05-مارس-2016

كان مشروع "سما دبي"، من تمويل إماراتي، أضخم مشاريع تونس الكبرى، لكنه بقي حبرًا على ورق(فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

"مدينة القرن"، و"المرفأ المالي بتونس"، و"مدينة الثقافة بتونس"، و"المدينة الرياضية بتونس"، و"منتجع توزر الصحراوي"، هي أسماء لمشاريع كبرى سبق الإعلان عنها بتونس منذ سنوات، غير أنها بقيت حبيسة الأدراج أو يجري تنفيذها ببطء بعد سنوات من التجميد وذلك في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وتردّي مناخ الاستثمار.

في تونس، بقيت عديد المشاريع حبيسة الأدراج أو يجري تنفيذها ببطء بعد سنوات من التجميد في ظل تواصل تردي مناخ الاستثمار بالبلاد

هي مشاريع ضخمة جلّها بتمويل خليجي قيل إنها ستجعل تونس قطبًا اقتصاديًا على ضفاف المتوسّط، وستوفّر مئات الآلاف من مواطن الشّغل خاصّة لأصحاب الشهادات العليا، لكنها لا تزال وعودًا مُنتظرة وحبرًا على ورق، خاصة أن البعض منها لا يزال مجمّدًا منذ وضع حجر الأساس.

اقرأ/ي أيضًا: تونس.. تعددية بدائل التغيير وتكثيفها

ويمثّل مشروع "مدينة القرن"، والذي يُعرف أكثر بمشروع "سما دبي"، نسبة للشركة الإماراتية المموّلة له، أضخم مشاريع تونس الكبرى، حيث أحدث صخبًا كبيرًا سنة 2007 حينما تم الإعلان عنه. وقد قُدّرت قيمته حينها بـ25 مليار دولار، ويتمثل في بناء مدينة عصرية تتسّع لـ350 ألف ساكن على الأقل وذلك على مساحة 830 هكتارًا.

وقد شهد هذا المشروع تعطيلات منذ ما قبل الثورة بعد تجميد الشركة الإماراتية له إثر الأزمة المالية العالمية سنة 2008. وإثر اندلاع الثورة، تواصل تجميد المشروع وسط ما تمّ تداوله حول وجود خلافات بين الطرف التونسي والشركة الإماراتية حول مراجعة بنود الاتفاقية التي تمنح امتيازات كبيرة للشركة مقابل التزامات محدودة لها، وذلك في ظل وجود وعود إماراتية بالانطلاق في تنفيذ المشروع في السنة الجارية.

وفي نفس السياق، يتحدث مراقبون عن وجود تلكؤ من الشركة الحكومية الإماراتية في تنفيذ المشروع لغياب إرادة سياسية إماراتية للاستثمار بتونس في فترة الانتقال الديمقراطي. شهدت العلاقات التونسية-الإماراتية توترًا شديدًا في السنوات الأخيرة وقد بلغ ذروته باستدعاء السفير الإماراتي بتونس سنة 2013 إثر موقف رئاسة الجمهورية التونسية من الانقلاب العسكري بمصر.

كما يمثل، من جهة أخرى، مشروع "المرفأ المالي بتونس" أحد أضخم المشاريع المنتظرة. فقبل قرابة سنتين من اندلاع الثورة، قام المخلوع بن علي بوضع حجر الأساس لهذا المشروع، الذي يموّله "بيت التمويل الخليجي" و"بنك الاستثمار الإسلامي". وقُدّرت قيمة هذا المشروع الضّخم، الذي قيل إنه سيغيّر وجه العاصمة، بمبلغ إجمالي في حدود ثلاثة مليارات دولار، وفق ما أعلن عنه حينها.

اقرأ/ي أيضًا: هل سيبقى العمل في الخليج حلمًا؟

وبعد تجميده لسنوات، أعلنت الحكومة التونسية قبل سنتين توقيع اتفاقية مع المموّلين لاستئناف إنجاز المرحلة الأولى من المشروع. وخلال زيارة الرئيس السبسي للبحرين الشّهر الفارط، تحدث الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية التونسية عن وجود اتفاق مع المسؤولين البحرينيين لتفعيل آليات الاتفاقية الموقّعة حول المشروع.

تبقى هذه المشاريع الكبرى الأمل المنتظر لإنعاش الاقتصاد التونسي ولدفع عجلة النمو 

ومن جانب آخر، لا تزال الأرض المخصّصة لبناء "مدينة الثقافة بتونس" على حالها حيث تبدو البناءات القديمة فيها كـ"خرابة" في قلب العاصمة. وقد أعلن المخلوع بن علي عن نية إنجاز المشروع منذ بداية التسعينيات غير أنه لم يتم فتح باب المناقصات إلا سنة 2006 لتتولى شركة تشيكية إنجاز المشروع، في صفقة تحوم حولها شبهات فساد.

وكان من المفترض إتمام المشروع حينها بعد سنتين فقط، ليشهد تعطيلات حتى قامت الحكومة التونسية سنة 2015 بفسخ العقد وفتح طلب عروض جديد. ولتبقى مدينة "الأحلام" حلمًا منتظرًا، في ظلّ الخشية أن تتحوّل إلى كابوس، أو ربما أصبحت فعلًا كذلك.

وتسعى الحكومات التونسية المتتالية منذ الثورة إلى إنجاز هذه المشاريع الضخمة، خاصة وأن أغلبها تأتي في إطار الاستثمار الأجنبي، وذلك لتجاوز الركود الاقتصادي وامتصاص نسب البطالة المرتفعة. حيث من المخطط أن يحقق مشروع "مدينة القرن" على سبيل المثال نموًا بنقطة سنويًا على الأقل مع توفير 150 ألف موطن شغل على الأقلّ. وبذلك، تبقى هذه المشاريع الضخمة الأمل المنتظر لإنعاش الاقتصاد التونسي والدفع بعجلة النّمو.

اقرأ/ي أيضًا:

هل يودع العرب "زمن النفط الجميل"؟

كهول في أوروبا شباب في الخليج؟