30-أغسطس-2015

رددت هتافات بيروت ذاتها في واشنطن (رتيب الصفدي/الأناضول/Getty)

بدا لافتًا حرص السفير اللبناني في واشنطن أنطوان شديد على الانضمام إلى العشرات من أفراد الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة، الذين احتشدوا على الرصيف المقابل لمقر السفارة في العاصمة الأمريكية. وكأن الدبلوماسي اللبناني أراد إبراز ما هو تقني في منصبه لجهة رعاية شؤون الجالية اللبنانية في أمريكا، واستبعاد السياسي منه، بصفته ممثلًا للحكومة اللبنانية، وتاليًا ينتمي إلى الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان. وأخيرًا، بات الانتماء إلى تلك الطبقة يثير الشبهات والسخط الشديد. رغم هذا الانتماء، وربما لأننا في "بلد الحرية"، أشاد السفير بتحرك الشباب اللبناني وتسلم لائحة بمطالب المتظاهرين لنقلها إلى السلطات المعنية. حركة معنوية لكنها تحمل دلالات.

جرت التظاهرة في الحي الدبلوماسي بالعاصمة الأميركية وبإشراف 3 من رجال الشرطة

ورغم أن الصيحات والشعارات التي أطلقتها حناجر التظاهرة اللبنانية في واشنطن، لم تملك من القوة ما يكفي لكي تحدث صخبًا، لكنها كانت صادقة. حتى أنها لم تثر فضول ثلاثة من رجال الشرطة الأمريكيين، الذين ركنوا سيارتهم على التقاطع المقابل لمقر السفارة في الحي الدبلوماسي، بالعاصمة الأمريكية، مكتفين بمراقبة المشهد من بعيد. رغم ذلك فإنها كانت أصواتًا صادقة في تضامنها، مع أصدقاء وأقرباء كانوا يتظاهرون في نفس الوقت في ساحة الشهداء في بيروت. وحملت التظاهرة رسالة واضحة لأمراء الطوائف في لبنان من بلاد العم سام مفادها "وصلت ريحتكن ع واشنطن". هنا كما في تظاهرات بيروت، تصدر المشهد العلم اللبناني، والشعارات الموحدة الداعية للعلمانية والدولة المدنية، وهذا أيضًا تطور نوعي.

وكان النشيد الوطني اللبناني الذي تصدر برنامج الاعتصام التضامني بمثابة تمرين تمهيدي لهؤلاء المغتربين، لاستعادة المزاج اللبناني الحماسي، ونشره في الشارع الأمريكي الهاديء. النشيد توطئة ضرورية لإطلاق العنان للهتافات والرديات الطازجة التي تنقلها مباشرة من قلب تظاهرات بيروت شبكات التواصل الإلكتروني. لا تشي اللافتات والصور التي رفعها المحتشدون  بأي اشارة إلى انتماء طائفي أو سياسي، فيما تشير لهجة المعتصمين اللبنانية القحة إلى أن اكثرهم من الطلاب الجامعيين الذين يدرسون في جامعات واشنطن ومن المهاجرين الجدد، الذين لم تنقطع صلاتهم اليومية مع الأهل والأصحاب في لبنان. وقد توافد بعضهم من أماكن بعيدة نسبيًا، في ولايتي فرجينيا وميريلاند إلى واشنطن، تلبية لدعوة أطلقتها صفحة "لبنانيون في الولايات المتحدة الأمريكية" على مواقع التواصل الاجتماعي، في إطار سلسلة من الفعاليات والأنشطة نظمت في الولايات الأمريكية التي يكثر فيها المهاجرون من أصل لبناني.