16-مارس-2020

حسني رضوان/ فلسطين

1

كنت أكتب لها الإهداء بعفويّة بالغة أمام الجمهور

كان زوجها إلى جانبي وإلى جانبها

كنت أصفها بالعزيزة الّتي تشعّ نورًا ومسكونة بالشّعر

مع خاتمة متهوّرة كتبت فيها "مع كلّ الحبّ".

 

2

هناك حيث سيكونان معًا في غرفة النّوم قبل الصُّعود إلى السّرير، والتّهيُّؤ لحفلة اللّيل الطّويلةْ

سيتجنّبان الخوض في هذا التّهوّر من صديقهما المشترك.

زوجها سيعتبر ذلك فورة سعادة عارمة فرحًا في حفلة التّوقيع

أمّا هي فرأت أنّني نجحت في اختراق الظّروف لأقول لها "أحبّك" بطريقة علنيّة أمام الجمهور وأمام زوجها.

وأنا لم أكن أرى غير أنّني عفويّ، أدركت شيئًا من حقّي في اللّغة كي أقول لها ما ينبغي أن أقول لها.

 

3

واحد أو اثنان من الجمهور القليل العدد أصلًا سيلاحظ ما كتبت

لم يفسرْ الأمرَ أحدٌ إلّا أنّه اعتياديٌّ ويحدث كلّ يوم...

في مجتمع المدينة الثّقافيّ لا يعدّون الأمر لافتًا للنّظر أو أنّه تهوّر عاطفيّ محرج

سيعربون بعفويّة عن جمال عبارة الإهداء ما قبل الخاتمة

ينتهي الأمر هناك في لحظته دون حدوث إشاعةٍ أو مشكلةْ.

 

4

أين المشكلة إذًا لأكتب كلّ هذا؟

سيفترض القارئ الآن أنّني سأقول له أمرًا غريبًا أو خارجًا عن سياق المألوف أو أنّ طرفة ستقعْ

أو على أقلِّ تقدير سيكون هناك مفارقة بغضّ النّظر عن درجة البين بين طرفيها

سيشعر القارئ الّذي لم يشهد حفلة التّوقيع أنّني خيّبت أمله في امتناع التّشويق في مشهد الكتابة.

سيقول أنّني كتبت شيئاً عاديًّا لا قيمة لهْ

وفي سياقٍ متّصلٍ

سيسخر منّي في سرّه ناقدٌ متحفّزٌ وربما علانية، ويصفني بشاعر رديء

لن يفكّر أنّني عفويّ، وأكتب لامرأةٍ أحبّها بطريقة عفويّة خالية من البلاغة والمجاز وأدوات التّضليل اللّغوي والمعنويّ، وسينسى أنّنا واقعان في شرَك العاطفةْ.

 

5

القارئ اليوم يبحث عن مشكلة أو متاهة ليحبّك أو يقرأ لك

أمّا أن تكون عاديًّا، عفويًّا، غير لغويٍّ، لا مشكلةٌ لديكْ

فأنت لا إشكاليّ

لا تصدم القارئ ولا تهزّ شفاهه ليعيد قراءتكْ

ما الذي يبحث عنه القارئ وفشل في الحصول عليه هنا؟

لست معنيًّا بهذا السّؤال

فقط كنت عفويًّا لا أكثرَ أو أقلّْ

وأكتب دون أن يكرهني القارئ أو يقرأني أو حتّى أن يحبّني

ما بيننا مجرّد شكلٍ لغويٍّ ظريفٍ إلى حدّ ما

أمّا ما نحن عليه أنا وهو وهي وزوجها والجمهور فمختلف تمامًا...!

 

اقرأ/ي أيضًا:

الوقت وحكايا الأطفال

عام الرجل الأزرق