19-سبتمبر-2016

الطفل محمد أشرف

في بلد يكره الموهوبين، يكره الجمال، ويعشق الوهم.. لا بد أن تقرأ قصة محمد أشرف. طفل عمره 10 سنوات، يدخل اختبارات القبول بمعهد الكونسرفتوار "قسم البيانو". داخل قاعة الاختبار، ينال إعجاب وتصفيق آمال الشاهد، رئيس القسم، والحكم الوحيد، التي رفضت قبوله. صفّقت آمال، ورسب محمد في الالتحاق بأهم معهد موسيقي في مصر.

هل باتت مصر بلدًا يكره الموهوبين، يكره الجمال، ويعشق الوهم؟

ما لي أروي والقصة الكاملة لدى أشرف عبد الشافي، والد محمد، الذي "شاطت" دكتورة الموسيقى أحلامه في مرمى الخصم. توجّه عبد الشافي بالسؤال عن لغز عدم قبول "محمد" إلى كثيرين، فكانت الإجابة: "لأن الدكتورة آمال الشاهد سألته: من درّس لك بيانو؟.. فقال متهللًا بطفولية: دكتور عفاف.. وهنا تحوّلت الأولى إلى كتلة غضب انفجرت في وجه الصغير، الذي درس برنامجًا كاملًا لمدة شهرين في (الصولفينج والعزف) حتى يكون مؤهلًا لدخول المعهد ولا يحتاج واسطة أو فسادًا مبينا يلاحقه في الكبر".

اقرأ/ي أيضًا: رنا حتاملة.. معارك الفن الملتزم

فوجئ محمد بنفسه ضحية "كيد نساء" متورّم من الدرجة الأولى وفي مراحل متأخرة بين أستاذتين في "الكونسيرفتوار" -آمال وعفاف- بينهما خلاف امتدّ لأكثر من عامين ونصف، وتجسّد الخلاف في أصابع الطفل البريء لا لشيء إلا لأنه تعلّم العزف على يد العدوة اللدودة لرئيس قسم البيانو.

ما الذي دار في ذهن أستاذة الموسيقى قبل رفض محمد بقليل؟.. يقول عبد الشافي: "افترضت السيدة الدكتورة آمال الشاهد، رئيس قسم البيانو بمعهد الكونسير، إن (العيل) اللي قدامها واللي شاطت أحلامه بحذائها ماعندوش أب يقدر يجيب له حقه من أمعاء وأحشاء أي عدو للحياة والفن في مصر".

ثم.. "تصوّرت الدكتورة آمال أنها تستطيع أن تهدم طريقًا اختاره هذا الموهوب لنفسه، ومن أجله كان يذهب من الشيخ زايد إلى الهرم ثلاث مرات في الأسبوع لتعلم العزف والصولفينج". يتساءل عبد الشافي: "هل هناك لجنة اختبارات مكوّنة من شخص واحد؟". حمل سؤاله إلى مدير المعهد، مصطفى جرانة: "حصلت على رقم الدكتور مصطفى جرانة وفوجئت بأن الرجل قد عرف تفاصيل القصة، أنه بصدد تصحيح الخطأ، فحمدتُ الله كثيرًا وشعرتُ بأن الانتصار للحق لا يحتاج سوى الثقة في عدالة القضية التي تدافع عنها، وشعرتُ أيضًا أن هناك كبيرًا يمكن الاحتكام إليه". 

والنتيجة.. "اتصل مدير المعهد، وأكد أن الخطأ سيتم تصويبه، والقصة لا تستحق كل هذه الضجة، وطلب رؤية محمد بنفسه وسماع عزفه على البيانو حتى يتمكن من اتخاذ قرار الاستثناء".

فوجئ الطفل الموهوب محمد بأنه ضحية "كيد نساء" متورّم من الدرجة الأولى وفي مراحل متأخرة بين أستاذتين في "الكونسيرفتوار" في القاهرة

اقرأ/ي أيضًا: عيد الأضحى... موسم أفلام سوبر كوميدي

في اللحظة المناسبة وصل محمد شاعرًا بثقل الموقف على أعوامه العشرة، التي لم تقوِّ كاهله بما يكفي لتحمّل المصائب، التي يحسبها الآن "آخر الدنيا". في الموعد استقبل "جرانة" في مكتبه، واستأذنه هو ووالدته لإنهاء إجراءات الاستثناء، وبعد دقائق عاد إليهما وبصحبته خمس سيدات من مدرسات وأساتذة في المعهد وطلب من محمد أن ينتظر بالخارج.. مرّ الوقت ثقيلًا.. وبعد دقائق أخرى جاءت الدكتورة آمال الشاهد ليتحول الثقل إلى كآبة بين عيني ابن العشر سنوات، الذي يتابع ضياع حلمه في مشهد النهاية: "وجد محمد نفسه وسط مجموعة تتجاوب مع بعضها البعض، فهذه تهادن تلك وتلك تجامل هذه، والدكتور مصطفى جرانة يدير الجلسة، ولم يختبر محمد ولم يسمعه، وجاء بالخصم (الدكتورة آمال الشاهد) لإصدار الحكم، فلا يزال القرار بين يديها حتى الآن.. وكان واضحًا أنها تريد الانتقام". 

وانتقمت.. ورفضت "محمد" مجددًا.. ليفشل المدير في إنقاذ حلم صغير وجد مشنوقًا بأمعاء "كيد النساء". وتكتمل بمشهد النهاية تفاصيل فضيحة جديدة في "الكونسرفتوار".

اقرأ/ي أيضًا:

"نمنمة" الثقافة المصرية تبدأ بجريدة "مسرحنا"

"مونتي".. القصة الكاملة لـ"سمسار" حسني مبارك