30-أكتوبر-2016

هل تتعارض طقوس "هالوين" مع تعاليم الكنيسة الشرقية؟ (مواقع التواصل الاجتماعي)

في كل عام، ومع اليوم الأخير من شهر تشرين الأول/أكتوبر يحتفل العالم بما يسمى بعيد الـ"هالوين". إلا أن هذا العيد "الرمزي"، الذي يأخذ طابعًا "ترفيهيًا" لا يزال عرضة للمقاطعة والانتقاد. فهو يقام عمليًا، عشية بدء صيام الميلاد في الكنيسة الغربية، ويسمى في العرف المسيحي بـ"عيد القديسين". في هذه الاحتفالات ثمة طقوس تعود أصولها إلى تقاليد تاريخية بعيدة، أهمها تنكُّر المحتفلين بأزياء غريبة، مستخدمين "ماكياجات" ذات طابع مخيف، فيما ينطلق الأطفال منهم إلى الشوارع، ويطرقون أبواب الجيران طلبًا للحلوى. 

تتجدد دعوات مقاطعة عيد "هالوين" وهذه المرة علت أصوات مسيحية-عربية واصفة إياه بـ"عيد الشيطان"

إلا أن هذا العام، انطلقت دعوات دينية وإعلامية في العالم العربي لمقاطعة هذا العيد، وبلهجة حادة. معتبرين إياه "عيد الشيطان". وهي دعوات صدر بعضها عن جهات مسيحية، وذلك خلافًا للعادة المتبعة في مثل تلك الحالات حيث تصدر الفتاوى من جهات إسلامية، تُحرِّم مشاركة غير أتباع العقيدة الإسلامية في أعيادهم.

أقرأ/ي أيضًا: المهرج القاتل يقلق الهولنديين مع اقتراب الهالوين

وعلى الرغم من شعبية وانتشار هذه الدعاوى، إلا أنها فتحت جدلاً شبيهًا بالجدل المعتاد في كل عام، حول حُكْم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم. خاصة مع اقتراب أعياد رأس السنة الميلادية. بعض المسيحيين رفضوا تلك الدعوات، باعتبار أن التحريم لا مبرر له نظرًا إلى أن المناسبة لا تعدو كونها احتفالية لإضفاء المرح وتسلية الأطفال، حيث يتجهّزون للبس ثياب "هالوين" والبحث عن الحلوى في بيوت الجيران.

ويعتمد الداعون لمقاطعة الاحتفال على فكرة مفادها أن طقوس "هالوين" تخالف العقيدة المسيحية الشرقية، إذ "يمثّل احتفاءً بالموت في مقابل ثقافة الحياة التي تتبناها العقيدة المسيحية"، وفق ما يشير إليه أحد الشعارات التي صممها مؤيدو حملة المقاطعة. ويذكر موقع "مسيحي"، أحد الداعين لمقاطعة الاحتفال، وهو موقع تابع للطائفة القبطية في مصر، أن كلمة "هالوين"هي اختصار للعبارة الإنجليزية "ليلة جميع القديسين"، أي الليلة السابقة لعيد جميع القديسين في التقويم الغربي (أول تشرين الثاني/نوفمبر)، بينما تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية به في الأحد التالي لعيد "العنصرة"، وهو عيد يحتفل به المسيحيون في الشرق بعد عيد القيامة بخمسين يومًا. 

أبرز حجج مقاطعي "الهالوين" تعود إلى أسباب دينية تحرّم هذه الطقوس لدى مسيحيي الشرق

ويشير الموقع إلى أن بدايات هذا العيد تعود إلى الفترة التي كانت روما وأوروبا لم تزل أرثوذوكسية، ولكنه يشير إلى احتوائه على العديد من "المعاني المضادة للمسيحية" من خلال الممارسات الغامضة والغريبة التي تعود أصولها إلى شعب السِلت (Celtic People)، الذي عاش قديمًا في الجزر البريطانية وكان يؤمن بإله الموتى "سمهاين" (Samhain)، والممارسات التي يقصدها الموقع تتضمن استرضاء الموتى، الذين تتجوّل أرواحهك في الأرض في يوم عيد هذا الإله، كما تتضمن أيضًا "تقديم تضحيات بشرية"، ما جعل الكنيسة في بريطانيا تحارب "هذه العبادات الشيطانية، وممارساتها الدموية"، بحسب الموقع نفسه.

