28-مايو-2022
أوكرانيا

reuters

بدأ العديد من فناني الوشم معاودة عملهم وسط العاصمة الأوكرانية كييف بغية جمع الأموال للقوات المسلحة الأوكرانية التي تنخرط في القتال في معارك شرسة شرقي البلاد.

على مدى الأسابيع السبعة الماضية، تحديدًا في كل يوم سبت، وداخل أحد  المصانع المهجورة، يجتمع عدد من فناني الوشم ضمن ماراثون يستقطب الزبائن والمهتمين بهذا الفن، ممن يريدون وشم أجسامهم، وبهدف توجيه التحية للقوات المسلحة الأوكرانية الصامدة منذ الغزو الروسي للبلاد بتاريخ 24 شباط /فبراير من هذا العام.

أوكرانيا

يقام ماراثون الوشم في حي بوديل العصري بكييف، وهو مركز محبي موسيقى الجاز، حيث بدأت علامات الانتعاش بالعودة إلى المدينة. وعاودت الحياة الثقافية رجوعها إلى العاصمة الأوكرانية وشوارعها وأحياءها. أعيد فتح المطاعم والحانات والفنادق حيث تتواجد مجموعات من الشباب في الأماكن العامة في كييف مرة أخرى، لا سيما وأن حدة المعارك خفتت في العاصمة منذ أوائل شهر نيسان /أبريل من هذا العام.

مبادرة فنية

الحرب تشكل أحيانًا إلهامًا للبعض. فقد بدأت الفكرة مع الفنان ساشا فيليبشينكو البالغ من العمر 34 عامًا، وهو من مواليد شبه جزيرة القرم التي احتلتها روسيا أيضًا منذ عام 2014. فيليبشينكو الذي يعيش في مدينة كييف منذ خمس سنوات، قال لوكالة رويترز "سنواصل القيام بذلك حتى نهاية الحرب"، وأضاف "ربما سنعيد تكرار هذه المبادرة احتفالًا باليوم الذي سننتصر فيه". فيما يشار إلى أن المبادرة تمكنت من جمع 9134 دولارًا بعد مرور سبعة أسابيع.

أوكرانيا

كل سبت يحصل حوالي 50 إلى 70 شخصًا على وشم من مجموعة مؤلفة من 15 فنانًا متواجدين في الماراثون. فنان الوشم الأوكراني-البرازيلي الأصل زيلسون بواكيلا، البالغ من العمر 37 عامًا، صرح لوكالة رويترز بالقول "يجب أن نحاول فعل شيء ما. لقد قمنا بهذه المبادرة على أساس أنها ستستمر لأسبوع أو أسبوعين ولكننا أصبحنا الأن بالفعل في الأسبوع السابع"، وأضاف "طالما أنه يمكننا جني بعض المال ومنحه للجيش، أعتقد أن ذلك أفضل ما يمكن القيام به".

أوكرانيا

وبحسب ما نقل موقع The Grand Island عن فنان الوشم مارييكا قوله "أعتقد أننا كلنا الأن متحدون، ونحن حقًا نريد تخليد هذه اللحظة على أجسامنا، هذا هو السبب الرئيسي". وأما الشاب البالغ من العمر 18 عامًا، ويدعى ماكسيم، فأشار بالقول "نحن مضطرون لتوجيه غضبنا بطريقة ملائمة خلال المعركة، وأعتقد أن هذا هو رمز الحكمة والشجاعة، فالمساعدة يمكن أن تأتي بأشكال مختلفة".

وشوم ذات دلالة

المواطنة الأوكرانية ميروسلافا أرناوتوفا، البالغة 18 عامًا، جاءت إلى الماراثون للحصول على أول وشم لها على الإطلاق. قررت ميروسلافا وشم رسم لطائر كان قد رسمه في الفنان الأوكراني ليوبوف بانتشينكو، البالغ من العمر 85 عامًا، والذي لقي حتفه أثناء القتال في بلدة بوتشا بمنطقة كييف في شهر نيسان /أبريل. صرحت ميروسلافا قائلة "هذا هو أول وشم لي، وأشعر الأن وكأنني امتلكته طوال حياتي".

