30-يوليو-2017

يوسف العتيبة (Getty)

"الشرق الأوسط ( ...) ما نريد أن نراه هو علماني ومستقر ومزدهر وله حكومات قوية (...) وذلك يتعارض مع ما تريده دولة قطر"، تلك الكلمات التي تتخيل مستقبل الشرق الأوسط بعد عشرة سنوات، تظن أنها إعلان لأفكار وأطروحات سياسي علماني أو مفكر ليبرالي عربي في المنفى لكونه معارضًا لسياسات الدول الملكية والديكتاتورية في الشرق الأوسط، ولكنك مخطئ، وستكون مخطئًا للمرة الثانية لو ظننت، أنها رؤية فيلسوف غربي أو مستشرق أو باحث يتمنى شرق أوسط جديد قريب من أوروبا والولايات المتحدة، بلا حكومات عسكرية أو رجال دين يحرمون الخروج علي الحكام ولكن لا يرون ظلم الملك أو الرئيس.

الحقيقة الساخرة أن تلك الكلمات لسفير دولة الحكم الوراثي والداعمة الأولى للانقلابات العسكرية والميليشيات المسلحة في المنطقة السيد يوسف العتيبة سفير الإمارات في واشنطن، متحدثًا باسم السعودية ومصر والإمارات والأردن والبحرين خلال لقاء تلفزيوني مع قناة PBS الأمريكية،  حين رأى أن الخلاف مع قطر ليس دبلوماسيًا فقط ولكن أيضًا فلسفي، حديث العتيبة نصًا بالإنجليزية...What we would like to see is more secular, stable, prosperous, empowered, strong governments"، كان مثارًا للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في عدد من الهاشتاغات من بينها "#العتيبه_يريد_السعوديه_علمانيه و#هل_العتيبه_مفوض إضافة إلى #السعوديه_دوله_تحكم_الشريعه وأخر تحت عنوان #قرار_الرياض_في_ابوظبي"، وتحمل التعليقات سخط من صمت المسؤولين السياسيين والدينيين في المملكة تحديدًا، وكذلك رفض بعض المواطنين والكتاب والأكاديميين تحدث العتيبة باسم المملكة دون الحصول علي تفويض، مع بعض السخرية من كون العتيبة الذي أعلن من قبل عن رفضه لثورات الربيع العربي ودفاعه عن مبارك في البداية والسيسي حاليًا عن العلمانية التي تعني خطوات نحو الديمقراطية والمساواة وكشفت تسريبات من البريد الالكتروني له سعادته بمحاولة الانقلاب العسكري في تركيا وترتيبه لمؤامرات ضد بعض الدول العربية.

الإعلامي جمال ريان قال عبر حسابه على تويتر "نظام الإخوان" صنع في مصر" النظام الحالي في مصر "صناعة نظام العتيبة " الدول لا تستقر ولا تقوم لها قائمة إن بقيت أنظمتها "صنع في الخارج""

أما الكاتب الصحفي السعودي تركي الشلهوب فقال " يبدو أن السفير الإماراتي #العتيبة صار هو وزير خارجيتنا الفعلي، يتحدّث عمّا نريد، وعمّا يجب أن يكون!

 علمانية العتيبة!

والحكومة العلمانية وفقًا للتعريفات النظرية قائمة على فصل الدين عن النظام السياسي، وتطبيقها في النظام السياسي بشكل مكثف ومختصر يمكن القول إنه يعتمد على المساواة بين المواطنين وكذلك تطبيق النظم الديمقراطية في الانتخاب وإدارة الدولة، وفصل السلطات وتطبيق القانون علي الجميع، بعيدًا عن حكم الفرد أو الأسر أو وجود نظام عسكري يحكم أو ملك له السمع والطاعة أو حكومات فاشية أو استبدادية. وجميع تلك التعريفات لا يمكن أن تقترب من الدول الذي تحدث العتيبة باسمها "الإمارات والسعودية ومصر والأردن والبحرين"،

اقرأ/ي أيضًا: العتيبة "الراشي الأكبر".. حفلة فضائح أبوظبي في واشنطن مستمرة

السعودية وهي دولة ضمن عدة دول قليلة للغاية في العالم يحكمها قوانين دينية صريحة وواضحة، الملك سلمان في تصريحات سابقة في حزيران/يونيو 2007 وكان وقتها أمير منطقة الرياض قال "أقول بكل ثقة والحمدلله هذه الدولة دولة دعوة منذ تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود عندما تبنى دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (الذي تنسب له الوهابية) وقامت هذه الدولة الأولى والثانية ونحن في الثالثة ...على أساس أنها دولة التوحيد دولة الدعوة لدين الله وسنة رسوله"، وأضاف "أقولها بصراحة نحن في هذه البلاد في نعمة وخير، ما دمنا على هذا النهج وسنظل عليه إن شاء الله.

ونشر عدد من التغريدات حول تصريحات سابقة لمسئولين سعوديين حول تطبيق الشريعة الإسلامية في المملكة من بينها تصريحات للملك سلمان وعادل الجبير وزير الخارجية السعوي، ما زاد من تناقض رسائل العتيبة والسخرية منها في آن معًا. 

دول التفرد بالحكم

على ما يبدو أن سلمان 2007 يختلف عن سلمان 2017 عشرة سنين دفعت الملك للصمت، على أساس دولة آل سعود في بلاد الحجاز التي تتخذ من تطبيق الشريعة الإسلامية حائط صد قوي لأي محاولة للثورة أو المعارضة متحصنة برأي مجموعة من رجال الدين موافقون رأي الملك طوال الوقت ويبايعون كل خطواته في أي زمان.

