30-يناير-2024
صفقة تبادل الأسرى

(Getty) المقاومة تطلب بوقف إطلاق النار كشرط أساسي من أجل إنجاز صفقة التبادل

عادت صفقة تبادل الأسرى وإيقاف الحرب في قطاع غزة إلى الواجهة من جديد، مع تحرك دبلوماسي ومفاوضات ناشئة في أعقاب اجتماع باريس.

وبحسب المعطيات، فقد تم التوافق على إطار عمل حديث، يقترح وقف الحرب في غزة لمدة ستة أسابيع، ويحصل فيه عملية تبادل للأسرى. وما تزال المحادثات في مرحلتها الأولى، إذ تحتاج إلى توضيح التفاصيل داخل الإطار الأولي المطروح.

التصور الأولي واضح، في المرحلة الأولى من صفقة التبادل، لكن المراحل التالية، متروكة للمفاوضات 

ويدور المقترح حول صفقة تبادل على مراحل، تبدأ بإطلاق سلاح المدنيين من كبار السنة، ومن ثم المجندات في جيش الاحتلال، وصولًا إلى الجنود.

وتم بناء المقترح، خلال قمة باريس التي شاركت فيها قطر ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل. وقال عنها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "كلما قيل أقل، كان ذلك أفضل. الاقتراح المطروح الآن على الطاولة مقنع وهناك بعض الأمل الحقيقي في المضي قدمًا".

والمطروح الآن صفقة تبادل على مدار ستة أسابيع، تتضمن تبادل الأسرى المحتجزين في غزة من غير الجنود، مع وضع خطة لتمديد الاتفاق، من أجل إتمام عملية التبادل. ورغم عدم طرح وقف إطلاق النار في المفاوضات حتى الآن، إلّا أنّه بحسب المصادر "يأملون أن يؤدي توقف الحرب على مراحل إلى وقف دائم لإطلاق النار".

ووفق المصادر، فإن الخطة، كما تم تقديمها، مفصلة في المرحلة الأولية، في حين تم تحديد المرحلتين اللاحقتين بشكل عام. وتتمثل الإستراتيجية في الدخول في مفاوضات منفصلة حول هذه الأمور خلال الأسبوع السادس من وقف إطلاق النار. وقال مسؤول إسرائيلي: "الهدف هو البدء بالمرحلة (أ) مع مؤشرات حول المرحلتين (ب) و(ج)، دون الانتهاء من تفاصيلهما".

واجتمعت حكومة الحرب الإسرائيلية، ليلة الإثنين، لمناقشة نتائج مفاوضات باريس وصفقة تبادل الأسرى. وفي الوقت نفسه، عاد وفد إسرائيلي من مصر لإجراء اتصالات تتعلق بالصفقة.

وذكرت مصادر تحدثت إلى صحيفة "هآرتس" أنه في معظم القضايا قيد البحث، تظهر تفاهمات بين إسرائيل وحماس، وتظل القضية المركزية العالقة هي مسألة وقف إطلاق النار الدائم.

وتدرس المباحثات، تمديد كبير للصفقة، وتطرح فكرة صعوبة استئناف الحرب ما بعد ذلك، من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.

من جانبه، نفى مكتب بنيامين نتنياهو، قبول الاقتراح السالف الذكر، قائلًا: إن التقارير "غير صحيحة، وتتضمن شروطًا غير مقبولة لإسرائيل. سنواصل المسير حتى نحقق النصر الكامل"، وفق البيان.

وأفاد موقع NBC الأمريكي أن إسرائيل وافقت على "إطار صفقة التبادل" التي تم إرسالها أيضًا إلى حماس. ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل - المرحلة الأولى إنسانية، وتشمل إطلاق سراح المحتجزين، والمرحلتان الثانية والثالثة تتضمن إطلاق سراح المزيد من الأسرى. وفي المقابل، سيتم إطلاق سراح آلاف الأسرى من الفلسطينيين وسيكون هناك هدوء طويل في القتال.

ووفقًا للخطوط العريضة، ستشمل المرحلة الأولى إطلاق سراح ما بين 35 إلى 40 محتجزًا في غزة. وستتوقف الحرب لمدة 45 يومًا، وستطلق أيضًا سراح أعداد كبيرة من الأسرى، بما. وبحسب الشروط التي تطلبها حماس، مئات الأسرى مقابل كل محتجز. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم تقديم المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة.

وفي المرحلتين الثانية والثالثة، سيتم إطلاق سراح الجنود وأعضاء الوحدات الاحتياطية والرجال الآخرين، ووقفة طويلة أخرى وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين بشكلٍ أكبر، بالإضافة إلى تبادل الجثث.

وتعمل الولايات المتحدة على مفاوضات من عدة مراحل، واحدة تتعلق بصفقة التبادل والوقف المؤقت لإطلاق النار. وأخرى مع السلطة الفلسطينية، والبحث بما يعرف بـ"السلطة المتجددة"، كما تبحث المسارات السياسية مع إسرائيل، سواء الالتزام بحل الدولتين أو التطبيع مع السعودية.

getty

المقاومة تدرس المقترح

بدوره، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، اليوم الثلاثاء: "إن الحركة تسلمت المقترح الذي تم تداوله في اجتماع باريس، وهي بصدد دراسته وتقديم ردها عليه على قاعدة أن الأولوية هي لوقف العدوان الغاشم على غزة وانسحاب قوات الاحتلال كليًا إلى خارج القطاع"، موضحًا أن "الحركة منفتحة على مناقشة أي مبادرات أو أفكار جدية وعملية شريطة أن تفضي إلى وقف شامل للعدوان وتأمين عملية الإيواء لأهلنا وشعبنا الذين أجبروا على النزوح بفعل إجراءات الاحتلال ومن دمرت مساكنهم، وإعادة الإعمار ورفع الحصار وإنجاز عملية تبادل جدية للأسرى تضمن حرية أسرانا الأبطال وتنهي معاناتهم".

