16-يونيو-2019

إنريكو بيرتشيولي/ إيطاليا

شاهد العالم أجمع، مساء الأربعاء العاشر من نيسان/أبريل 2019 أول صورة تم التقاطها للثقب الأسود، ولا يخفى على حضراتكم أن هذه الالتقاطة لم تتم عبر معدات بسيطة وعادية، وإنّما عبر آلاتٍ شبه خارقة، كما بينت لنا كاتي بومان عبر صفحاتها الرسمية. كما أنّ هذه النقلة العلمية تدعم نظريات عدة، في مقدمته النظرية الأشهر "النسبية العامة" ألبرت أينشتاين.

حينَ قدّم أينشتاين النظرية النسبية واجه الأهوال، ولم تكن طريقهُ سالكة ويسيرة

حينَ قدّم أينشتاين النظرية النسبية واجه الأهوال، ولم تكن طريقهُ سالكة ويسيرة وحتى وفاته، بحسب أخته مايا التي ذكرت أن أينشتاين تقدّم ببحثه حول النظرية النسبية إلى جامعة زيورخ لنيل درجة الدكتوراه، ورُفضت الورقة العلمية من قبل الجامعة لأنها تبدو غريبة وغير مفهومة، بالإضافة إلى أنه تعرض لعدة انتقادات ومصاعب.

اقرأ/ي أيضًا: ملف ليبيا الغامض.. كيف يغذي الغرب صراع النفط والنفوذ في البلاد؟

يعرف الجميع ذلك من سلسلة "دماغ ألبرت"، وقدّم العلماء الكثير من البحوث والدراسات لإثبات أن ما قدمه أينشتاين يحمل حقيقة علمية أم لا.

أقصد أن العالِمَ حين يُرفض فهو يبحث ويدرس ويطور ليُقدم سببًا وجيهًا للرفض، فالعالِمُ الحقيقيّ والواقعيّ لا يقبل أو يرفض إلا بدليل، وإنّ مشاركة أكثر من مائتي عالِمٍ لمحاولة دراسة طرح رومر ما هو إلا من أجل الإنسانية ومن أجل هذا العالم.

في عَالمٍ مُوازٍ لن أحدثكم عن أيّ فسادٍ يطفو على السطح، الذي تُسبب لهم في كوارثٍ عدّة بينها الكوارث الإنسانية، حيثُ الرّفض والقبول يعتمد على مدى قوةِ التطّبيل، أو بحسب انتمائك وتوجهك لمجرد أنّك تتخيل أنّ ألبرت أينشتاين لم يرفض لسببٍ مثل هذا السبب ستقف عاجزًا أمام حجم الكارثة التي تثقبُ بلادك العزيزة.

لم تجتمع قبيلة رومر لترفع عنه الغطاء الاجتماعي، لم يعتقل أينشتاين، لم يُخوّن أحدٌ من العلماء، جميعهم قدموا أمانتهم العلمية ورحلوا، وقبل رحيلهم نالوا فُرصًا أكاديمية في أشهَرِ الجامعات العالمية بينها كيمبردج ومانشستر وبيركلي وهارفرد وكالتك وحتى برينستون نفسها، ثم ماذا حدث؟ رُفضَ كل ذلك وفضّلَ العملُ بمعاهد الدّراسات المتقدمة (IAS) ذلك المعهدُ شبهُ المجهولِ تمامًا.. ثم ماذا؟ تقاطر عشرات العلماء على المعهد بفضل شهرة أينشتاين، وهنا نقف عند صنّاع التغييرِ الذين رَفضوا العمل وتقديم المحاضرات في الجامعات الشهيرة، التي حاولت أن تعلمهم الانصياع تحت رحمة العلماء الآخرين، بينما يقف العَالمُ اليوم على مشارف حقيقة مخيلتهم العلمية، وها هم العلماء، ووكالات الفضاء، يجنون حصاد ما زرعوه بالأمس من بحوث ودراسات ونظريات، أتحدث هنا عن هذا العالم الحقيقي، وما أنا إلا أحد سكان العالم الآخر، الثقب الأسود تحديدًا.

فالعلماء الحقيقيون ينتقلون إلى مرحلة أخرى في علم الفيزياء فرحين باحتضانهم آخر ما توصلوا إليه، بينما نحن ننتظر متى تنتهي حروب الاستبداد.

ألا يمكن اعتبار واقعنا هو الثقب الأسود كوه البؤرة التي تكثّف الحرب، ويزدهر فيها الخراب؟

لم يكن أحد العلماء جَحودًا ليُنكر هذه الحقيقة لا أقصد حقيقة القتل الدائر في وطننا، وإنما أقصد حقيقة الثقب الأسود الدائر المكور المدلهمة في عداد المجموعة الشمسية.

اقرأ/ي أيضًا: ليبيا.. الصراع على الهلال النفطي وأثره في الأزمة

وبالرغم من أنني لا أمتلك معلوماتٍ كافية حول الثقب الأسود، لكنني وبروح جلد الذات أيُّهما أحق بهذه التسمية؟ ألم نقطن الثقب الأسود الفعلي ذلك الذي يمنع مرور بصيص أمل من الضوء، ويحوي كتلة من الخراب والدمار تساعد على تجذر الميليشيات والجماعات الدينية المتطرفة، والمتطرفون فكريًا وثقافيًا؟ أليس هو البؤرة التي تكثّف الحرب، ويزدهر فيها الخراب أكثر فأكثر؟ ألم يعرف العالم أن الثقب الأسود يعرف بمنطقة الزمكان حيث لا زمان ولا مكان؟ وهو ما يتمناه الليبيون، بربكم أيهما أحق بالتسمية؟ وأيهما الثقب الأسود جدًا؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

7 حقائق مذهلة عن ستيفن هوكينغ

يوميّات لأينشتاين تنشر لأول مرّة تكشف عن عنصريّته القبيحة!