10-يناير-2022

(Getty Images)

هيمن تطبيقا المراسلة غير المعروفين كثيرًا، تليغرام وسيجنال على متاجر تطبيقات جوجل وأبل في الفترة الأخيرة. في الأسبوع الأخير من عام 2021 تم تحميل تطبيق سيغنال 246 ألف مرة. بعدها بأسبوع وصل إلى 8.8 مليون تحميل. في 12 كانون الثاني/يناير من هذا العام، تباهى تليغرام بأن عدد مستخدميه النشطين حول العالم بلغ 500 مليون مستخدم، حيث سجل فيه 25 مليون مشترك جديد من جميع أنحاء العالم في الأيام الثلاثة الماضية فقط. لماذا ارتفعت شعبية سيغنال وتليغرام على هذا النحو، على خلاف واتساب، تطبيق المراسلة العملاق التابع لفيسبوك والذي يستخدمه حوالي 3 مليار مستخدم حول العالم  تقريبًا؟

لماذا ارتفعت شعبية سيغنال وتليغرام على هذا النحو، على خلاف واتساب، تطبيق المراسلة العملاق التابع لفيسبوك والذي يستخدمه حوالي 3 مليار مستخدم حول العالم  تقريبًا؟

الإجابة المختصرة هي: يكمن السبب في المخاوف بشأن الخصوصية. رغم أن التطبيقات الثلاثة تعد بحفظ أمن وخصوصية التواصل على منصاتها، إلا أن حقيقة امتلاك فيسبوك لتطبيق واتساب تخلق الشكوك حول صدق وعوده. تطبيق سيغنال آمن بالفعل نسبيًا، أما تطبيق تلغرام فهو لا يرقى لمستوى وعوده التسويقية. فهو لا يقوم تلقائيًا بتفعيل خاصية التشفير من النظير إلى النظير التي تضمن عدم قراءة الرسائل إلا من قبل المرسل والمستخدم. وقد شكك بعض الخبراء في طرق التشفير التي يتبعها حتى حين يفعل المستخدم هذه الخاصية. لكن كلا التطبيقان لهما قصة نشأة ساعدتهما على الترويج لفكرة الخصوصية الكاملة. مؤسس تلغرام هو بافل دوروف مؤسس منصة تواصل اجتماعي روسية شهيرة تسمى VK، وقد أسس التطبيق بعد خروجه عن طوع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهروبه من البلاد. أما سيغنال فهو تطبيق غير ربحي طوره موكسي مارلينسبايك (Moxie Marlinspike) وهو الاسم المستعار لمبرمج ومتخصص تشفير، بهدف جعل التواصل المشفر يسيرًا للاستخدام بالنسبة للجميع.

أدى نزاع نشب مؤخرًا بين أبل وفيسبوك إلى لفت اهتمام المستخدمين تجاه خصوصيتهم الرقمية. في كانون الأول/ ديسمبر طرحت أبل علامات على هواتفها تظهر مقدار البيانات التي تجمعها التطبيقات. أدرك مستخدمو هواتف أيفون كم البيانات التي يجمعها واتساب عنهم. بعد أن اشتكت فيسبوك بشأن هذا الأمر، كشفت أبل عن تطبيق المراسلة المنافس الخاص بها iMessage الذي يجمع نسبة ضئيلة من البيانات مقارنة بما يجمعه واتساب. ثم في الرابع من كانون الثاني/يناير بدأ واتساب في إعلام مستخدميه بأن عليهم الموافقة على شروط وأحكام الاستخدام الجديدة إذا أرادوا متابعة استخدام خدماته. كان الغرض من هذا التغيير هو تمكين المستخدمين من التفاعل مع الشركات من خلال التطبيق، مما يعني في بعض الحالات مشاركة بيانات المستخدمين مع الشركة الأم فيسبوك (لكن ليس في أوروبا التي تمنع قوانين حماية البيانات فيها هذا الأمر). أدى هذا إلى إثارة غضب كثير من المستخدمين، الذي اتهموا واتساب بأنه سيشارك بياناتهم في العموم مع فيسبوك. وبدأ بعض المستخدمين في البحث عن بدائل. وقد جاءت تغريدة كتبها رائد الأعمال التقني إلون ماسك الذي يمتلك 40 مليون متابع قال فيها "استخدموا سيغنال" إلى زيادة شعبية التطبيق.

