03-ديسمبر-2023
شعار ميتا في بروكسل

(Getty) شعار ميتا في بروكسل

أعلنت ميتا عن حذفها لآلاف الحسابات الصينية الزائفة، التي انتحلت شخصيات مواطنين أمريكيين وأخذت تنشر عن قضايا حزبية جدلية مثل الإجهاض والرعاية الصحية. وحذّرت الشركة أيضًا من مساعي الجهات الفاعلة الأجنبية التي تشكل تهديدًا للبلاد، ومحاولاتها الحثيثة لبلوغ الجمهور الأمريكي عبر الإنترنت قبيل انطلاق الانتخابات الأمريكية عام 2024.

واستفاضت ميتا في شرح نشاطات تلك الحسابات الزائفة فقالت إنّ منشوراتها مشابهةٌ حرفيًا لمنشورات بعض الشخصيات السياسية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مثل رون دي سانتيس ونائبة رئيس مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي. ومع ذلك لم تعزُ ميتا تلك الحسابات الزائفة إلى كيان معين في الصين.

ويندرج بيان ميتا ضمن التحذيرات العديدة التي أطلقتها شركات التكنولوجيا الكبرى، والتي وثّقت فيها حملات الدعاية الصينية الرامية للتأثير على الجماهير الأمريكية. ولا ريب أنّ هذه الحملات تأتي في وقت شديد الحساسية والتعقيد؛ فالمسؤولون الأمريكيون يتهيؤون لإقامة الانتخابات الرئاسية في ظل اضطراب وانقسام يسودان البلاد، مما يحدو بشريحة كبيرة من الناخبين إلى التشكيك بصحة النتائج الانتخابية، ويمهد السبيل أمام القوى الأجنبية، مثل الصين وروسيا، للتأثير على أولئك الناخبين وبث الشكوك في نزاهة التصويت.

أعلنت شركة ميتا عن حذفها لآلاف الحسابات الصينية الزائفة، التي انتحلت شخصيات مواطنين أمريكيين وأخذت تنشر عن قضايا حزبية جدلية مثل الإجهاض والرعاية الصحية في محاولة لبلوغ الجمهور الأمريكي  قبيل انطلاق الانتخابات 

وتتفاقم خطورة هذه التهديدات وسط حالة الانقسام في أمريكا؛ إذ علّق مسؤولو الأمن القومي عملهم مع منصات التواصل الاجتماعي جرّاء طعنٍ قانوني من مدعين عاميين جمهوريين، فلم يعودوا يبلغون تلك المنصات عن عمليات التأثير الأجنبي المحتملة. وأكدت مسؤولون تنفيذيون في ميتا هذه الأخبار، وقالوا إن الوكالات الحكومية امتنعت عن مشاركتهم معلومات التدخل الأجنبي في الانتخابات منذ شهر يوليو/تموز الفائت، أي منذ الطعن القانوني. وتحدث السيد ناثانيال غليشر، رئيس السياسة الأمنية في ميتا، عن هذه المسألة فقال: "بادرنا في مرات كثيرة لاتخاذ تدابير سريعة بناء على المعلومات الحكومية عن التدخل الأجنبي".

ويبدو أن مآرب الحسابات الصينية الزائفة ما تزال غامضة حسب تقرير ميتا الأخير عن التهديدات الأجنبية؛ إذ قالت الشركة إنّها حذفت شبكة الحسابات قبل تفاعل الآخرين معها. وتطرق بن نيمو، رئيس معلومات التهديدات العالمية في ميتا، إلى تفاقم عمليات التدخل والتأثير الصينية عبر الإنترنت خلال العام الماضي، وأكدّ أنها استهدفت الجمهور في جميع أرجاء العالم ووصفها بالقول إنّها "التغيير الأبرز في ميدان التهديدات مقارنة بعام 2020".

وتعيد هذه الأخبار إلى الأذهان التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، وتوظيف حسابات البوتات والمتصيدين لتكريس الانقسام بين الأمريكيين. وصحيح أنّ الصين نأت بجانبها عن أساليب التدخل المباشرة المثيرة للانقسام، لكن المؤشرات تدل على تغير استراتيجيتها وسياستها قبيل الانتخابات الأمريكية المقبلة؛ ففي شهر أيلول/سبتمبر الماضي، قال محللو مايكروسوفت إنّ عملاء صينيين استخدموا صورًا زائفة صممها الذكاء الاصطناعي لنشر معلومات مضللة.

وسبق لشبكة CNN أن راجعت بعض الوثائق الرسمية لشركات التواصل الاجتماعي، وخلصت إلى إطلاق الحكومة الصينية أكبر عملية تضليل معروفة في شبكة الإنترنت؛ إذ توظف ذلك لمضايقة المقيمين والسياسيين والشركات في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد يبلغ بها الأمر أحيانًا حدّ التلويح بالعنف.

وتنفي الصين هذه الأخبار المتداولة، وتؤكد أنها عارية عن الصحة جملة وتفصيلًا؛ إذ قال المتحدث الرسمي للسفارة الصينية في واشنطن: "أثار بعض الأشخاص والمؤسسات حملات متواصلة من الشائعات المغرضة بحق الصين في منصات التواصل الاجتماعي، ونشروا عنها معلومات مضللة ضخمة".

وتجاهر ميتا، وغيرها من شركات التكنولوجيا الأخرى، بمساعيها لحماية الانتخابات الأمريكية المقبلة من التدخل الأجنبي، بيد أنّ تحركاتها الأخيرة تخالف هذا الادعاء؛ إذ أفادت شبكة CNN بتسريح بعض موظفي ميتا ممن تصدوا للمعلومات الزائفة والمضللة خلال الانتخابات النصفية عام 2022. وأعلنت ميتا كذلك أنّها ستسمح بنشر الإعلانات السياسية المشككة بانتخابات الرئاسة الأمريكية السابقة عام 2020.