14-نوفمبر-2021

خيبة أمل في أوساط الناشطين بعد اختتام قمة غلاسكو (رويترز)

كان من المفترض أن تنهي قمة المناخ أعمالها يوم الجمعة في الـ 12 من تشرين الثاني\نوفمبر في مدينة غلاسكو الأسكتلندية، لكن بريطانيا رئيسة القمة قررت تمديدها ليوم إضافي، لإعطاء المجال للمزيد من التشاور حول البيان الختامي، ليتماشى مع رغبات الدول الغنية والفقيرة على حدّ سواء.

مسودة البيان الختامي للقمة التي نشرتها الرئاسة البريطانية على الإنترنت الجمعة، لم تحصل على إجماع المشاركين، فووجهت بانتقادات حادة من المشاركين، كما أنها لم تلبِّ طموحات الناشطين والمراقبين

الدورة التي حملت اسم cop26، انطلقت قبل أسبوعين بمشاركة عدد كبير من الزعماء وقادة الدول الذين ناقشوا قضايا التغير المناخي والاحتباس الحراري، وسبل تخفيف الانبعاثات الكربونية ومعالجة أزمة المياه والجفاف، مع إعلان مبعوثي عدد من الدول الجزرية الصغيرة التي شاركت في القمة، أن أجزاء من أرضهم بدأت تختفي بشكل تدريجي بسبب ارتفاع منسوب المياه نتيجة لذوبان الجليد الناجم عن الارتفاع في معدّلات الحرارة. كان من بينهم وزير الخارجية في توفالو، الجزيرة القريبة من أستراليا، الذي وجّه بحسب "بي بي سي" نداءً عاطفيًا إلى المجتمعين، قال فيه إن بلاده تغرق، وإن الموضوع بات اليوم مسألة بقاء أو موت، متمنيًّا أن تكون قمة غلاسكو هي اللحظة التي سيبدأ منها الحل.

اقرأ/ي أيضًا: وول ستريت جورنال: قمّة المناخ والفشل المحتوم.. توقيت كارثي وأهداف غير واقعية

يذكر أن وزير خارجية توفالو نفسه كان قد خطف الأنظار قبل أيام، عندما ألقى كلمة خلال القمة من قلب إحدى البحيرات، حيث غطت المياة الجزء السفلي من جسده، لتسليط الضوء على خطر الغرق الداهم الذي تواجهه بلاده. وقد لاقت الصور التي التقطت له من داخل البحيرة رواجًا واسعًا، وباتت رمزًا للتعبير عن ضرورة محاربة التغيّر المناخي.

COP26: When and where are protests taking place in Glasgow? | HeraldScotland

مسودة البيان الختامي للقمة التي نشرتها الرئاسة البريطانية على الإنترنت الجمعة، لم تحصل على إجماع المشاركين، فووجهت بانتقادات حادة من المشاركين، كما أنها لم تلبِّ طموحات الناشطين والمراقبين. وبالرغم من أن قضية الفحم والاستخدام المفرط له ذُكرت للمرة الأولى في وثائق الأمم المتحدة، فإن الناشطين رأووا أن الالتزامات التي تعهد بها المشاركون في مجال تقليص استخدام الفحم، والدعم غير الفعال للوقود الأحفوري، كانت مخففة وغير ملزمة ولا توجد ضمانات بأنها ستطبّق، كذلك لم تتضمن المسودة التي نشرتها الرئاسة البريطانية على الإنترنت، آليات محددة للتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالدول الأكثر فقرًا، والمعرّضة أكثر من غيرها لعواقب الاحترار.

انسحابات بالجملة وتظاهرات في شوارع غلاسكو

المئات من ممثلي منطمات المجتمع المدني حول العالم انسحبوا من قمة المناخ في اليوم الأخير منها، وخرجوا في مسيرات احتجاجية في غلاسكو صبيحة اليوم الأخير من القمة، حاملين شرائط حمراء اللون في تعبير رمزي عن رفضهم للخطوط الحمراء التي تمّ تجاوزها من قبل منظمي القمة، وأطلقوا الأهازيج المعبّرة عن مواقفهم مثل "القوة للناس" و"العدالة المناخية الآن"، وقد ضمّت التظاهرات ممثلين عن السكان الأصليين، المزارعين، الشباب، النساء، إضافة إلى أكاديميين وناشطي مجتمع مدني.

صحيفة الغارديان البريطانية نقلت عن أحد الناشطين المشاركين في الاحتجاجات، وهو ممثل عن السكان الأصليين، وصفه لقمة المناخ بالحفل الاستعراضي، وهو خدعة تمّ إنشاؤها لخدمة الاقتصاد الرأسمالي المتجذّر في استخراج الموارد والاستعمار. واعتبر متظاهر آخر أن قمة ا لمناخ تحوّلت إلى مزحة، وأنهم اعتادوا على النتائج نفسها في كل دورة، وأكد على الحاجة الضرورية اليوم للاستماع إلى المنسحبين من القمة.

