23-مارس-2020

حولت قوات الإمارات ومليشياتها عدن إلى منطقة قتل وإجرام ورعب للسكان (أسكوس)

على وقع الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي وبين الحكومة الشرعية، الذي أدى إلى تغييب دور السلطة المحلية، تشهد مدينة عدن جنوبي اليمن، فلتانًا أمنيًا، ومواجهات مسلحة في العديد من الأحياء السكنية بين المليشيات الموالية للانتقالي، ناهيك عن جرائم الاغتيالات التي لم تتوقف منذ العام 2015.

انتشر الرعب وارتفع معدل الجرائم في عدن نتيجة ممارسات مليشيات أبوظبي

لا يكاد يمر أسبوع دون أن تشهد المدينة جريمة قتل أو اختطاف، أو اشتباكات، الأمر الذي قوض مضاجع السكان والنازحين الذين فروا من المناطق المحتدمة بالمواجهات بين الحوثيين وقوات هادي، فلم يعودوا يجدون من يؤمنهم من خوفهم، وينشر ثقافة السلام في عدن.

اقرا/ي أيضًا: وباء كورونا يعيد مصنع الغزل والنسيج باليمن إلى الواجهة

فلم يكن أمامهم سوى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر معاناتهم، علهم يجدون آذاناً صاغية، تعمل على وقف النزيف الدموي الذي تعيشه المدينة، حيث دشن سكان العاصمة المؤقتة عدن هاشتاج على مواقع التواصل بعنوان #مدينة_غير_صالح _للعيش،  يهدف إلى ايصال رسالة للعالم أن المدينة باتت تعيش ظروفًا بالغة التعقيد والصعوبة.

جاء هذا الوسم عقب مقتل ناشطين اثنين برصاص مسلحين مجهولين إعدامًا بعد اختطافهم، مساء الأربعاء الماضي.  واختطف مجهولون أحمد فؤاد اليوسفي المنسق السابق للهلال الأحمر الإماراتي في عدن وصديقه محمد طارق مساء الأربعاء بعد خروجهما من نادي رياضي لكمال الاجسام بمنطقة الدرين في المنصورة. ومساء الخميس عثر السكان على جثتي  الشابين قرب ساحل ابين بمنطة خور مكسر شمال غرب عدن.

أثارت الواقعة حالة من الرعب في أوساط الأهالي بعدن، فالمدينة تغرق منذ سنوات في أتون فوضى عارمة عطلت كل شيء.  وفي ذات السياق علقت هبة محمود متحسرة، بقولها من أقنع القتلة أنهم لن يموتوا ؟ وأضافت، "يارب قد ضاقت علينا أرضك".

من جانبها قالت نور السماء أنهم يريدون أن يجعلوا مدينة عدن غير صالحة للعيش بكل الطرق.  واستدركت بقولها، "لكن ما زلنا صامدين برحمة الله".  واختتمت حديثها بـ"حسبي الله ونعم الوكيل".

وفي ذات السياق قال وليد حداد أن مدينة عدن كانت السباقه بكل شىء بالفنون والتاريخ، لكن أصبح السكان لا يجدون من يحميهم ولا يجدون أبسط حقوقهم.  وأضاف بحزن وحسرة  "قتلوا كل شىء جميل حسبي الله ونعم الوكيل". 

"أيا من تبحث عن عدن! 

أكنت تبحث عن عدنٍ 

بلاد البندر المعهود؟

بلاد الحب والالوان والالحان 

قلّي هل هي المقصود؟

هذه بداية قصيدة قالها الكاتب اليمني محمد بن تركي بدأ فيها بوصف مدينة عدن وتاريخها العريق.  واختتم قصيدته متحسرًا على مدينته التي أصبحت ساحة للصراع حيث بات الساسة يريدون تقاسمها بينهم وكأنهم ورثوها من تركة أبائهم، بقوله:

ولكن للاسف ماتت 

بيوم زواجها المذكور

بلمحة عين قد صارت 

ماضٍ لم يعد مذكورْ

غزاها الجوعُ والوجعُ

وفي حكامها جشعُ

فكل من بحث عنها

 تعجبوا حين أن وصلوا

فعدن لم تعد عدن

وارضي لم تعد وطناً

وشعبي لم يعد يبدُ. 

