09-سبتمبر-2018

الكاتب والمخرج دلير يوسف (تصوير: دانيل فايجل)

ألترا صوت - فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُه الورق، ولغته الخيال.


دلير يوسف كاتب ومخرج سينمائي من سوريا، مقيم في العاصمة الألمانيّة برلين. أخرج العديد من الأفلام السينمائية منها: منفى، حبل غسيل، بانياس: البدايات، أمراء النحل. له كتاب مطبوع بعنوان "حكايات من هذا الزمن". ينشر مقالاته ونصوصه في العديد من الدوريات العربيّة.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

لم آتِ إلى عالم الكتب. لقد ولدت بين الكتب. كانت في بيتنا مكتبة كبيرة جدًا. عائلتي كلها تقرأ. لا أتذكر نفسي دون قراءة. كان في بيتنا نقاش وحوارات ثقافية دائمة؛ أمي هي الشاعرة العراقيّة خديجة السعدي. وعمي هو المترجم هفال يوسف. وأخواي صحفيان، لذا كان الحديث عن الكتاب والثقافة بشكل عام دائم الحضور في بيتنا.

بدأت القراءة صغيرًا جدًا. كتب أطفال ومن ثم كتب قصص الألغاز وقصص أرسين لوبين اللص الظريف، وقصص أجاتا كريستي، ومن ثم بدأت قراءة الكتب التي يقرؤها الكبار في العمر. ربما كنت في الثانية عشرة من عمري حين بدأت قراءة "كتب الكبار".

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

والداي وثلاثة من أعمامي درسوا في دول الاتحاد السوفييتي، لذا كان من الطبيعي أن أكبر وأنا أقرأ كلاسيكيات الأدب الروسي. كانت رواية "الأم" لمكسيم غوركي هي أول ما قرأت وفتحت لي الباب لذلك الأدب العظيم.

الشاعر والمسرحي الألماني برتولت بريشت كان له عظيم الأثر على الانفتاح على الأدب الألماني المقاوم للنازيّة، خاصة بقصائده القويّة المقاومة.

كتب فرويد كانت المدخل إلى قراءة اختصاصات علم النفس وعلم الاجتماع والتحليل النفسي مما ساعدني بعد سنوات طويلة على العثور على كتاب "التخلف الاجتماعي، مدخل إلى سيكولوجيا الإنسان المقهور" الذي يشرح لنا كيف وصلت مجتمعاتنا إلى الخراب الذي تعيش فيه حاليًا.

في هذه العجالة سأذكر أيضًا روايات إلياس خوري، ورواية "الحارس في حقل الشوفان" للروائي الأمريكي جيروم ديفيد سالينغر، وقصائد محمود درويش، ورواية غابرييل غارسيا ماركيز "مئة عام من العزلة"، وما كتبه سليم بركات.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

من الصعب تحديد كاتب واحد مفضل. يوجد كثر لكن وإن كان لا بدّ لي من التحديد فسأختار سليم بركات بكل تأكيد. لا أذكر أنّني أحببت أو تأثرت بما يكتبه أحد مثلما فعلت مع ما كتبه سليم بركات. القراءة متعة؛ ومتعة قراءة الكلام الذي يكتبه بركات لا تضاهيها متعة.

أصبح كذلك -أي كاتبي المفضل- لأنّ لغته عظيمة وهو قادر على إعادة تشكيلها وصياغتها بعدد لا نهائي من المرات. خياله قادر على تشكيل عوالم لا تنتهي. قادرٌ هو على قص حكايا كثيرة بطرق مبهرة. شعره يأخذك إلى عالم آخر، وما الشعر غير ذلك؟

سليم بركات حالة استثنائية، فرادة واستثنائيّة رهيبة.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

عادة لا أكتب على صفحات الكتاب أي شيء. أحب أن يبقى الكتاب مثلما هو. أعتني بالكتب وكأنّها أولادي. لكن في أحيان قليلة جدًا أنقل بعض السطور من هنا وهناك على دفتر صغير أحمله معي دائمًا.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

لا. القراءة هي القراءة والمتعة هي المتعة لا تختلف. لكنني أحب الكتاب الورقي أكثر. مريح أكثر للقراءة. ولأنّني لستُ من محبي التكنولوجيا رغم عمري الصغير نسبيًا، فأنا لا أملك أجهزة لوحيّة تسهّل القراءة. كلّ ما لدي هو كمبيوتر. لذا فالجلوس دائمًا على طاولة والقراءة متعبة بالنسبة إلي، لذلك أحاول دائمًا الحصول على الكتب الورقيّة.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

مكتبة بيتنا في الشام بقيت في الشام مهجورة لا أحد يعتني بها. أثناء تنقلاتي في بلاد الله الواسعة حاولت إنشاء مكتبة، ولو صغيرة، في كلّ بيت أقمت فيه، لكنّني لم أنجح في ذلك سوى في بيروت. بعد انتقالي للعيش في برلين فقدت كتبي البيروتيّة. بقي منها حوالي عشرة كتب. ضاعت الكتب الأخرى وهي تنتقل من مكان إلى مكان آخر ومن يد إلى أخرى. أتمنى أن يستمتع من حصل على كتبي بقراءتها.

في بيتي الحالي في برلين مكتبة تكبر شيئًا فشيئًا. أحب هذه المكتبة جدًا وأنا مرتبط بها جدًا، ربما لأنّني بنيتها بيديّ. اشتريت الخشب وصممت المكتبة، بمساعدة شريكتي، وبنيتها.

عادة لا أحب البيوت الخالية من المكتبات.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

مثل الكثيرين، أقرأ أكثر من كتاب في وقت واحد. حاليًا أقرأ رواية "هذا الجسد" للكاتبة الألمانيّة كريستا فولف، كما أقرأ كتاب فريدريش نيتشه "هكذا تكلم زرادشت". كنت قد قرأت مقاطع من هذا الكتاب سابقًا، لكنني وأخيرًا قررت قراءته كاملًا. كما أنّني أقرأ الأعمال الشعريّة الكاملة لسليم بركات. في الحقيقة أنا في قراءة دائمة لسليم بركات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة عصام نصار

مكتبة ممدوح عزام