وثمن هنية دور مصر وقطر من أجل التوصل لاتفاق "وقف إطلاق نار مستدام في غزة على طريق إنهاء العدوان الذي يتعرض له شعبنا في القدس والضفة وأسرانا في سجون الاحتلال". 

وأوضح أن قيادة الحركة "تلقت الدعوة لزيارة القاهرة من أجل التباحث حول اتفاق الإطار الصادر عن اجتماع باريس ومتطلبات تنفيذه".

وفي بيان مشترك، أكدت حركة حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: "على ضرورة وقف العدوان الصهيوني وانسحاب قوات العدو من قطاع غزة قبل إجراء أي عملية تبادل للأسرى من الجانبين، وعلى قاعدة الكل مقابل الكل". 

وقال القيادي في حماس محمد نزال للتلفزيون العربي: "من المتوقع تسليمنا في الساعات المقبلة التصور الذي خرج من اجتماع باريس"، مضيفًا: "التصور الذي خرج من اجتماع باريس كان على أساس التصورات التي قدمتها حركة حماس".

وأوضح نزال: "من المتوقع أن تتوصل قيادة الحركة إلى تصور نهائي بشأن المقترح الذي سيقدمه اجتماع باريس"، متابعًا القول: "ليست لدينا مشكلة بالهدنة على مراحل بشرط أن تفضي إلى وقف إطلاق نار دائم. لا يمكن أن نقبل استمرار العدو في احتلال مناطق بقطاع غزة بعد وقف الحرب".

وأشار نزال إلى أن "الأطراف الضامنة للمفاوضات تتحمل مسؤولية إلزام الاحتلال بتنفيذ أي اتفاق".    

 توتر في إسرائيل

وكانت القناة 12 الإسرائيلية، قد نشرت عن "تقدم في المحادثات لبدء المفاوضات"، مع الإشارة إلى وجود فجوات لكن "الاجتماع كان بناءً"، كما قال بيان مكتب نتنياهو بعد نهاية المفاوضات.

في أعقاب ما رشح من أخبار عن صفقة تبادل، قال وزير المالية وزعيم الصهيونية الدينية المتطرف بتسلئيل سموتريش إن حزبه لن يوافق على وقف الأعمال الحرب لمدة شهرين وإطلاق سراح الأسرى كجزء من صفقة مستقبلية للتبادل.

ومنذ ساعات الصباح، وصل أفراد من عائلات الأسرى المحتجزين في غزة، إلى منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في شارع غزة بالقدس المحتلة، للتظاهر والمطالبة بالضغط للتوصل إلى صفقة تبادل.

وبعد عقد مؤتمر الاستيطان في غزة، قالت عائلات الأسرى في غزة: "أنتم ترقصون على دمائهم"، واتهموا أعضاء الحكومة الإسرائيلية بـ"التخلي عنهم".

تقدم.. محدود

وفي تعقيبه على المفاوضات، قال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "يبدو أن الاجتماع الذي عقد في باريس يوم الأحد، أحرز بعض التقدم نحو التوصل إلى اتفاق إضافي لإطلاق سراح الأسرى". مضيفًا: "الفجوات بين الجانبين لا تزال كبيرة. إسرائيل تريد أن تترك لنفسها خيار استئناف الحرب بعد إتمام صفقة التبادل، في حين تريد حماس، التوقف لفترة طويلة الأمد".

وأشار هارئيل إلى أن "إدارة بايدن، تحتاج إلى إنجاز سريع في السياسة الخارجية. وقبل القمة، كان الأميركيون يطلقون توقعات وردية، وكأن التوصل إلى اتفاق أصبح في متناول اليد. وفي الواقع، ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الاجتماعات".

بحسب عاموس هارئيل، ليس واضحًا مدى استعداد نتنياهو للمرونة. وأن الأحزاب اليمينية المتطرفة ستعارض أي صفقة تتضمن تنازلات، مثل إنهاء الحرب وإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيي

أضاف هارئيل: "ليس من الواضح أيضًا مدى استعداد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمرونة. وسوف تعارض الأحزاب اليمينية المتطرفة في ائتلافه الحاكم أي صفقة تتضمن تنازلات، مثل إنهاء الحرب وإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين. ولكن استمرار نتنياهو في التهرب من أي شيء يقدم ولو لمحة عن أفق دبلوماسي، مثل اتفاق بشأن مستقبل غزة، والاعتراف (حتى ولو ضمنيًا) برؤية الدولتين، وصفقة تبادل، من شأنه أن يزيد من الاحتكاك مع الإدارة في واشنطن. ومن الواضح أن صبرها ينفد".

وتابع هارئيل: "الخوف على حياة الأسرى المتبقين سيواجه نتنياهو قريبًا بمعضلة ما إذا كان سيوافق على صفقة أخرى على الرغم من التنازلات الكبيرة التي ستتضمنها". موضحًا: "أن قسمًا كبيرًا من الإجابة سوف يعتمد على الجبهة الداخلية، مثل حجم الاحتجاجات في الشوارع ومواقف وزراء حزب معسكر الدولة. كلا العاملين سوف يتأثران بسلوك نتنياهو وشركائه اليمينيين المتطرفين".