعتبر بالنسبة لإنتاج السينما في مصر، مبالغًا فيه، يفتح "النار" على المنتج.. من يموله؟ من يتحمل تكاليف الإنتاج؟ وربما تصل الأسئلة إلى.. من يمول الحرب "مدفوعة الأجر" على الإسلام؟ يقول: "أكثر من جهة إنتاج عربية وأجنبية".. دون تحديد أسماء. 

من يجسّد دور المسيح؟ يجيب: "سيتم اختيار أحد المواهب من المسرح الكنسي لأداء شخصية السيد المسيح، بعد أن يشاهد المخرج أحمد ماهر عددًا منهم لاختيار أحدهم، كما رشح الفنانة الإيطالية مونيكا بيلوتشي، والممثل الإسكتلندي شون كونري، لبطولة العمل، لافتًا إلى أن ماهر يتفاوض معهما حاليًا".

في فيلم "المسيح"، سيتم تصوير مشاهد المسيح طفلًا، في أماكنها الحقيقية، ولا تزال معاينة المواقع بالدلتا والصعيد جارية

الرحلة المقدَّسة مرَّت برمال كثيرة في مصر.. سيتم تصوير مشاهد المسيح طفلًا، في أماكنها الحقيقية، ولا تزال معاينة المواقع بالدلتا والصعيد جارية حتى الآن. 

اقرأ أيضًا: "روجير واترز- الجدار".. سيرة معجزة

وماذا لو تمادى "الأزهر" في اعتراضه؟ سيضطر صناع العمل إلى التصوير في لبنان والأردن، والموافقات هناك جاهزة، والترتيبات مفتوحة لصناعة "مواقع" شبيهة بصحراء الرحلة المقدسة. 

رغم أن محمد مصطفى الرفاعي، شيخ الأزهر الأسبق، وافق على إنتاج فيلم "حياة المسيح" عام 1938 في مصر، وبالفعل شاركت فيه مجموعة من الفنانين المصريين بالأداء الصوتي، رغم أن السيناريو وتسلسل الأحداث التزما بنصوص الكتاب المقدَّس حرفيًا، وكتب الحوار الأب أنطوان عبيد، وراجعه طه حسين آنذاك.

أدى صوت المسيح الفنان أحمد علام، ومريم العذراء عزيزة حلمي، ولعبت الفنانة سميحة أيوب دور مريم المجدلية، وسعد أردش "الفريسي"، وستيفان روستي "الأعمى"، وتوفيق الدقن "قيافا"، وكمال حسين "يهوذا". لكن "الأزهر" الحديث أكثر تشددًا وله تاريخ طويل في رفض ومنع ومحاربة وقمع الأفلام التي تمسّ الأنبياء بالخير قبل الشر، ولكن هل هناك نصوص واضحة تحرم ظهور الأنبياء أو تجسيدهم؟ بالطبع لا.. فالسينما لم تكن موجودة أيام الأنبياء، ولا المسرح أيضًا، وكل النصوص قابلة للتفسير واللف والدوران. 

ولماذا الإيمان التام بحرمانية تمثيل النبي، أي نبي، إذن؟ لأن الشيوخ والدعاة ورجال الدين أجمعوا على ذلك. 

معنى رغبة صناع الفيلم في تصوير الفيلم على أرض دولة أخرى تسمح بتجسيد الأنبياء أنهم يعرفون كلام رجال الدين، ولا يؤمنون به بمبدأ "عليّ وعلى أعدائي".. أو بمبدأ ديني آخر وهو أن "الإجماع" ليس شرطًا للصحة.. فاستفتِ قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك.. فليس من حق "الأزهر" ولا الكنيسة منع المسيح من الظهور في سينمات القاهرة!

اقرأ أيضًا:

مهرجان "كرامة - بيروت": سينما الإنسان وحقوقه

Zootopia فيلم عائلي بدون قصة حب