ويذهب الموقع إلى أنه لهذا السبب كان حتى الزمن القريب يجري الاحتفال بـ"هالوين"، كعيد للرعب في بريطانيا والولايات المتحدة وبعض الدول التي تنحدر شعوبها من أصول وثقافة بريطانيتين، ومنذ أمد ليس ببعيد بدأت التقاليد المعروفة للهالوين من أشباح وسحرة تنتشر في البلاد الأخرى.

ويرد الموقع على ما يسمّيه "أقاويل إن الهالوين حاليًا هو مجرد وقت يفرح فيه الأطفال ويتمتعون فيه بالحلوى والملابس"، بقوله إن الاحتفال به "بما يتضمنه من سحرة وشياطين ومشعوذين ليست سليمة، لأنها عملية تطبيع لتلك الرموز الشيطانية. واعتبر المشاركة فيه "مساهمة في عملية الارتداد عن المسيحية". وطالب المسيحيين بـ"تمضية تلك الليلة في إقامة الصلوات، وتلاوة المزامير والتسابيح وقراءة الكتاب المقدس. بل وبمراقبة المواد التي يجري تدريسها للأطفال في المدارس، في هذا الشهر"، إذ اعتبر أن احتفال بعض المدارس به "انتصار جديد للوثنية في حربها التي لا تنتهي ضد المسيحية".

تعود ممارسات "هالوين" إلى شعب السلت، الذي عاش في الجزر البريطانية وكانوا يؤمنون بإله الموتى

وبعيدًا عن فتاوى التحريم، التي لا تتوقف عن إطلاقها جهات إسلامية (غالبًا سلفية التوجه) مع كل موعد لأحد الاعياد المسيحية، من قبيل تحريم المشاركة في الاحتفال أو التهنئة، مثل "شم النسيم، والكريسماس"، هناك فتاوى أخرى من جهات إسلامية، تصدر لتحريم الاحتفال حتى بمناسبات إسلامية.

على رأس تلك المناسبات المُحرّمة على المسلمين "السُنة"، يوم عاشوراء، الموافق العاشر من شهر المُحرم، والذي يؤرّخ لذكرى استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب، ويحتل مكانة مهمة في أجندة احتفالات المسلمين الشيعة. يدور الجدل في كل عام حول دواعي صوم "عاشوراء"، المسموح به للسُنة، والوقت المفضل لذلك من بين العاشر أو التاسع من المُحرم. كذلك يشمل الجدل الأطعمة والذبائح المأكولة في هذه المناسبة، وأشهرها طبق العاشوراء (طبق حلوى يتكون من حبوب القمح المطهوة بالحليب)، حيث أفتى بعض علماء السُنة بـ"عدم جواز تناول طعام الشيعة" في يوم عاشوراء، أو المشاركة في إعداده "لأن ذلك من باب التعاون على الإثم والعدوان".

وإذا كانت مبرررات المنع السابق مفهومة في ضوء ما، بين أتباع المذهبين الإسلاميين من خلافات تاريخية، فإن التحريم لم يقف عند هذا الحد، بل امتد إلى مناسبات أخرى يحييها السُنة أنفسهم، مثل المولد النبوي، حيث صدرت فتاوى حول عدم جواز تناول حلوى المولد النبوي وإلزام المسلم الصالح بالابتعاد عن المشاركة فيها، لأنها "بدعة مستحدثة"، وعدم إقامة الموالد وليالي الذكر احتفالًا بهذه المناسبة، نظرًا لما تنطوي عليه هذه الممارسات "من بدع وضلالات تبتعد بأصحابها عن صحيح الدين".

أقرأ/اي أيضًا:

"كذبة نيسان".. "آكيتو بريخو" في أصلها السوري

أجمل 6 أعياد شعبية في أفريقيا