22-مايو-2018

يحمل برنامج شالوم دهاءً كبيرًا لدى صناعه (يوتيوب)

قد يعتبرها البعض من "المفاجئات المدوية" التي جاء بها شهر رمضان هذا العام، رغم أن المناخ العام يدحض عنها هذا الوصف. كيف لا ونحن نعيش أيام الاعتراف بالزواج العرفي بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني. وما عشناه خلال الفترة الحالية وما سنعيشه في القادم يحيلنا على انتظار صدمات قوية تطبخ في الخفاء، ورائحتها تُزكم الأنوف في العلن.

ما نعيشه هذه الفترة من الاعتراف بالزواج العرفي بين الأنظمة العربية والكيان الصهيوني، يحيلنا على انتظار صدمات قوية تطبخ في الخفاء

ومن هذا الباب يمكننا التأكيد على أن برنامج "شالوم" الذي ملأ الدنيا وشغل الناس منذ بداية الشهر الفضيل، يحمل "دهاءً كبيرًا" من لدن صناعه، ويرتبط بالأساس بالاستغلال الذكي للظرفية، رغم مؤاخذاتنا الكبيرة حول بعض الأساليب المتبعة من فريق العمل، وكان الأجدى تجنبها لإضفاء مصداقية على البرنامج وعدم إتاحة الثغرة لبعض الضيوف الذين نجحوا في تأليب الرأي العام ضد العمل، وهنا لا نتبنى وجهة نظر أحد، ولا يهمنا التوقف عند الحساسيات والحسابات الشخصية أو السياسية، بين أطياف المجتمع التونسي، غير أن ما يهمنا هو مناقشة مخلفات هذه الفكرة وإسقاطها الكثير من الأقنعة على شخصيات ظلت تلعب على ورقة المتاجرة بأنبل وأصدق قضايا هذه الأمة.

اقرأ/ي أيضًا: كاميرا خفية أم "ترهيب".. هل انقلب السحر على الساحر؟

والسؤال العريض الذي يفرض نفسه: ماذا لو أنتجت نسخ أخرى من البرنامج في كل البلاد العربية، كي تنهار الكثير من الأصنام التي ما فتئت قطاعات واسعة من الضعب تُصر على تبجيلها وتصديقها؟

أثناء متابعتنا للصعوبات والعراقيل التي تعترض عرض حلقات برنامج شالوم، يبدو العنوان مقززًا للأمانة، الذي وافقت قناة "تونسنا" على بثه بعد انسحاب قناة التاسعة، لابد من التوقف عند ما ذكرته مديرة الإنتاج "الفة العياري"، في إحدى مداخلاتها الإعلامية، حيث ذكرت: "إنهم كانوا ينتظرون أن تكون ردة فعل السياسيين مماثلة لما صدر عن أحد المواطنين التونسيين في برنامج الصدمة العام الماضي ورفضه بشدة موضوع التطبيع".

هذا المثال الذي قدمته المسؤولة عن البرنامج الذي أعده الإعلامي وليد الزريبي، يجعلنا نقترب أكثر من معرفة "أصل الفكرة"، وكيف نشأت بعيدًا عن نظريات المؤامرة التي يرددها البعض، رغم أننا هنا ننأى بأنفسنا عن مسألة اختيار الضيوف وعلى أي أساس تم ذلك، لكن بالمجمل وفي ظل سعي أطراف عربية تتدعي وتبيح لنفسها الحديث باسم الوطن العربي الكبير، وتتصرف وفق هواها ومصالحها متاجرة بأقدس مقدسات الأمة لا بل و ترمي بكل ثقلها إعلاميًا وماديًا من أجل تزييف الحقائق وتجميل وجه العدو البشع؛ فإن فضح كل المتواطئين والمطبعين أضحى ضرورة ملحة لإفساد كل المخططات الرامية لتقسيم الوطن العربي، وتكريس شتات أبنائه خدمة لأهداف العدو.

لكن ومع كل الجدل الدائر اليوم في تونس لابد ان نعترف بأنه لولا هامش الحرية المتاح هناك، لما تم السماح أصلًا حتى بمجرد مناقشة فكرة مماثلة، وكان من رابع المستحيلات، أن تقبل محطة تلفزيونية ما باحتضان المشروع والسماح بأن يبصر النور.

لولا هامش الحرية في تونس لما عرض برنامج مثل شالوم، والذي على الارجح لن تنتج نسخ منه أُخرى في الدول العربية الأخرى

وهذا ما يحضنا على استبعاد رؤية مشاريع مشابهة في البلاد عربية أخرى، إلا إذا كان لشباب السوشيال ميديا رأي آخر، مع العلم أن مصر سبق وعرف تجارب تدور في نفس الفلك، لكن ليست بمستوى إماطة اللثام عن ضخيات مؤثرة في المجتمع، وحتى السيناريو لم يكن بذات الحجم، كما في برنامجي "الحكم بعد المزاولة" و"فؤش في المعسكر". ولعل النقطة الرئيسية للعملين هي تمجيد النظام المصري، وإلصاق صفات هي بالأساس أبعد ما تكون عنه، وهو من اختار الاصطفاف في الخندق الآخر.

في انتظار ما ستفسر عنه باقي حلقات برنامج شالوم، نختم بهذا السؤال: من سيمثل الأوراق الأخرى التي ستسقط وتندحر لمزبلة التاريخ؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

برامج الكاميرا الخفية في تونس.. تخمة الترهيب

ألو جدة: بن علي سيعود