21-نوفمبر-2015

كان يجب تأجيل المباراة (كاثرين ايفيل/Getty)

تزامنت التفجيرات الإرهابية في باريس مع مباراة كرة قدم ودية جمعت منتخب الديوك الفرنسية بالماكينات الألمانية. وحضر المباراة العديد من الشخصيات الهامة، وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. واستطاعت الأجهزة الأمنية تأمين خروج الرئيس الفرنسي خارج أرضية ملعب "ستاد دو فرانس" بينما تركوا الجماهير يتابعون المباراة التي لم توقفها أصوات التفجيرات وجثث المدنيين المحيطة بالملعب ولا حتى حالة الذعر العامة، وانتهت بفوز معنوي ثمين للمنتخب الفرنسي على أبطال العالم!

لم يكن يوم 13/11 مشؤوماً بالنسبة للفرنسيين وحسب بل كان كذلك أيضًا بالنسبة للمنتخب الألماني

لم يكن يوم الثالث عشر من نوفمبر مشؤومًا بالنسبة للفرنسيين وحسب، بل كان كذلك أيضًا بالنسبة للمنتخب الألماني. فقد خيّم القلق على عناصر الفريق منذ وصولهم إلى باريس حين اضطروا لتغيير مكان إقامتهم بسبب إشاعة تفيد بوجود قنبلة بالفندق الذي ينزل به أبناء كتيبة لوف. وحرصت السلطات الفرنسية بعد انتهاء المباراة على تأمين الفريق الضيف الذي سافر على متن طائرة خاصة ليلًا.

وبالنسبة للمنتخب الفرنسي لم يكن أكثر حظًا. وبالإضافة لحالة الحزن العامة المخيمة على فرنسا، ارتبط بعض اللاعبين ارتباطًا شخصيًا ببعض ضحايا الحادثة الإرهابية الأعظم في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية. فنجت شقيقة مهاجم "أتليتكو مدريد" انطوان جريزمان من التفجيرات التي حدثت بقاعة باتاكلان للحفلات الموسيقية، وتوفيت ابنة عم اللاعب ديارا في إحدى التفجيرات القريبة من الملعب. ولم تستطع أهداف أوليفر جيرو واللاعب البديل أندريه جيناك أن ترسم البسمة على وجوه الفرنسيين.

وعلى الرغم من تركيز الإعلام في العالم بأسره على الحادثة الإرهابية التي سميت بحادثة "11 سبتمبر فرنسا" إلا إن الساحرة المستديرة لم تغب عن الساحة الإعلامية. فاحتل تصريح رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم "جرايه" الصفحات الأولى في الكثير من الصحف العالمية، حيث قال: نشارك الأمة الفرنسية كلها الهزة التي تعرضنا لها أمس بسبب الأحداث المأساوية، ونوجه تعاطفنا مع عائلات الضحايا.

بل إن كرة القدم لم تغب حتى في التسجيل الصوتي الذي أصدره تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، حيث ورد ضمن هذا التسجيل العبارات التالية : ... حيث قام ثمانية من الإخوان الملتحفين بالأحزمة الناسفة والبنادق الرشاشة باستهداف مواقع منتخبة بدقة في قلب عاصمة فرنسا، ومنها ملعب دي فرنسا أثناء مبارة فريقي ألمانيا وفرنسا الصليبيين".

ومن جهته أكد الاتحاد الألماني لكرة القدم أنه سيتأنى بعد الحادثة المفجعة التي حصلت أثناء تواجده في باريس، وتحدث عن إمكانية إلغاء مباراته الودية التي ستجمعه بهولندا هذا الأسبوع. ولكن الصدمة الكبرى كانت بالنسبة للعالم وحتى لعشاق المستديرة هي إعلان الاتحاد الفرنسي لكرة القدم بأن مبارات فرنسا ضد منتخب الأسود الثلاثة ستعقد دون تأجيل يوم الثلاثاء! وبالفعل، جرت المباراة. وهنا لابد من طرح التساؤل: لماذا لم تلغ فرنسا مباراتها الودية حدادًا على أرواح الضحايا المدنيين الأبرياء أو تؤجلها على أقل تقدير؟

إنها مجرد مباراة ودية من الممكن إلغاؤها دون أن تؤثر بالإيجاب أو السلب على مسار الكرة الفرنسية

إنها مجرد مباراة ودية، من الممكن إلغاؤها دون أن تؤثر بالإيجاب أو السلب على مسار الكرة الفرنسية، إقامة المباراة في موعدها لن يكون له أي أثر إيجابي في حرب فرنسا ضد الإرهاب، فمن غير المنطقي اعتبار إيقاف كرة القدم الأوروبية هدفًا من أهداف داعش! وحتى إن أجهدنا أنفسنا بالبحث عن الدافع الذي جعل الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يتمسك بمباراته ضد إنجلترا، واعتبرنا السبب يعود للكبرياء الفرنسي الذي لا يرغب بأن ينحني أمام الذعر من الإرهاب! فإن ذلك لا يبدو منطقيًا في اللحظة الراهنة وبالتزامن مع تصريحات هولاند بدعمه للحملات العسكرية المناهضة للإرهاب. سؤال آخر وأساسي: هل كرة القدم الأوروبية في خطر؟

ولكن إن حاولنا أن نقرأ الواقعة من الناحية الإيجابية، سنجد ذلك ممكنًا. فإذا قرأنا قرار الاتحاد الإنجليزي والاتحاد الفرنسي لكرة القدم ــ الذي يجده البعض لا إنسانيًا ــ في سياق تاريخي، فإننا سنجد أن أحفاد سايكس – بيكو أصبحوا أكثر إنسانية، واستطاعت الرياضة وكرة القدم أن تنقل روني وأبناء جيله من ساحات المعارك إلى ساحة المستديرة.

اقرأ/ي أيضًا:
ويبقى زين الدين زيدان أسطورة فرنسا...
الألمان في نهائي 1986.. لقد شاهدنا مارادونا!