04-نوفمبر-2016

وصفت أعمال سليماني بأنها "صوت لامع" في الأدب الفرنكفوني (غيتي )

في التفاتة الى الأدب الشاب، منحت جائزة لجنة "غونكور" الفرنسية، جائزتها الى الروائية المغربية ليلى سليماني (1981). وهي بذلك تدفع بالجائزة الى صوت أنثوي متفرد، شغل رغم ضآلة إنتاجه النقاد الفرنسيين، ووصف بأنه "صوت أدبي لامع".

وقررت اللجنة أن تمنح سليماني الجائزة عن إصدارها الثاني "أغنية رقيقة"، التي طبعت عن دار نشر "غاليمار"، بعد أن حصدت ستة أصوات من أصل عشرة لتكون الكاتبة والصحافية التي ولدت في الرباط لأبٍ مغربي وأم فرنسية - جزائرية هي الفائزة بالجائزة التي سبق أن نالها الكاتبان العربيان المعروفان أمين معلوف والطاهر بن جلّون. وتنضم سليماني أيضًا إلى النادي الضيق للنساء الفائزات بجائزة "غونكور"، إذ إن أربع كاتبات فقط فزن بهذه المكافأة في السنوات العشرين الأخيرة.

تكون سليماني رابع امرأة تفوز بجائزة "غونكور" وثالث مؤلف عربي بعد الطاهر بن جلون وأمين معلوف

ما ميّز سليماني دومًا بين رفاقها هو العبث. حين كانت تغيّر اختصاصاتها الجامعية، فقط لتجرّب. وكان هذا التجريب أثر واضح في عمليها الروائيين. فهي منذ قدومها بعمر الـ18، حوّلت تفاصيل حياتها الى مسرح مجنون. تنقلت في المعهد الفرنسي للعلوم الإنسانية ثم التحقت بمعهد "فلوران" لتدريب الممثلين، وغادرته لتدخل المعهد العالي للتجارة في العام 2008 وتحصل على دبلوم في الإعلام. كل هذا خلق حماسًا مفرطًا لدى الشابة لتكتب في الأدب. هي التي لفتت الأنظار الى أعمالها الصحافية في مجلة "جون أفريك"، كمحررة في الشؤون المغاربية. فكانت تغرق يديها في مسائل نسوية و"تابوهات" استطاعت من خلال سقف الحريات في المجلة تناولها بسهولة الروائي والإنتربولوجي القادم من ضفة بعيدة على البحر المتوسط.

أقرأ/ي: ربيع علم الدين يفوز بـ"فيمينا": خصوصية الروائي

ومنذ إصدارها رواية "حديقة الغول"، تمكنت سليماني من حجز مقعد لها في الأدب الفرنكفوني. وهي رواية أولى، تتناول سيرة إعلامية تدعى أديل روبنسون أدمنت الجنس وخيانة زوجها بسبب مشاكل نفسية. تقول سليمان في إحدى مقابلاتها إن ما عاشه رئيس البنك الدولي السابق دومينيك ستروس كان، واتهامه باغتصاب خادمة في فندق بالولايات المتحدة الأمريكية هو ما ألهمها تأليف الرواية، حيث تساءلت "شاهدت هذه الصور لرجل شاحب ومنكسر، وهذا ما جعلني أتساءل: كيف يمكن لرجل تحكم إلى هذا الحد في حياته ووصل إلى أعلى درجات مهنته أن يخسر كل شيء بسبب مسألة جنسية، وسرعان ما قررت تأليف الرواية على أن تكون البطلة امرأة".

روايتها الاولى "حديقة الغول" تتناول سيرة امرأة مهووسة بالجنس ولديها مشاكل نفسية مزمنة

 وكان لهذه الرواية وقع صارخ في الأوساط الثقافية، نظرًا لمضمونها الجريء وأسلوبها المرن وبنيتها السردية القائمة على الدهشة والمعتمدة أصلًا، على التحليل النفسي. وحصدت 80 ألف قارئ فرنسي أولعوا ببطلتها أديل. ما دفع بصحيفة "ليبراسيون" الى مقارنة العمل برائعة فلوبير "مدام بوفاري".

لكن المفصل الأهم في حياة الشابة السمراء، بعد إصدارها روايتها الثانية "أغنية هادئة"، التي  سجّلت أرقامًا ملحوظة في المبيع، وهي تروي قصة جريمة قتل طفلين على يد مربيتهما. وتتطرق إلى العلاقات الاجتماعية القائمة على السيطرة والبؤس. منذ الفقرة الأولى، تكشف الرواية كل أسرار حبكتها. حادثة تجري في الولايات المتحدة. الخادمة لويز تقتل الطفلين، ميلا وآدم، اللذين كانت تتولى رعايتهما، ثم تحاول الانتحار. لكنها تفشل في "منح نفسها الموت الذي أتقنت كيف تمنحه للغير، وتجد نفسها في العناية الفائقة، بعدما قطعت شرايين معصميها وغرزت سكيناً حادة في عنقها".

ولاقى فوز سليماني بالجائزة ترحيبًا من شعراء وأدباء في المغرب، لكنه ايضًا طرح إشكالية فوز كاتب مغاربي. إذ أشار البعض، الى ان سليماني فازت فقط لأنها تكتب اللغة الفرنسية، وهو إجحاف حقيقي بموهبتها التي قالت عنها الصحافة الفرنسية أنها تتفوق بها على كتاب لهم تاريخ مديد في الرواية.

يشار الى ان الجائزة مَعنية بالأدب المكتوب باللغة الفرنسية تَمنحُها أكاديمية غونكور سنويًا "للعمل النثري، عادة ما يكون رواية، الأفضل والأخصب خيالاً في العام". أُنشئت وفقاً لإرادة ووصية أدموند دي غونكور. تَمنح أكاديمية غونكور 4 جوائز أخرى هي: جائزة غونكور للرواية الأولى (بالفرنسية: Prix Goncourt du Premier Roman) وجائزة غونكور للقصة القصيرة (بالفرنسية: Prix Goncourt de la Nouvelle)، وجائزة غونكور للشعر (بالفرنسية: Prix Goncourt de la Poésie)، وجائزة غونكور لأدب السيرة الذاتية (بالفرنسية: Prix Goncourt de la Biographie). ومنذ عام 1987، تأسست جائزة غونكور لطلبة المدارس الثانوية كثمرة للتعاون بين أكاديمية غونكور ووزارة التربية الفرنسية وشركة فناك المُتخصصة في تسويق الكتب والموسيقى والأفلام.

أقرأ/ي أيضًا:

البوكر.. دعوة إلى المراجعة

أدولفوي بوي كساريس.. قصة عاشق