20-يناير-2018

يمثل ترشح سامي عنان إرباكًا حقيقيًا للسيسي (MEMO)

أعلن سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية حتى عام 2012، وأحد مستشاري الرئيس المعزول محمد مرسي، ترشحه للرئاسة، في خطاب ملفت ومثير للانتباه نشر على صفحته الرسمية بعد منتصف ليل أمس الجمعة.

ينتمي سامي عنان إلى جيل عسكري شارك في حروب فعلية، ولم يُقدم تنازلات كبيرة متعلقة بالأرض كما فعل السيسي

وهناك عدة نقاط مهمة يمكن إلقاء الضوء عليها، بعد إعلان عنان رسميًا الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر.

اقرأ/ي أيضًا: خلفاء السيسي المحتملين.. 6 مرشحين لرئاسة جمهورية الجنرال

في البداية فإن سامي عنان رجل عسكري خاض حروبًا بالفعل، أي أنه شارك في حرب الاستنزاف وكذلك شارك في حرب 6 تشرين الأول/أكتوبر 1973، وهو من المدرسة القديمة في الجيش المصري، وهي المدرسة التي يُطلق المدرسة السوفيتية، التي ينتمي إليها المشير طنطاوي، وهي على صرامتها وكلاسيكيّتها، بل تحالفها مع الولايات المتحدة بعد اتفاقية كامب ديفيد، لم تُبد رغبتها في تنازلات كبيرة في ملفات مهمة، متعلقة بالأرض بشكل أساسي، على عكس ما فعل السيسي الذي قدم خدمات جليلة للولايات المتحدة وإسرائيل فيما يخص تفريغ رفح وهدم الأنفاق، بل السماح للتدخل الإسرائيلي في سيناء، ناهيك طبعًا على قضية تيران وصنافير. وعلى ما يبدو، فإن المدرستين ليستا على توافق صريح فيما يخص هذه الملفات تحديدًا.

النقطة الثانية هي أن عنان، البالغ من العمر 69، وعلى الرغم من انتمائه إلى ذات المؤسسة العسكرية المسيطرة بالحديد والنار على مفاصل الدولة منذ ستين عامًا تقريبًا، يُعطي انطباعًا بقدرته على الاستماع لغيره من الأصوات المُفكّرة. لقد كان خطاب ترشح عنان لافتًا ومهمًا لمن أصابهم الإرهاق من الخطابات الفارغة من المعنى، التي يطلقها السيسي منذ عدة أيام في مؤتمر حكاية وطن، خاصة تلك المتعلقة بـ"من شبعوا بعد جوع"!

 

خطاب عنان.. الضرب على أوتار فشل السيسي 

الغريب في الأمر أن الخطابان اللذان خرجا من المؤسسة العسكرية، سواء من أحمد قنصوة، الذي بدا متميزًا إلى حد كبير، إلى درجة أربكت متابعي المشهد الانتخابي، وخاصة فئة غير المتكثرين، أو خطاب عنان المتماسك اللافت.. وكلاهما يجدان أن هناك في المؤسسة العسكرية أجنحة متصارعة، بعضها يُرجع وجود السيسي في الرئاسة إلى شبكة العلاقات والمصالح الداخلية والخارجية المستفيدة من بقائه في الحكم، وغير المتضررة من سوء إدارته لملفات حيوية في البلاد.

 يرى البعض أنه يجب إعطاء فرصة أخرى لوجه أكثر خبرة وحنكة من السيسي، بإمكانه إصلاح بعض ما أفسدته سوء الإدارة الحالية

وبعضها الآخر يرى أنه يجب إعطاء فرصة أخرى لوجوه أكثر خبرة وحنكة من السيسي، يمكن أن تصلح بعض ما أفسدته سوء الإدارة الحالية، ولا محيص أيضًا من إدراج بعض العبارات السحرية، التي تجتذب بعض المحتاجين إلى سماعها، مثل حديث عن الحقوق والحريات، وغيرها من الكلمات المفتاحية التي بدأ النظام في الترويج لكون الحديث عنها يرمي إلى "إسقاط الدولة".

