07-مايو-2018

الروائي ضياء جبيلي

ألترا صوت - فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


ضياء جبيلي روائي وقاص من العراق. يقيم في مدينة البصرة. من رواياته: " لعنة ماركيز" و"بوغيز العجيب" و"تذكار الجنرال مود" و"أسد البصرة" و"الاسم على الأخمص". ومن مجموعاته القصصية: "وجه فنسنت القبيح" و"حديقة الأرامل" و"ماذا نفعل بدون كالفينو؟".


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

ولدت في منزل يحتوي على مكتبة عائدة إلى شقيقي، ورغم ذلك كانت علاقتي مع الكتب في الصغر سيئة، إلى درجة أني كنت أطعنها بسكين مقرضة أظفار. أتلفت الكثير منها، ولك أن تتخيل طفل في السادسة أو السابعة من عمره، يخدش بسكينه بودلير وماركيز وهمنغواي وشتاينبك وغيرهم، لا لأجل شيء سوى تلبية لنزوة صبيانية تتسم بالعنف تجاه ما هو ثقافي وأدبي، حتى بلغت الرابعة عشرة وتحسنت علاقتي مع الكتب عند قراءة أول كتاب وهو "المسخ" لكافكا. حينئذ، بدأت أتعامل مع الكتاب على نحو شكل الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل في القراءة. وأيًا كان مسمى معاملتي القاسية مع الكتب في الطفولة، يمكنني اعتبار تلك القسوة هي الباب الذي دخلت منه إلى عالم القراءة، عندما جربت الاقتراب بعدها من الاشياء التي كنت أظن أني أكرهها مثل الكتب. كان حدثًا استثنائيًا أن أقرأ كافكا في مثل هذا العمر، ولم تقف خيبات الأمل التي جاءت بعدها (كنت آمل أن تكون كل الروايات على نفس الوتيرة التي كانت عليها رواية كافكا) في طريق قراءات أخرى.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

لقد أثرت رواية "المسخ" فيّ كثيرًا، فما أن قرأت استهلالها العظيم، حتى عرفت معنى أن تكون الروايات في حياة المرء، وأدركت أن أغلب استئناسي سيكون عن طريق الكتب. ثم جاء كالفينو بعدها، من خلال ثلاثيته، ليعلمني البساطة والعمق في آن معًا، ثم ثرفانتس ورائعته "دون كيخوته"، ثم خوان رولفو وروايته "بيدرو بارامو". "الشيخ والبحر"، و"الصخب والعنف"، و"مائة عام من العزلة". ومن نساء الروايات، كان لـ"آنا كارنينا" و"مدام بوفاري" أعظم الأثر في تكوين طريقتي لبناء شخصية المرأة المعقدة والمليئة بالأسرار.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

هناك كتّاب نقرأ لهم، ولا يكون بالضرورة أن يكون لهم تأثير في تكويننا الكتابي. لكنهم من جهة أخرى، نعدهم كتابنا المفضلين، فدائمًا تستهويني القراءة لكونديرا ويوسا وجون فاولز ودون ديليلو وتوني موريسون وسلمان رشدي، ولعل أكثر من أفضلهم ولا أتأخر لحظة في قراءته هو فيليب روث وبول أوستر، ومؤخرًا كازو ايشيجورو. ومن بين الثلاثة أفضّل أوستر، لأنه يعتمد مقولة كل شيء جائز في الرواية في كتابته، بالإضافة إلى كونه أكثر من حفّز تطلعاتي إلى كتابة رواية ما بعد حداثية، بأسلوب بوليسي من دون الاضطرار إلى اعتبار ما أكتبه روايات جريمة.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

غالبًا نعم، فأنا وبعيدًا عن كوني أكتب، أعد نفسي قارئًا منتجًا، وبطبيعة الحال القارئ المنتج يدون ملاحظاته، واكتشافاته أثناء القراءة، وبالتالي، قادتني هذه الطريقة إلى نوع من الكتابة يُدعى الكتابة على الكتابة، أو الطروس كما يُسمى عربيًّا، أو التناصية التي تختلف عن مفهوم التناص المعروف. وأكثر ما يغريني في ذلك هو رصد تأثير وتأثر الكتّاب ببعضهم، عبر الأجيال.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

نوعًا ما نعم. فمن عاداتي عند الحصول على كتاب ورقي أن أشمه، كما لو أن ثمة رائحة تميز كتابًا عن الآخر، رغم أن رائحة الورق واحدة، لكنها تختلف في الكتب القديمة، التي تتغير رائحتها بتقادم الزمن. مثل هذا الشيء لا يحدث مع الكتب الالكترونية، التي يضطرني عدم توفرها ورقيًّا إلى قراءتها. هناك فرق بين الاثنين، فالكتاب الورقي علاقتي معه أكثر حميمية، وأشعر كما لو أنه صديق يحدثني وجهًا لوجه، عكس الكتاب الالكتروني الذي يحدثني دائمًا من وراء الزجاج، أي أن ثمة حاجز وإن يكن مرئيًّا ما وراءه، لكنه يبقى حاجزًا في النهاية، وتشعر حياله بالضيق وأن تقرأ. وفي النهاية، أنا من أنصار نظرية إيكو باستحالة موت الكتاب الورقي، وأرتاح كثيرًا لوجودي بين دفتي كتاب كهذا، تشعر أن له طعم تتذوقه وأنت تغرق في القراءة.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

أحب الكتب كثيرًا، لكني دائمًا ما أكون مهملًا وكسولًا في ما يتعلق بمسألة الترتيب، وإعداد مكتبة مثالية من حيث الشكل. فتجد الفوضى في كل مكان، وبما أن مشغلي صغير، تبعثرت الكتب في عدة أماكن من البيت. لكني دائمًا ما أجعل الكتب التي أظنني احتاجها تحت اليد، أو تلك التي لا تفارقني فكرة العودة إليها. فمثلًا، هناك حيز صغير على الطاولة مخصص للحاسوب، في حين تشغل الكتب بقية المساحة. كتب تقبع على جانبيّ على الأرض، كتب أمامي، كتب على رفّ خاص أشبه بذلك الذي تُعرض عليه الكتب الأكثر مبيعًا، لكنها عندي الكتب الأكثر قيمة وقراءة.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

"التلال الشاحبة" لكازو ايشيجورو، وهو استعارة من صديق، بعد ان اقتنيت قبله "عندما كنا يتامى"، و"فنان من العالم الطليق"، و"من لا عزاء لهم"، وجميعها لإيشيجورو.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة علي رياض

مكتبة أزهر جرجيس