20-فبراير-2023
getty

إلى جانب حرب أوكرانيا كان التراشق الأمريكي الصيني حول حادثة المنطاد من أبرز ما نتج عن المؤتمر (Getty)

اختتمت فعاليات الدورة الـ 59 من مؤتمر ميونخ للأمن والتعاون، يوم الأحد وذلك بعد ثلاثة أيام من الاجتماعات والجلسات، بمشاركة 96 دولة، من بينهم العديد من رؤساء الدول والحكومات، في دورة هي الأولى منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا. 

وشكلت الحرب الروسية في أوكرانيا، وما نتج عنها محور الحديث في معظم جلسات الدورة، وسط غياب لافت لروسيا، التي تغييب للمرة الأولى منذ تسعينات القرن الماضي، حيث كان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، يحرص على المشاركة في  فعاليات المؤتمر، إذ كان أحد الضيوف الدائمين في المؤتمر. 

شكلت الحرب الروسية في أوكرانيا، وما نتج عنها محور الحديث في معظم جلسات الدورة

ويغيب لافروف للمرة الثانية عن المؤتمر، وذلك بعد إلغاء حضوره العام الماضي، نتيجة تسارع الأحداث التي رافقت الأزمة الأوكرانية، وانتشار 150 ألف جندي روسي في المنطقة الحدودية مع أوكرانيا، والتي كانت مقدمة بداية الحرب.

وكانت الحرب الروسية في أوكرانيا وأزمة المنطاد الصيني، الذي تُصرّ الولايات المتحدة على وصفه بـ"منطاد التجسس" أبرز العناوين التي تداولها داخل وخارج المؤتمر.

ويقام المؤتمر هذا العام، وسط أزمة عالمية في الطاقة والغذاء، فيما تقترب الحرب الروسية على أوكرانيا من إكمال عامها الأول. وخلال جلسة افتتاح مؤتمر ميونخ، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس، أن دعم ألمانيا لأوكرانيا ماليًا وإنسانيًا وعسكريًا "صمم ليستمر طويلًا".

وأضاف شولتس في كلمته، "الأوكرانيون يدافعون عن حريتهم بتضحيات كبيرة وبتصميم مدهش"، مؤكدًا أن ألمانيا وحلفائها سيدعمونهم "طالما اقتضى الأمر". 

ودعا المستشار الألماني، الدول القادرة على إرسال دبابات قتالية إلى أوكرانيا إلى القيام بذلك. ووعد شولتس، بقيادة حملة مكثفة لحض الحلفاء على التحرك ودعم أوكرانيا خلال جلسات المؤتمر.

من جهته، وجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، نداءً إلى الأوروبيين بهدف "معاودة الاستثمار بشكلٍ كبير في مجال الدفاع لمواجهة التحديات التي تخوضها القارة". وقال خلال كلمته في المؤتمر أن "النداء الأول هو نداء لمعاودة الاستثمار بشكلٍ كبير في مجالنا الدفاعي إذا كنا نحن الأوروبيين نريد السلام".

بدوره، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن أوكرانيا لن تكون محطة الغزو الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن المهم ألا يؤجل الغرب تسليم الأسلحة للمساعدة في التصدي للقوات الروسية. 

وأضاف زيلينسكي في كلمته للمؤتمر عبر تقنية الفيديو، بينما كان الغرب يتفاوض بشأن إمدادات الدبابات إلى كييف، كان بوتين يفكر في انقلاب يخنق به جمهورية مولدوفا، التي تقع غربي أوكرانيا، متابعًا القول: "من الواضح أن أوكرانيا لن تكون محطته الأخيرة، سيواصل تحركه بما في ذلك تجاه جميع الدول الأخرى التي كانت في وقت ما جزءًا من الكتلة السوفيتية".

واستحضر زيلينسكي في خطابه روايةً توراتية حول القتال بين داود وجالوت، قائلًا: "الأسلحة الغربية ستكون المفتاح لهزيمة جالوت الروسي".

أما نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، فأكدت خلال كلمتها في ثاني أيام المؤتمر، أن روسيا باتت أضعف بعد عام من الحرب، وشددت هاريس على أن واشنطن ستدعم كييف مهما طال الوقت.

getty

وأضافت "المصالح الأخلاقية والاستراتيجية هي سبب اهتمام شعوب العالم بأوكرانيا.. كانت هناك هجمات على قيمنا وإنسانيتنا المشتركة". وتابعت "القوات الروسية شنت هجمات ممنهجة واسعة النطاق على مدنيين في أوكرانيا، وقامت بعمليات ترحيل قصري لمئات الآلاف من الأوكرانيين إلى روسيا"، مشيرةً إلى أن "العدالة يجب أن تتحقق في ما يتعلق بالحرب الجارية في أوكرانيا".

وعلى هامش المؤتمر، أعرب وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا عن قلقهم من التعاون المتزايد بين روسيا وإيران. وفي بيان صادر عن الاجتماع، قال المتحدث باسم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن المجتمعين "بحثوا مخاوفهم بشأن التعاون العسكري الثنائي ذي الاتجاهين بين إيران وروسيا وانعكاساته على المنطقة وخارجها".

وتتهم كييف وحلفاؤها، روسيا باستخدام طائرات مٌسيّرة إيرانية الصنع في شن هجمات استهدفت البنية التحتية بأوكرانيا. 

وكان المؤتمر ساحة للقاء متوتر بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظيره الصيني، دار في معظمه حول حادثة المنطاد الصيني الذي حلق فوق الولايات المتحدة لأيام، قبل القيام بإسقاطه من قبل الجيش الأمريكي، كما حذر بلينكن نظيره الصيني من تقديم الدعم لروسيا في حربها على أوكرانيا.

يُعد مؤتمر ميونيخ للأمن والتعاون الأشهر على صعيد المؤتمرات المختصة بالسياسة والأمن في العالم. وفي شهر شباط/فبراير من كل عام يعقد في مدينة ميونخ جنوب ألمانيا، ويناقش فيه أهم التحديات التي تواجه الأمن الدولي. ويشارك في دورته السنوية، رؤساء دول وقادة من مختلف أنحاء العالم، من بينهم زعماء عرب. وسطر المؤتمر أهدافًا يسعى لتحقيقها من بينها المساهمة في حل النزاعات بالطرق السلمية.

يُعد مؤتمر ميونيخ للأمن والتعاون الأشهر على صعيد المؤتمرات المختصة بالسياسة والأمن في العالم

وتعود بداية مؤتمر ميونيخ للأمن والتعاون إلى عام 1963، في ذروة الحرب الباردة، عندما عقد أول جلساته، التي كانت تحت عنوان "اجتماع العلوم العسكرية الدولي". ليصبح فيما بعد، أهم منصة على مستوى العالم تناقش السياسات الأمنية عبر جلسات يشارك فيها أهم القيادات العالمية، ويتم تمويل المؤتمر عبر الشركاء والرعاة، كما تدعمه الحكومة الفيدرالية الألمانية، ويساعدها في ذلك وزارة الدفاع الألمانية.