في المقابل نشر موقع ديفيكس تقريرًا موسّعًا أشار فيه إلى فشل قمة المناخ في تقديم المساعدة للأطفال، وهم الضحية الأكبر لعوامل التغير المناخ، بحسب منظمات المجتمع المدني والجمعيات المختصّة بالأطفال، ناقلًا عن كيت فوغان كبيرة مستشاري المناخ في منظمة "احموا الأطفال" إشارتها إلى أن النقاط التي يتم التوافق عليها في قمة المناخ، لا تضيف أي شيء بالنسبة للأطفال الذين يطمحون للعيش في عالم آمن.  كما قالت عن عالم اليوم إنه "ليس عالمًا يمكن للأطفال فيه الازدهار والبقاء على قيد الحياة، إنه عالم من الحروب والأوبئة".

كما نقل التقرير عن مديرة الدفاع في اليونيسف في المملكة المتحدة جوانا ريا، انتقادها لتغييب الأطفال والشباب عن cop26، وقالت إن الأطفال هم أقلّ من تسبب في حصول التغيّر المناخي، ومع ذلك فهم يدفعون الثمن الأكبر فيما يخص حقهم في الصحة، التعليم والعيش في بيئة سليمة، كذلك حقهم في البقاء والازدهار على النحو المنصوص عليه في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

نقاط إيجابية قليلة في القمة

المفاجأة الإيجابية الأبرز التي شهدتها القمة ظهرت في اليوم قبل الأخير منها، وتمثّلت بإعلان الموفد الصيني عن توصّل بلاده إلى اتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية، لإصدار إعلان مشترك حول تعزيز التحرّك حيال المناخ، وقد رحّب أمين عام الأمم المتحدّة أنطونيو غوتيريس بالإعلان الأمريكي الصيني، الذي أتى بعد فترة من التوتر بين البلدين حول ملف المناخ، والاختلاف في مقاربة الأمور وطرق مواجهة الأزمات، مع الإشارة إلى أن الرئيس الصيني لم يشارك شخصيًا في القمة، الأمر الذي اعتبره البعض محاولة من الصين لإضعاف القمة، إلا أن بكين نفت هذه المزاعم وقالت إن الرئيس الصيني لم يغادر البلاد منذ ظهور جائحة كورونا، وأجرى جميع لقاءاته ومباحثاته عبر تقنية الفيديو.

 كان لافتًا أيضًا الإعلان عن تحالف هو الأول من نوعه بين الحكومات بهدف التخلّص التدريجي من إنتاج النفط والغاز، بقيادة الدانمارك وكوستاريكا، انضمت إليه لاحقًا كلّ من فرنسا، غرينلند، كيبيك، إيرلندا، ويلز والسويد. وذكر موقع "يورو نيوز" أن أعضاء الحلف التزموا بإنهاء الجولات الجديدة من التراخيص للتنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما، كما يتوجب عليهم تحديد مهل انتهاء استكشاف هاتين المادتين وإنتاجهما، تماشيًا مع اتفاقية باريس للمناخ الموقّعة في العام 2016. وزير الطاقة والمناخ في الدانمارك دان يورغنسون، أشار على هامش إطلاق الحلف الجديد، إلى أن الهدف ليس صغيرًا، والحلم ليس متواضعًا، وآمل أن يكون اليوم هو نقطة البداية في مسار التخلّص من النفط والغاز.

Climate change: Green groups call for COP26 postponement - BBC News

الأمر الأبرز في هذا المجال كان غياب بريطانيا عن الحلف الجديد، وهو ما توقفت عنده رئيسة قسم السياسة في منظمة الخضر في المملكة المتحدة ريبيكا نيوسوم، التي قالت إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون سيفقد ما تبقى من مصداقيته في مجال المناخ، في حال مضى قدمًا في مشروع ترخيص حقل نفط جديد في كامبو، في الوقت الذي يطلب فيه من الدول المشاركة في cop 26 سحب مشاريع المحطات الجديدة، بحسب "يورو نيوز".

 تفاعُل رواد مواقع التواصل مع القمة

انتشر وسم #cop26 بشكل كبير طوال أيام قمة المناخ وفي الأيام القليلة التي سبقتها، وقد استخدمه رواد مواقع التواصل من ناشطين بيئيين ومراسلين صحفيين للتعليق على مجريات القمة. الكاتب في الغارديان جورج مونبيو كتب على صفحته على تويتر: "أنا عائد الآن من غلاسكو، وأنا مليء بالإحباط والغضب بعد قراءة مسودة البيان. حكومات العالم القوية تقترح بذل المزيد من الجهد للدفاع عن صناعة الوقود الأحفوري، بدلًا من الدفاع عن الحياة على الأرض".

الناشطة البيئية المعروفة فانيسا ناكاتي، قالت إنه بعد 25 دورة من قمم المناخ، لا تزال نسب الانبعاثات في ارتفاع، وذكرت أنهم كناشطين أبلغوا قادة cop 26 بانهم لا يثقون بوعودهم.

أما الصفحة الرسمية لمنظمة "غرينبيس" على تويتر، فذكرت أن الحكومات العالمية المجتمعة في قمة المناخ في غلاسكو، فشلت في سدّ الفجوة للحفاظ على ارتفاع في درجات الحرارة أقل من 1.5 درجة مئوية. وقالت إن المطلوب هو التخلّص تدريجيًا من الوقود الأحفوري، وتقديم الدعم للدول الفقيرة.