اقرأ/ي أيضًا: تسريبات العتيبة.. إرهاب أبوظبي "الدبلوماسي" برعاية إسرائيلية

وإلى جانب الحكم الديني الصريح في السعودية فإن دستور جميع "دول الخيال العلماني للعتيبة " الأردن والبحرين والإمارات ومصر يحدد مصدر التشريع بالدين الإسلامي ويستغل رجال الدين أي فرصة للتقرب للنظام السيسي ومكافحة معارضي السلطة بإصدار فتاوى بتحريم معارضة الحاكم، وتحكم أسر بعينها في كل من السعودية والإمارات والأردن والبحرين، ولا يوجد بتلك الدول نظام انتخابي من الأساس يعطي المواطنين الحق في الترشح لمنصب الحاكم-الذي يملك ويحكم- وهو أمر مخالف تمامًا للعلمانية وتطبيقات النظم السياسية الديمقراطية الحديثة وكذلك الحال في مصر التي يحكمها قائد الجيش السابق الذي جاء بانتخابات بعد أن انقلب على الرئيس السابق وسيطر على الدولة وسجن كل من يعارضه وتقتل مجموعات الأمن لديه يومًيا من تشك أن له نشاطًا معارضًا، بتغطية من رجال الدين "الرسمي".

وانتقد البعض الصمت الإعلامي والديني في المملكة وقال الدكتور عبدالله صالح الحصين عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود الغياب الإعلامي" غياب مريب لإعلامنا عن دحض أخطر تهمة للسعودية من مسئول خليجي رغم أنها تهدم المادة (1)و(15) من النظام الأساسي"

الكاتب الكويتي عبدالله محمد صالح تسأل "لنتفكر..على حفلة غنائية أو رياضة نسائية أو قيادة المرأة!، يصيحون يا ويلتاه..ضاعت الأمة!، وعن #العتيبه_يريد_السعوديه_علمانيه لا تسمع لهم همسا!"

الصحافي فهد العامدي " كيف تسكت السعودية ورموزها عن كلام العتيبة   ومارأي هيئة العلماء لديها؟"

عادل محمد بن علي "أين هيئة كبار العلماء، لتدافع عن هوية #السعودية، الإسلامية أم أنها لا تجتمع إلا لتبارك حصار #قطر في رمضان؟!"

الإمارات.. سعادة على الورق

دولة الإمارات التي يعد يوسف العتيبة مسئولًا معتبرًا فيها هي واحدة بل أهم الدول في العالم في الوقت الحالي الذي تدعم الانقلابات والميليشيات العسكرية، بداية من عزل رئيس سابق في مصر، ودعم عسكري لقيادة البلاد، إلى استئجار عسكري سابق ويدعى "حفتر" ويقوم بدور قائد المليشيات العسكرية في ليبيا ويعمل علي قتال معارضي الإمارات، ولدى الإمارات، أطماع في تقسيم اليمن عبر تأسيس ميليشيات عسكرية، تمتلك سجون تعذيب ،كما تدعم الإمارات أيضا انفصال إقليم كردستان العراق وتقسيم دولة العراق لدويلات.

اقرأ/ي أيضًا: "رشوة" إماراتية وراء قضية محمد فهمي ضد الجزيرة

وقوانين الإمارات، تمنع بشكل كامل حرية الرأي والتعبير وهناك العشرات من المعارضين للحكم في الإمارات يقبعون في السجون وسحب من بعضهم الجنسيات لمجرد كتابة رأي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والدول الأربعة "الإمارات والسعودية والبحرين ومصر" دأبت خلال مقاطعتها لدولة قطر التي بدأت منذ حزيران/ يونيو الماضي علي المطالبة بمطالب، تعتبر تعدي علي سياسة دول أخرى، كما طالبت من قطر غلق ومنع وسائل إعلامية، واخترعت الأسرة الحاكمة في المملكة السعودية والإمارات تهمة تسمي " التعاطف مع قطر" ويحكم  بالسجن من ثلاثة إلى خمس عشرة سنة وبالغرامة التي لا تقل عن خمسمئة ألف درهم، لمن يُظن أن لديه نية او ضميرًا أو يعلن التعاطف مع قطر.تخيل أن مسؤولًا كبيرًا في دولة يدعو للعلمانية وشرق أوسط مختلف ودولته لديها وزارة للسعادة ولكن تحاكم مواطنيها بتهمة تختلط بالضمير ألا وهي التعاطف...فقط التعاطف.

وقال الأكاديمي والشاعر عبد العزيز التويجري‏: وصل الأمر من الوقاحة إلى حدّ أن يتحدث مسؤول غير سعودي باسم بلادنا ليحدد لنا نوع النظام الذي يجب أن يحكمنا: 

أحمد السويدي‏ رحم الله الأميرين نايف بن عبد العزيز وسعود الفيصل فبحياتهما لم يتجرأ مسوخ أبو ظبي على بلادي وينطقون باسمها.

 

سعيد المارق قال" قنواتنا في دبي وإعلاميونا في فنادقها! بس لا يكون الديوان الملكي في أبو ظبي، وحنا ما ندري!؟

الإعلامي القطري جابر الحرمي "هل تقبل الشقيقة #السعودية أن تحدد #الإمارات نظام الحكم فيها لتحوّلها إلى " العلمنة " بكل وقاحة"

اقرأ/ي أيضًا:

"الثور الإماراتي الهائج".. وثائق تكشف خطة أبوظبي لإفشال الديمقراطية في تونس

وجه الإمارات المفضوح في اليمن.. حرب على الشرعية وحقوق الإنسان