أوكرانيا

أما ليليا تولماتشوفا، البالغة من العمر 22 عامًا، اختارت وشم صندوق صغير يشبه الكفن ومع عبارة Banderolka وهي كلمة تتشابه مع إسم ستيبان بانديرا، زعيم المقاومة القومية الأوكرانية خلال الحرب العالمية الثانية. وفي هذا الصدد، قالت تولماتشوفا بأن الفكرة خطرت لها لأنها كانت مختبئة في قبو المدرسة أثناء القصف. وأشارت بالقول "ما فعلته له دلالة ساخرة. الأكفان المرسلة إلى روسيا، وذلك لحثهم على استعادة جنودهم القتلى، فنحن لا نريدهم هنا، من فضلكم"، بحسب ما أورد موقع نيويورك بوست.

الحرب والفن!

في سياق متصل، العديد من الفنانين والمثقفين قاموا بمبادرات من أجل المقاومة بواسطة الفن. تشير صحيفة الإندبندنت البريطانية إلى الرسامين ورسامو الكاريكاتير يحاولون إيجاد تعبيرات فنية في الوقت الذي تتساقط فيه القنابل الروسية على بلدهم، لكن ذلك شكل تحديًا بالنسبة لكثيرين.

الرسام أندريه رويك، 27 عامًا، هو أحد هؤلاء الفنانين الذين واجهوا صعوبات في الاستمرار بالعمل الفني. يقول رويك لصحيفة الإندبندنت البريطانية "عندما بدأت الحرب، توقفت كل أعمالي الفنية. فقد كان من الصعب للغاية العمل بذات الوقت الذي كنت أتفاعل به مع الأحداث الجارية في البلاد". يتابع رويك حديثه بالقول "تطوعت لمساعدة اللاجئين الذين جاءوا إلى مدينة لفيف وقمت بإرشاد متطوعين إلى أماكن مختلفة".

يشير رويك إلى أنه أوقف أنشطته الفنية وقد "جعلتني الحرب أتصرف بطريقة مختلفة تمامًا". استغرق الأمر وقتًا قبل أن يتمكن رويك من استئناف عمله الفني وتعلم العيش مع أصوات صفارات الإنذار والغارات الجوية المستمرة، والليالي التي يقضيها في الملاجئ والتي أصبحت طبيعية جديدة بالنسبة له. ويشير إلى أنه "في مرحلة ما بدأت في التكيف مع الحرب، لقد تحول الأمر إلى نوع ما من الروتين". وفي لوحاته لديه رؤية للسلام، السلام الذي يريد أن يراه. تمثل اللوحة الأولى لرويك منذ بداية الغزو الروسي رؤيته لحالة "سلام مثالية بعد تلك الأحداث الدموية غير الإنسانية التي تحدث الأن".

الفنان سيرغي رادكيفيتش، 35 عامًا، صرّح أنّ "الوضع مرهق للغاية بالنسبة لنا جميعًا، فأنا لم أشعر أبدًا بأي شيء مثل ذلك الذي يحصل اليوم"، وأضاف "كان من الأسهل بكثير الرد على الحرب في البداية من خلال العمل مع الناس في المهام التطوعية مثل شراء الأدوية أو التطوع بدلاً من خلق الفن"، ويتابع بالقول "بالنسبة لي، الفن مثل الكلام، الحوار، وكان من الصعب جدًا بناء هذا الحوار. لقد دمرت من الداخل، ويبدو أني غير قادر على إيجاد طريقة للتحدث". يشير رادكيفيتش أنه بدأ في تلقي عروض لشراء أعماله من اليابان وأوروبا والولايات المتحدة. وقال إنه قرر استغلال الفرصة "ليظهر للعالم بأسره عنف وعدوان الصراع"، والذي وصفه بأنه "إبادة جماعية"، وختم تصريحه بالقول "نحن بحاجة لإظهار القسوة الحقيقية، القسوة البشعة لما يحصل".