جاءت موجة الغضب هذه تجاه الشروط الجديدة للواتساب نتيجة للحملة السياسية المتزايدة ضد شركات التقنية العملاقة. حول القرار الذي اتخذته فيسبوك وتويتر بإزالة عدد من الحساب تعود في معظمها إلى رموز في اليمين، من بينهم دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق، انزعاج التيار اليميني من الانحياز السياسي في وادي السيليكون إلى حملة غضب كبيرة. وحين أقدمت أمازون على إغلاق تطبيق بارلر، الذي يحاكي تويتر ويستخدمه كثير من أنصار اليمين، وحذفته من على خوادمها حتى وجدوا خوادم أخرى، وسعى الكثيرون إلى منصات بديلة، منها تلغرام على وجه الخصوص.

صعود هذه المنصات ربما يكون دلالة على رغبة متزايدة لدى الناس في أن تبقى هوياتهم مجهولة على الإنترنت، أو ربما تكون دلالة على إدراكم المتزايدة بأن هوياتهم في الحقيقة لم تعد مجهولة. لكن الخصوصية التي تقدمها هذه المنصات البديلة ذات حدين. من ناحية، تقدم هذه المنصات وسيلة قوية لمن يعيشون تحت سلطة أنظمة قمعية، وتسمح لهم بالتواصل والتنظيم بعيدًا عن أعين الأجهزة القمعية. وتطبيق سيغنال هو وسيلة تواصل ذات شعبية كبيرة بين المعارضين من جميع أنحاء العالم. ويعتبر تلغرام ألكسي نافالني أشهر قادة المعارضة في روسيا، من كبار معجبيه.  وحتى أولئك الذين لا يعيشون تحت سلطة أنظمة قمعية قد يرغبون في استخدام وسائل تواصل تبعدهم عن نظر الشركات والدعاية.

من ناحية أخرى، أدى تحويل نقص الرقابة هذا ذاته إلى تحويل تليغرام إلى ملجأ للنازيين الجديد وأصحاب نظريات المؤامرة والجهاديين. لا يستخدم المتطرفون هذه المنصات لإرسال الرسائل فحسب، بل وكذلك لبث أجنداتهم في القنوات العامة لتجنيد أعضاء جدد. قليلاً ما تطبق السياسات الموجه ضد العنف على هذه القنوات. قام تلغرام مؤخرًا بحذف بعض قنوات اليمين المتطرف. لكن الأمر ملحوظ بسبب ندرته. لا يحظى سيغنال بنفس السمعة حول إيواء التطرف، لكن بسبب سياسات التشفير فيه، فهو يفتقد للقدرة على الإشراف على ما يحدث في مجموعاته.

تطبيق سيغنال آمن بالفعل نسبيًا، أما تطبيق تلغرام فهو لا يرقى لمستوى وعوده التسويقية. فهو لا يقوم تلقائيًا بتفعيل خاصية التشفير من النظير إلى النظير التي تضمن عدم قراءة الرسائل إلا من قبل المرسل والمستخدم

ربما تكون هناك بعض أسباب التفاؤل مؤخرًا. فبعد إعراضه عن الأمر بدأ تطبيق تلغرام في الحرص على حذف تطبيقات الجهاديين من على منصته. وإجبار المتطرفين على استخدام منصات أصغر ليس بالأمر السيئ. فتلك المنصات الأصغر تمتلك بالتبعية جمهورًا محتملًا أصغر حجمًا. إجبار المتطرفين على استخدام تلك المنصات، ربما يسلط الضوء على تطرفهم أمام الأشخاص الذين يحاولون جذبهم وتجنيدهم.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"أسوس" تعلن عن أول شاشة 4K OLED للألعاب بحجم 42 إنش

آبل تصبح أول شركة في العالم تتجاوز قيمتها السوقية 3 تريليون دولار أمريكي