سجل عدد كبير من الحسابات العربية والأجنبية على منصة فيسبوك هبوطًا كبيرًا ومفاجئًا في أعداد المتابعين، إذ اشتكى العديدون صباح الأربعاء، 12 تشرين الأول/أكتوبر من تغيّر غامض في بيانات المتابعين لديهم، وهو ما أثار تكهّنات عن احتمال أن يكون ذلك ناجمًا عن خلل في المنصّة، أو مرتبطًا بسياسة جديدة للتخلص من الحسابات الآلية والزائفة.
سجل العديد من رواد منصة فيسبوك تراجعًا كبيرًا ومفاجئًا في أعداد المتابعين
رُصد هذا التغيّر على منصّة فيسبوك قبل عدة أيام في الولايات المتحدة، إذ سجلت حسابات لكبرى وسائل الإعلام الأمريكية انخفاضًا كبيرًا ومفاجئًا في أعداد المتابعين، مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست وهافنغتون بوست ونيويورك بوست ونيوزويك، وهي المجلة التي كانت أول من لفت الانتباه إلى هذا الخلل، عبر تقرير تكهّنت فيه باحتمال أن يكون الأمر مرتبطًا بسياسات جديدة فيسبوك لمحاربة الحسابات الزائفة، بحسب بيانات حصلت عليها المجلة من مؤسسة "كراود تانغل" المختصة بتحليل البيانات.
إلا أن التغير في أعداد متابعي هذه الصفحات ظل ضمن نطاق معقول وغير مؤثر بشكل جذري على العدد الأصلي للمتابعين، إذ بلغ مجموع التراجع في عدد المتابعين على صفحات سبعة وسائل إعلامية أمريكية مهمة أقل من 70 ألف حساب، وهو تراجع متواضع لو أخذنا بالاعتبار مثلًا أن عدد متابعي صفحة نيويورك تايمز وحدها يتجاوز 18 مليون متابع.
في المقابل، فإن التغير الذي رصده المستخدمون في المنطقة العربية يوحي بمشكلة أو خلل تقني، إذ تراجع عدد متابعي العديد من الحسابات والصفحات إلى أقل من 10 آلاف متابع، في هبطة بدت موحّدة تحدّ عدد المتابعين بسقف واحد، وهو ما ظهر حتى في حساب مارك زوكربيرغ نفسه، والذي ظهر أن عدد متابعيه قد انخفض إلى 9،994، بعد أن كان يتجاوز 43 مليون متابع.
معضلة الحسابات الزائفة والآلية
يذكر أن منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر، تعاني من مشكلة الحسابات الآلية، وتعمد بين فترة وأخرى إلى الإعلان عن حذف الملايين من هذه الحسابات، التي يجري استغلالها أحيانًا في حملات دعائية منظّمة، أو يستخدمها آخرون لغايات غير قانونية.
ففي نهاية العام 2020، أعلنت فيسبوك أنها قد حظرت 4.5 مليار حساب آلي على المنصّة خلال فترة تسعة أشهر، وهو رقم هائل جدًا، ولا يمكن السيطرة عليه كذلك إلا عبر تقنيات برمجية معقّدة من أجل رصدها وتعقب نشاطها وحذفها، سواء أثناء عملية إنشاء الحساب أو بعد فترة قصيرة من إنشائه واكتشاف أنه حساب آلي، أي يرتبط ببرمجيّة خاصة لتشغيله والاستفادة منه.
إلا أن المنصة كذلك تشنّ حملات متكررة على الحسابات الزائفة، وهي الحسابات التي تستخدم أسماء وصورًا وهمية للحسابات وتدعي أنها تمثّل أشخاصًا غير موجودين على أرض الواقع، وعادة ما تكون هذه الحسابات ذات ارتباطات بحملات تأثير منظّمة مشبوهة، مرتبطة بأجندات حكومية أو مؤسسية، على غرار ما تم الكشف عنه مؤخرًا من حملة تأثير ضخمة تنشط عبر آلاف الحسابات والصفحات، لنشر سرديّات مؤيّدة للولايات المتحدة وحلفائها.
إلا أنه ورغم المحاولات التي تبذلها شركات مثل فيسبوك وتويتر للتخلص من الحسابات الزائفة والآلية، إلا أن المشكلة ما تزال قائمة وتشكّل تهديدًا كبيرًا على تجربة المستخدمين وسلامتهم، بالإضافة إلى التهديد الذي تمثله هذه الحسابات في المسائل المتعلقة بالتضليل ونشر المعلومات الكاذبة وفبركة القضايا الرائجة والتأثير على الرأي العام، علمًا أن فيسبوك وتويتر تدعيان أن نسبة الحسابات الزائفة لديهما لا تتجاوز خمسة بالمئة.
تواجه منصات التواصل الاجتماعي انتقادات متواصلة لعدم جديتها في معالجة مشكلة الحسابات الزائفة والآلية
يذكر أنه لم يصدر حتى الآن أي بيان رسمي من فيسبوك للحديث عن التغيير المفاجئ الحاصل على أعداد المتابعين، غير أن الشركة تشير عبر "مركز الشفافية" التابع لها بأن المنصّة تعمل باستمرار على "إزالة أكبر عدد ممكن من الحسابات الزائفة، كالحسابات التي يتم إنشاؤها لأغراض خبيثة أو بهدف انتهاك سياسات الاستخدام، أو الحسابات الشخصية التي تدعي تمثيل مؤسسات أعمال أو منظمات أو كيانات غير بشرية، مثل الحيوانات الأليفة، مع التركيز على الحسابات التي تسعى لإلحاق الضرر بالآخرين، أو استخدامها في حملات السبام وتكون ذات أغراض ربحية".
