27-يناير-2016

تظاهرة ضد الأسد وداعش معًا (Getty)

مدينة منبج هي مدينة سورية قديمة متوسطة الحجم والسكان "200 ألف نسمة في المدينة و200 ألف نسمة في الريف"، تقع في محافظة حلب وتتبع لها خمس نواحي وهي موطن الشاعر عمر أبو ريشة والشاعر البحتري لذلك تكنى أحيانًا بمدينة البحتري وتولى إمارتها في عهد الدولة الحمدانية الأمير الشاعر أبو فراس الحمداني. وهي مدينة ذات مكونات قومية ودينية متنوعة فيها نسبة كبيرة من العرب والشركس يليهم التركمان والأكراد والأتراك والأرمن، مسلمين ومسيحيين.

إرهاب شبيحة داعش في منبج

استولى تنظيم داعش على مدينة منبج منذ بداية عام 2013 ومنذ ذلك الوقت لم يرحم التنظيم لا الأحياء ولا الأموات. كل من يخالفه هو مرتد وكافر ويهدر دمه، وكان يقاتل الأهالي عبر إرهاب لا مثيل له. كانت دورياتهم تتجول في كل شوارع المدينة تلاحق من يشعل سيجارة أو امرأة بلا نقاب وكان يجري معاقبة الناس وتعذيبهم أمام حشود من أهالي المدينة الذين جرة جمعهم بالقوة ولا يستطيع أحد التخلف. هكذا جرى تدمير الآثار في المدينة ونهبت قلعة نجم الأثرية ونبشت القبور وجرى إزالة المقابر وفرضت ضرائب لا تحمل على الناس وأغلقت المدارس وتوقفت العملية التعليمية وأعدم وعذب المئات من الأهالي بتهم مختلفة أبدعتها العقلية السادية المريضة لهذا التنظيم.

كانت تظاهرات مدينة منبج التي خرج فيها الأهالي وأغلبهم من الشباب سابقة من نوعها في التاريخ السوري

وهكذا عاشت مدينة منبج كما تعيش المجتمعات التي يسيطر عليها داعش في حال صدام ثقافي وأيديولوجي وسياسي. تغزوعقول أبنائها أفكارغريبة. في مناطق شمال سورية، ابتلع التنظيم حلم الشباب بحياة حرة كريمة.

الإضراب الأول سنة 2014

بعد عام من سيطرة التنظيم على المدينة وريفها لم يعد الأهالي يحتملون هذا القمع القروسطي فأعلنت المدينة إضرابًا عامًا بتاريخ يوم الأحد 18 أيار/مايو 2014 وأغلقت المدينة محلاتها التجارية، بينما قام التنظيم بفك الإضراب بالقوة.

كان هذا الإضراب الأول من نوعه ضد التنظيم، وضد ممارساته وانتهاكاته بحق الأهالي، وقد قام التنظيم بإطلاق النار بشكل عشوائي على المحلات لفك الإضراب بالقوة وجرى اعتقال وتعذيب وإعدام العشرات أثناء ذلك.


التظاهرات السلمية الواسعة

استمرت انتهاكات التنظيم ضد سكان المدينة، كما استمرت التراكمات في صدور الناس، كان نتيجتها انفجار موجة تظاهرات واسعة في المدينة بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2016.

لقد استطاع تظاهرات الأهالي كسر الحصار المفروض عليهم من قبل التنظيم منذ عام 2014 وانتهت التظاهرات بطرد التنظيم نهائيًا من المدينة ودخول فصائل عسكرية من الجيش الحر وأبناء المدينة الموالي لقوات سوريا الديمقراطية التي يتزعمها الأكراد وهيثم مناع.

من تونس إلى منبج

لقد كانت تظاهرات مدينة منبج التي خرج فيها الأهالي وأغلبهم من الشباب سابقة من نوعها في التاريخ السوري، فقد جرى طرد تنظيم خلال يوم واحد، في الوقت الذي ينطلق فيه حراك اجتماعي وشبابي جديد في تونس عشية الثورة التونسية التي غيرت طريق العالم العربي وأعادت الشباب إلى الشوارع في موجات متتالية من الحركات والانتفاضات.

إن إمكانية قيام حركة شبابية جديدة وتظاهرات واحتجاجات سلمية جديدة في سوريا أمر ممكن فالواقع المرير هو من أنتج حراكًا جديدًا في مصر والعراق وتونس وستظهر حركات جديدة في كامل العالم العربي من جديد، ما زلنا في أول الطريق ولم ينتهِ نضال الشعوب بعد.

اقرأ/أيضًا:
هل سيحارب العالم داعش؟
داعش.. محاولة أخرى في اغتصاب فلسطين