منذ أن أنتهت الحرب  منتصف العام 2015، وحتى اليوم، لم نر يومًا  جميلاً داخل مدينة عدن يقول الناشط محمد الحبهي.  ويلفت محمد إلى أن كوارث البشر في عدن تعدت كوارث الطبيعة بمراحل وسنين ضوئية فكل يوم تشهد المدينة جرائم  قتل واختطاف واغتيال ناهيك عن الاشتباكات المسلحة والسرقات والتفجيرات، بالإضافة إلى البسط على أراضي الدولة والمواطن، كما تشهد المدينة تفشٍ حاد  للفساد والازمات وتشهد أيضاً تدمير لكل ماهو صالح للاستخدام الإنساني.

اقرا/ي أيضًا: في اليمن سيارة صُنعت بيدين عاريتين

ويرجع محمد سبب اضطراب الوضع في عدن إلى تقاسم السلطة بين الانتقالي والحكومة وتحالف الرياض وأبوظبي. كما قال الحبهي إن " عدن أصبحت غابة بكل ماتحمله الكلمة من معنى حيث أصبح السكان يعيشون حياتهم بالبَرَكَة، فهناك كبير ان يواجهوا القتل والاختطاف وهم يمشون على الرصيف أو يموتون برصاصة طائشة".  وطالب محمد بثورة جديدة ضد المفسدين والظالمين وتجار الحروب الذين يحكمون مدينة عدن، حتى لا تتكرر الجرائم السابقة. 

ويتهم الكثير من الناشطين المجلس الانتقالي  بالوقوف وراء تردي الأوضاع الأمنية، بل ان قوات الحزام الأمنية ومدير أمن عدن السابق شلال شائع متهمون بالوقوف وراء العديد من جرائم القتل والاختطاف والاغتيالات بعدن.  

وفي ذات السياق تقول منهل خليفة، أنه يحز في نفسها أن تقول مدينة عدن التي تعتبرها محبوبتها بأنها غير صالحة للعيش.  عجزت منهل عن التعبير ولكنها استعانت ببعض أبيات من شعر محمود درويش، والذي يقول فيها 

"مـاذا بعد؟ ماذا 

يفعلُ الناجون بالأرض العتيقة؟

هل يعيدون الحكايةَ؟ ما البدايةُ؟

ما النهايـةُ؟ لم يعد أحَدٌ من 

الموتى ليخبرنا الحقيقة.." 

***

"عُدْ يا موت وحدَك سالماً،

فأنا طليق ههنا في لا هنا

أو لا هناك. 

عُدْ إلى منفاك

وحدك. 

عُدْ إلى أدوات صيدك وانتظرني عند باب البحر."

واختتمت منهل خليفة حديثها، "حاولنا بذل قُصار جهدنا لنكون إيجابيين متفائلين متغافلين الموت المحدق بنا،  والسائر جنبا إلى جنب معنا كل يوم، لكننا سنستمر في رفع الراية فالمسألة مسألة وقت ليس إلا، وكما يقول أجدادنا في عدن "الذي عمره بالمائة لن يموت بالسبعين". 

أما الناشطة اليمنية شفاء الناصر فوصفت ، مدينة عدن بالحزينة والتي تتألم بصمت  بعد ان حولها تتار القرية، والجياع القادمون من غبار التاريخ- في إشارة لقيادة المجلس الانتقالي- إلى مدينة غير صالحة للعيش‬.

هكذا تعيش عدن، وإلى مثل هذا الحال الموصوف أعلاه آلت أحوالها وأحوال ساكنتها، تحت وطأة التعسف والاعتداء الإماراتي المباشر وغير المباشر عليهم وعلى مدينتهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمن وهواجس "كورونا".. خوف ضمن مخاوف

ماذا قال السفير السعودي ليثير عاصفة غضب في اليمن؟