اقرأ/ي أيضًا: "محدش هيترشح هنا".. فوبيا النظام المصري من المرشحين للرئاسة أمام الجنرال

وعلى ما يثيره حديث ممثل من المؤسسة العسكرية في مصر عن الحريات وحقوق الإنسان، من سخرية وشعور بالتناقض، إلا أنها لفتة ذكية، تخلخل المشهد المتجمد وتربك النظام الحالي الذي يرى أن وصوله إلى السلطة لن يقف في طريقه جامعو توكيلات خالد علي أو حتى المعرضون عن الانتخابات بالكلية.

كما بدا أيضًا أن مغازلة عنان للقوات المسلحة أمرٌ ضروري لتماسك الخطاب، عند قوله: "فضلا عن تآكل قدرة الدولة المصرية على التعامل مع ملفات الأرض والمياه وإدارة موارد الثروة القومية، وعلى رأسها المورد البشري، وما حدث كل ذلك إلا نتيجة سياسات خاطئة حمّلت قواتنا المسلحة وحدها مسؤولية المواجهة دون سياسات رشيدة تمكن القطاع المدني بالدولة من القيام بدوره متكاملًا مع دور القوات المسلحة".

وهو ما يعني أنه صوت من داخل المؤسسة العسكرية يرى أن للجيش في مصر دور هام في العمل السياسي، ولكنه دور تكميلي وليس سيادي، كما يراه النظام الحالي الذي صرح على لسان السيسي في أكثر من مناسبة عن منافسة القوات المسلحة للقطاع المدني في الإنتاج والثروة الحيوانية، وإنشاء الطرق وغيرها.

الهجوم على عنان من تاريخه الوظيفي

بصفة شخصية، وبحكم مراقبتي للوضع السياسي في مصر الذي لا يأتي بجديد ولن يأتي بجديد طالما أننا ندور في حلقة مفرغة من الاستقطاب، فالحقيقة أن دخول عنان السباق الرئاسي لم يلفت نظري بصفته مرشحًا رئاسيًا، بل ما لفت النظر هو "اللعبة الحلوة" التي يواجهها السيسي الآن في مقابل عنان، فعنان ليس قنصوة حتي يغيب وراء الشمس كما حدث مع الأول الذي حُكم عليه عسكريًا بالحبس ست سنوات مع الشغل والنفاذ بدعوى "نشر مقطع فيديو يتناول فيه بعض الآراء السياسية بالمخالفة للتعليمات والأوامر العسكرية"، وهو مقطع الفيديو الذي أعلن فيه عن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

بدأت اللجان الإلكترونية الداعمة للنظام بمهاجمة ترشح عنان مع التركيز على أنه مرشح جماعة الإخوان المسلمين، من خلال بث صور على الإنترنت تعود إلى فترة عمله في عهد مرسي رئيسًا لأركان، على الرغم من أن السيسي نفسه كان وزيرًا للدفاع في عهد مرسي بل هو الذي عينه لذلك المنصب.

اللافت حقيقة في ترشح عنان، ليس ترشحه نفسه، وإنما "اللعبة الحلوة" التي سيواجهها السيسي في مقابل عنان

عمومًا ما يجري على الساحة اليوم في الانتخابات الرئاسية، ما هو إلا صراع لأجنحة مختلفة داخل الدولة، تتصارع على الكرسي الأكبر في مصر. هناك الكثير من الأسئلة اليوم عن عنان كلاعب جديد في المشهد الانتخابي المصري، لكن الغد كفيل بالرد عليها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 هل يصلح خالد علي رئيسًا للجمهورية؟

لماذا لا أدعم ترشح خالد علي وأجده مثيرًا للسخرية؟