تحدث تقرير نشرته وكالة الأسوشيتد برس عن أن زراعة التبغ عادت لتزدهر من جديد في زيمبابوي حيث بدأت المزادات بدفع أسعار مميزة لقاء تصدير منتجات التبغ. لكن العديد من صغار المزارعين يشتكون من أنهم أصبحوا فقراء بسبب التجار الوسطاء الذين يستدرجونهم إلى فخاخ الديون. ومن هؤلاء المزارعة روزماري دزودزا التي تحدثت عن تجربتها للأسوشيتد برس قائلة "سافرت مسافة 200 كيلومتر متوجهة إلى العاصمة هراري، ومعي محصول التبغ حيث كنت آمل أن يكون يومي جيدًا وأن يباع محصولي بسعر جيد". لكن انتهى الأمر بالمزارعة روزماري، البالغة من العمر 60 عامًا، إلى أن تنام في العراء لمدة أسبوعين في انتظار دفع ثمن محصولها من قبل التاجر. وعندما جاء المال في النهاية، حصلت على جزء صغير من المبلغ الذي بيع به تبغها في المزاد. وأضافت روزماري "بيع التبغ الخاص بي بمبلغ 7 آلاف دولار، لكنني سأعود إلى المنزل فقط بأقل من 400 دولار". كما أشارت إلى أن بقية المبلغ ذهبت إلى التاجر الذي كان قد منحها قرضًا لدفع ثمن الأسمدة والبذور والعمالة والحطب للمعالجة، وحتى المواد الغذائية المنزلية بموجب مخطط الزراعة التعاقدية. هذا بالإضافة إلى سداد القرض مع الفائدة، لذلك كانت دزودزا ملزمة ببيع محصولها للتاجر بالسعر الذي حدده، ليقوم التاجر بعد ذلك ببيع التبغ لمن يقدمون أعلى العروض في المزاد أو للتجار الأكثر ثراء، ومعظمهم من المشترين الذين سيصدرون المحصول إلى الصين.

شهدت زراعة التبغ في زيمبابوي تحولات كبيرة بعد عام 2000، عندما بدأ أنصار روبرت موغابي في الاستيلاء على المزارع المملوكة للمزارعين البيض

ضمن هذا الإطار قال رئيس جمعية التبغ في زيمبابوي، جورج سيرموي، في تصريحات نقلها موقع إيكويتي إنسايدر "تفرض فوائد مرتفعة على قروض المزارعين، ويقع العديد منهم فريسة لمقاولين مفترسين"، وأضاف "إنها مغامرة خاسرة. المزارع مدين دائمًا للتاجر لأنه بمجرد سداد القرض، عليه أن يأخذ قرضًا آخر. وهكذا سنة بعد سنة، يظل المزارعون مثقلون بالديون"، وتابع بالقول "إن البعض يخسر الماشية، وتعتبر ثروته الوحيدة، حيث يصادرها التجار بعد الفشل في سداد القروض بسبب ضعف المحاصيل، في حين أن التجار غير الأخلاقيين يمثلون أيضًا تهديدًا خطرًا على المزارعين".

اقرأ/ي أيضًا: إدانات صحفية وحقوقية لفصل صحافية من الأسوشيتد برس بسبب "دعمها للفلسطينيين"

وقد شهدت زراعة التبغ في زيمبابوي تحولات كبيرة بعد عام 2000، عندما بدأ أنصار روبرت موغابي في الاستيلاء على المزارع المملوكة للمزارعين البيض، من نسل المستوطنين الأوروبيين، في كثير من الأحيان بالعنف، الأمر الذي أدى إلى  انخفاض إنتاج التبغ، وانخفض محصول التبغ المعالج بالمداخن منذ عام 1998 عندما بلغت كميته 260 مليون كيلوغرام إلى 50 مليون كيلوغرام فقط في عام 2008، ثم عاد وانتعش الإنتاج الزراعي في العشر سنوات الأخيرة بشكل لافت، وأصبح عدد المزارعين الصغار في هذا القطاع أكثر من 145 ألفًا، حيث قدر محصول التبغ في زيمبابوي بحوالي 200 مليون كيلوغرام هذا العام، مرتفعًا من 180 مليون كيلوغرام في العام الماضي. وترسخت زيمبابوي كأكبر دولة منتجة للتبغ في أفريقيا، لكن العديد من المزارعين السود يقولون إن التجار الجشعين يتسببون في إفقارهم بحسب ما نقله تقرير الأسوشيتيد برس.

متغير كبير آخر أسهم في إعادة تشكيل مشهد إنتاج التبغ في زيمبابوي يتعلق بالبنوك التجارية التي كانت تقدم القروض الميسرة للمزارعين البيض حتى يتمكنوا من شراء المستلزمات لمحاصيلهم. لكن البنوك انسحبت منذ سنوات لأن الحكومة لم تصدر سندات ملكية قابلة للتحويل للمزارعين السود الذين أعيد توطينهم في الأرض التي كان يملكها البيض سابقًا. وقال محافظ بنك الاحتياطي في زيمبابوي، جون مانجوديا عبر الإعلام الحكومي بعد شكاوى من المزارعين "النموذج الزراعي للتبغ الآن مكلف ويحتاج إلى إعادة النظر". بينما قال الخبير والمحلل الاقتصادي جون روبرتسون "إن لب المشكلة يكمن في عدم قدرة المزارعين الذين أعيد توطينهم على جمع تمويلهم من خلال البنوك"، بحسب ما نقل موقع ياهو نيوز.

ووفقًا لدراسة نشرت العام الماضي من قبل مجلة Tobacco Control المتخصصة بأبحاث التبغ، فإن ما يقرب من 60% من مزارعي التبغ السود في زيمبابوي يرزحون تحت الديون. وأشارت الدراسة إلى أن احتمالية الوقوع في ديون مرتبطة بالتبغ هي أكثر بكثير من المتوسط بالنسبة للمزارعين. ووفقًا للدراسة "لا وجود لدليل يشير إلى أن زراعة التبغ في وضعها الحالي قد أفادت مزارعي التبغ السود"، واعتبرت الدراسة بأن مزارعي التبغ ضحايا إلى حد كبير وليسوا منتفعين من هذا القطاع بالرغم من كونه يشكل القطاع الإنتاجي الثاني في البلاد بعد تعدين الذهب.

وفي تقرير متلفز لقناة الجزيرة إنجليزية تحدث أحد المزارعين، وهو أب جاء مع زوجته وطفليهما إلى هراري بعد أن قطع مسافة 200 كيلومتر، إلا أنه فوجئ بأن المصرف غير قادر على صرف المبلغ المطلوب. هذا المزارع ويدعى توبوي لافو يقول في التقرير المتلفز "بعت بألفي دولار لكن لم يسمح لي سوى بالحصول على 200 دولار من المصرف بسبب عدم توفر السيولة، وها أنا نائم مع أسرتي في العراء منذ 9 أيام".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة في القدس وحملات الناشطين متواصلة

"غزة تنتصر" يتصدر منصات التواصل الاجتماعي