17-يوليو-2023
gettyimages

يساوم النظام السوري لدخول المساعدات الإنسانية بالحصول على مكاسب سياسية (GETTY)

حذرت المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري المحرر، من سعي النظام السوري إلى وضع يده على دخول المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى، ما يدفع إلى تسييس تلك المساعدات وحرمان الشمال السوري منها.

يسعى النظام السوري إلى وضع يده على  المساعدات الانسانية في الشمال السوري

وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي من كبرى المنظمات العاملة في إدلب، في بيان، إنه من الضروري "حماية السوريين أينما كانوا، وضمان عدم تعريض الأرواح للخطر".

ونبهت منظمة "ميد غلوبال"، التي تدير عيادات ومستشفيات وبرامج تلقيح في إدلب إلى أن "نقل السيطرة على باب الهوى، الذي يتدفق عبره الغذاء والدواء وحليب الأطفال.. من طرف محايد (الأمم المتحدة)، إلى نظام ذبح شعبه وشرد نصف عدد السكان، سيؤدي إلى مزيد من الموت والمعاناة بين المدنيين الأبرياء وسيطلق أزمة لاجئين جديدة".

تنا

وقال مؤسس ومدير المنظمة محمد زاهر سحلول، عبر صفحته في فيسبوك، إنه مع "وجود أكثر من 70% من الموارد الإنسانية في سوريا تأتي من مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود، لا يمكن المبالغة في خطورة ما حدث هذا الأسبوع".

يساوم النظام السوري لدخول المساعدات الإنسانية

وأضاف "هذه الألعاب السياسية من قبل الأقوى سوف يكون لها تأثير شديد وفوري على الأقل قوة - النازحين داخليًا وأولئك الذين عادت لهم صدماتهم مؤخرًا بسبب الزلزال الكارثي في شباط/فبراير، الذين لا تقل هذه المساعدات عن حبل نجاة حيوي بالنسبة لهم".

وأوضح سحلول، أنه "لم ولن يكن وجود ميد غلوبال، ممكنًا بدون المعبر الحدودي الوحيد الذي ترعاه الأمم المتحدة بين تركيا وسوريا، والذي هو الآن في خطر"، وتابع "وقعت معظم المنظمات غير الحكومية اتفاقات مع وكالات الأمم المتحدة لتقديم المساعدات حتى نهاية عام 2023، على افتراض أن دعم الأمم المتحدة لسوريا سيستمر كما كان منذ عام 2014"، مشيرًا إلى أن "الوضع الراهن - معبر واحد، وعدم اليقين من فترات التجديد لمدة ستة أشهر، وحجم المساعدات والتمويل لم يكن كافيًا أبدًا".

النظام السوري يضع شروط

وأعلن النظام السوري، مساء الخميس، عن منح منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة إذنًا باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا لمدة 6 أشهر، شرط أن يكون هذا الأمر بالتنسيق معه، وذلك بعد وضع روسيا للفيتو على تجديد آلية المساعدات الأممية عبر المعبر الحدودي.

وجاء في رسالة وجهها مندوب النظام السوري في مجلس الأمن الدولي بسام صباغ، إلى المجلس جاء فيها: أن النظام السوري "اتخذ القرار السيادي بالسماح للأمم المتحدة ووكالاتها المختصة باستخدام معبر باب الهوى، لإدخال المساعدة الإنسانية إلى المدنيين المحتاجين إليها في شمال غرب سوريا، بالتعاون الكامل والتنسيق معها لمدة 6 أشهر، اعتبارًا من 13 تموز/يوليو".

رفضت الأمم المتحدة شروط النظام السوري

وطالب صباغ من  مجلس الأمن "السماح للجنة الدولية للصليب الأحمرـ ومنظمة الهلال الأحمر السوري بالإشراف على تسهيل وتوزيع المساعدات الإنسانية"، في محاولة من النظام للسيطرة على المساعدات. كما طالب النظام بعدم التعامل مع القوى السياسية في شمال غرب سوريا.

رفض أممي

من جهتها، رفضت الأمم المتحدة هذه الشروط، وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، إن على الأمم المتحدة وشركائها أن "يستمروا في التواصل مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية، وهو أمر ضروري من الناحية التشغيلية لإجراء عمليات إنسانية آمنة وبلا عوائق".

وأشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، إلى أن شرط النظام بإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، ومنظمة الهلال الأحمر السوري، "غير عملي"، بسبب غياب عمل المنظمتين في مناطق شمال غرب سوريا.

يشترط لدخول المساعدات الأممية موافقة مدلس الأمن أو النظام السوري

بدوره، اعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أن "نظام الأسد المسؤول بشكل رئيسي ومباشر عن تهجير ملايين السوريين، لا يمكن أن يقدم لهم أي خدمات إنسانية".

وأضاف الائتلاف في بيان، أن " نظام الأسد له سجل إجرامي وحشي في استهداف طواقم العمل الإنساني، إذ أحصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل نحو 1000 عامل في المجال الإنساني، واعتقال نحو 4000 عامل آخر في الفترة الممتدة بين 2011 و 2019"، وتابع البيان "يعتمد نظام الأسد وروسيا إلى جانب المنهج الإجرامي بحق الشعب السوري، على الابتزاز السياسي وتحويل الملف الإنساني إلى ملف تفاوضي لتحقيق مكاسب سياسية على حساب السوريين وأطفالهم ومأساتهم".

نظام الأسد والابتزاز بالمساعدات

يخشى السوريون الفارون من بطش نظام الأسد إلى الشمال السوري، من أن يتمكن النظام قريبًا من منع المساعدات عنهم، حيث يسعى النظام لفرض سيطرته على عمليات دخول مساعدات الأمم المتحدة إلى شمال غرب البلاد.

ويُنظر إلى هذا التحرك على أنه يتيح للأسد فرصة محتملة لممارسة ضغوط على الدول الغربية التي تمول المساعدات إلى حد كبير، وستساهم في محاولات المساومة والابتزاز للعودة للساحة الدولية، بعد تمكنه من إعادة تطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية.

getty

فيتو روسي

يذكر أن مجلس الأمن الدولي فشل الثلاثاء في الاتفاق على تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الآلية العابرة للحدود، من تركيا إلى سوريا عبر معبر باب الهوى، جراء استخدام روسيا، أبرز داعمي نظام الأسد، الفيتو ضد مشروع قرار مشترك قدمته السويد والبرازيل يقترح تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية لمدة 9 أشهر، ونال مشروع القرار موافقة 13 عضوًا، بينما امتنعت الصين عن التصويت.

وقدمت روسيا خلال الجلسة ذاتها مقترحًا بديلًا لتمديد الآلية لمدة 6 أشهر، رفضه المجلس بغالبية 10 أصوات، في وقت تُصرّ الأمم المتحدة ومؤسسات إنسانية وغالبية أعضاء المجلس على تمديد الآلية سنة واحدة على الأقل، للسماح بتنظيم أفضل للمساعدات، وضمان إيصالها إلى مستحقيها، خصوصا خلال الشتاء المقبل.

زكي وزكية الصناعي

وكان مجلس الأمن الدولي قد بدأ العمل بالآلية العابرة للحدود عام 2014، وكانت المساعدات العابرة للحدود تدخل عبر 4 معابر حدودية هي باب الهوى والسلام من تركيا، ومعابر إضافية من الأردن والعراق، وعلى مدار الأعوام الماضية، ونتيجة المساواة مع الصين وروسيا، تم تقليص هذه المعابر، إلى معبر باب الهوى.