16-يوليو-2016

حملات تنظيف وتزيين في غرب الجزائر(الترا صوت)

"معًا من أجل حي نظيف"، كان في البداية مجرد شعار لإعلان بسيط على أحد جدران وسط مدينة "حجوط" بمحافظة تيبازة، 90 كيلومترًا غرب العاصمة الجزائرية، أشرفت عليه الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك، ليتحول مع مرور 48 ساعة فقط إلى مشروع فعلي تجند له الآلاف من ساكنة المدينة. "هذا المشروع رفع الغبن عن مدينة أنجبت المئات من الشهداء، وارتبط اسمها بمساحات خضراء غناء، تحولت مع مرور الزمن للأسف إلى مزابل متفرقة"، هكذا يقول ابن المدينة فوزي، 25 عامًا، لـ"الترا صوت"، حيث انخرط مباشرة في المبادرة رفقة أبناء حيه.

تحول "معًا من أجل حي نظيف" من شعار إلى مشروع فعلي تجند له الآلاف من سكان مدينة حجوط بمحافظة تيبازة قبل أن ينتشر بعدد من المدن الجزائرية

ويضيف محمد لحول، أحد المواطنين وهو يقطن في حي الشهداء بالمدينة، لـ"الترا صوت": "كانت المدينة تتوجع من حجم الفضلات المرمية هنا وهناك، ناهيك عن المفرغات العمومية التي باتت مرتعًا للقطط والكلاب الشرسة"، ويؤكد محمد أن "كل المدن الجزائرية تحتاج إلى هكذا مبادرة، فحالة المدن الجزائرية صارت مقززة خاصة في فصل الصيف ومع تراكم النفايات في زوايا الطرقات والأحياء، رغم مجهودات عمال النظافة".

اقرأ/ي أيضًا: الكتاب مع طلبة الجزائر في الشارع

مدينة "حجوط" بمحافظة تيبازة، تعتبر حلقة وصل بين عديد المدن الجزائرية، كما أن بعض قراها تقود الزائر نحو شواطئ البحر، حيث تعد معبرًا للآلاف من المركبات يوميًا، ويقصدها الكثيرون من المدن المجاورة قصد التجارة أو الذهاب إلى البحر والتنزه في المساحات الخضراء والغابات والجبال المحيطة بها على مستوى مناطق "سيدي عمر" و"مناصر" و"لارهاط" و"شرشال" و"سيدي راشد" و"سيدي غيلاس" وغيرها من المناطق الجبلية، التي تعرف بأنها بوابة الغرب الجزائري.

عن مبادرة "معًا من أجل حي نظيف"، يقول رئيس جمعية حماية وترقية المستهلك بلعباس حمزة لـ"الترا صوت": "فكرة الحملة أو المبادرة كانت بسيطة جدًا وتدخل في نشاطات الجمعية التي تدافع عن البيئة والمواطن الجزائري، من خلال تنقية محيطه وتنظيفه، يحق لنا العيش في بيئة سليمة ونظيفة ".

وكان لمواقع التواصل الاجتماعي تأثير كبير في تحفيز الشباب خاصة والمواطنين بصفة عامة على تبني الفكرة وتطبيقها على أرض الواقع، حيث تحولت الفكرة في منطقة واحدة، مدينة "حجوط"، خلال يومين إلى فكرة وطنية تتباهى المدن الجزائرية برفع شعارها.

حملات تنظيف وتزيين في غرب الجزائر(الترا صوت)

تجاوبت ساكنة المدن الجزائرية وتحركت إرادتهم في العمل على تزيين الشوارع وتنظيفها وطلاء الجدران في مختلف الأحياء وتقليم الأشجار وغرس بعضها على جنبات الشوارع المهملة، وتهاطلت المبادرات من المواطنين، التي انطلق معظمها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والجميع يتنافس حول "الحي النظيف" في منطقته.

المبادرات الشبابية تحيي عادات سبق الأجداد على ترسيخها في المجتمع الجزائري، والتي كانت تعزز التكافل الاجتماعي وتسمى "التويزة"

اقرأ/ي أيضًا: غرافيتي الجزائر.. لم يتبق إلا الجدران

واعترف بلعباس أن هدف الجمعية من خلال المبادرة لا يقتصر على تنظيف وتزيين مدينتهم، ويوضح: "نريده مشروعًا تنافسيًا من أجل تمكين إحدى البلديات من حمل وسام أفضل بلدية وتكون "حجوط" نموذجًا جزائريًا بإمكانه أن يخلق المنافسة أيضًا في مناطق أخرى". ويضيف: "استجابة السكان واستعدادهم للدخول في منافسة المدينة النظيفة والحي النظيف بات واقعًا يوميًا".

انتقال المبادرة من مدينة "حجوط" إلى المدن المجاورة، استحسنه الإعلامي إسلام باجي، الذي صرح لـ"الترا صوت": أن "للمبادرة قيمة معنوية فهي تساهم في غرس روح الجماعة في الحفاظ على أحيائهم نظيفة، بغض النظر عن ما يقوم به عمال التنظيف التابعين للبلديات". وأضاف المتحدث أنه "حان الوقت للالتفات إلى حال الشوارع والأحياء في أغلب المدن الجزائرية وحتى على مستوى الشواطئ وأرجو أن تكون هذه استفاقة جماعية للمجتمع المدني الجزائري".

يرى كثيرون أن هذه المبادرات تحيي عادات سبق الأجداد على ترسيخها في المجتمع الجزائري، والتي كانت تعزز التكافل الاجتماعي وتسمى "التويزة". تقول المختصة في علم الاجتماع الأسري نادية بوقفة، من جامعة وهران، لـ"الترا صوت" أن "هذه العادة أي التويزة تعودت عليها الأسر الجزائرية في القرى خاصة وهي أن يتعاون أبناء المنطقة على فعل جماعي كتنظيف القرية أو مساعدة أحد الأشخاص في الزواج أو البناء"، كما دعت بوقفة إلى "ضرورة عودة هذه العادات التي تنمي وتقوي العمل الجماعي بين أفراد الحي الواحد والمنطقة الواحدة دون انتظار تدخل السلطات المحلية فقط".

حملات تنظيف وتزيين في غرب الجزائر(الترا صوت)

اقرأ/ي أيضًا: 

مخترعون جزائريون.. تحت عدسة التجاهل

ماراثونية "لا للغاز الصخري" الجزائرية