14-سبتمبر-2023
gettyimages

تسعى كوريا الشمالية للحصول على قنية البرنامج الفضائي الذي يساهم في تطوير الصواريخ البالستية (Getty)

قالت صحيفة الغارديان البريطانية إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عرض على فلاديمير بوتين دعمه "للمعركة المقدسة" التي تخوضها روسيا ضد الغرب خلال المحادثات التي تطرقت أيضًا إلى المساعدة الروسية المحتملة في برنامج الفضاء الكوري الشمالي.

والتقى زعيما كوريا الشمالية وروسيا يوم أمس الأربعاء في قاعدة فضائية في أقصى شرق روسيا وسط تحذيرات من أن كيم يستعد لتقديم قذائف مدفعية للكرملين وذخائر أخرى للاستفادة منها في الحرب على أوكرانيا.

ويقال إن بوتين، الذي استقبل كيم بمصافحة ومحادثة مطولة خارج قاعدة "فوستوشني" الفضائية في فلاديفوستوك شرقي البلاد، عرض المساعدة الروسية في برنامج الأقمار الصناعية المضطرب لنظام بيونغ يانغ.

قال كيم لبوتين إن كوريا الشمالية ستجعل العلاقات الثنائية مع روسيا أولويتها الأولى، وإنه يرى الحرب في أوكرانيا بمثابة محاولة لتحدي "القوى المهيمنة" التي تسعى إلى تقويض أمن روسيا

وحققت كوريا الشمالية تقدمًا هائلًا في برامجها للأسلحة النووية والباليستية على الرغم من سنوات من العقوبات وذلك بدعم من روسيا، لكنها لم تحقق نجاحًا كبيرًا في محاولاتها لإطلاق قمر صناعي.

وقال الخبراء إنها فشلت في وضع قمر صناعي للتجسس العسكري في مداره في الأشهر الأخيرة.

لقاء يائس

وبينما قام كيم برحلة القطار الطويلة شمالًا على أمل الحصول على الخبرة الروسية في تكنولوجيا الأقمار الصناعية، وربما الغذاء وغير ذلك من المساعدات، كان اجتماعهما الأول منذ أربع سنوات بمثابة فرصة نادرة لبوتين للترحيب بأحد حلفاء الكرملين الدوليين القلائل.

وقال كيم لبوتين إن كوريا الشمالية ستجعل العلاقات الثنائية مع روسيا أولويتها الأولى، وإنه يرى الحرب في أوكرانيا بمثابة محاولة لتحدي "القوى المهيمنة" التي تسعى إلى تقويض أمن روسيا.

مضيفًا أنّ روسيا ارتقت الآن إلى مستوى النضال المقدس لحماية سيادتها وأمنها ضد القوى المهيمنة التي تعارض روسيا. كما قال كيم، بحسب لقطات بثها التلفزيون الروسي، "الآن نريد تطوير العلاقة بشكل أكبر".

getty

مردفًا القول: "لقد أعربنا دائمًا عن دعمنا الكامل وغير المشروط لجميع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الروسية، وأغتنم هذه الفرصة مرة أخرى للتأكيد على أننا سنكون دائمًا مع روسيا".

واستمرت المحادثات الثنائية بين الزعيمين، وكذلك المناقشات مع الوفود، لمدة ساعتين تقريبًا، وأعقبها حفل عشاء رسمي على شرف كيم. وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن الزعيمين ناقشا إمكانية إرسال رائد فضاء كوري شمالي إلى الفضاء.

وكان اختيار مكان عقد القمة أمرًا بالغ الأهمية، حسب الغارديان، نظرًا لاهتمام كوريا الشمالية بملاحقة برنامج فضائي. وقبل محادثاتهم، قام الزعماء بجولة في منشآت التجميع والإطلاق في قاعدة الفضاء الواقعة في غابات شرق روسيا، على مسافة ليست بعيدة عن الحدود الصينية.

وتشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء ما تردد عن اهتمام بوتين بالأسلحة الكورية الشمالية، وقالت الأسبوع الماضي إن بيونغ يانغ "سوف تدفع الثمن" إذا زودت روسيا بتلك الأسلحة، كما قالت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة إن أي صفقة أسلحة ستنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعمها روسيا.

ومع ذلك، من المتوقع أن تستغل روسيا محادثات الأربعاء للحصول على قذائف مدفعية وصواريخ مضادة للدبابات من بيونغ يانغ، التي تريد في المقابل تكنولوجيا الأقمار الصناعية المتقدمة والغواصات التي تعمل بالطاقة النووية.

ويظل من غير الواضح ما إذا كانت روسيا على استعداد لمشاركة مثل هذه التقنيات الحساسة مقابل ما يمكن أن يكون كمية محدودة من الذخيرة الكورية الشمالية التي يتم تسليمها ببطء عبر الحدود المشتركة الصغيرة بين البلدين.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأثناء لقائه بكيم، قال إنهم سيتحدثون عن كل القضايا دون استعجال. وعندما سأل الصحفيون عما إذا كانت روسيا ستساعد بيونغ يانغ في بناء الأقمار الصناعية، قال بوتين: "لهذا السبب جئنا إلى هنا. يُظهر القائد اهتمامًا كبيرًا بهندسة الصواريخ، كما أنهم يحاولون تطوير الفضاء".

وضم الوفد المرافق لكيم العديد من المسؤولين الذين يبدو من تشكيلتهم أنّ المناقشات ستركز على التعاون العسكري، ومن بين هؤلاء المارشال في الجيش الشعبي الكوري، باك جونغ تشون، ومدير إدارة صناعة الذخائر، جو تشون ريونغ.

وكشفت الصور التي التقطت في المكان أن كيم كان برفقة أخته الصغرى القوية كيم يو جونغ، التي سافرت معه في زيارات خارجية سابقة.

getty

وقال بوتين لكيم إنه سعيد للغاية برؤيته، وفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام الحكومية الروسية، في حين شكر كيم، الذي تحدث في وقت سابق عن الأهمية الاستراتيجية لعلاقات نظامه مع الكرملين، بوتين على دعوته لزيارة روسيا، "على الرغم من كونه مشغولًا"، في إشارة محتملة إلى حرب روسيا الطويلة والمضطربة في أوكرانيا.

البحث عن السلاح

وقال مراسل الغارديان في موسكو أندرو روث: "يكون الوضع رهيبًا عندما تتباهى بعلاقات أوثق مع كوريا الشمالية، لكن فلاديمير بوتين في عام 2023 يجد نفسه في هذا الموقف تمامًا ولم يتبقى لديه ما يخسره".

وأضاف: "الضجة الروسية التي سبقت القمة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون تنافس التوقعات بشأن اجتماعاته مع الزعماء الغربيين، حيث سيحاول التودد أو التنافس مع المعارضين مثل باراك أوباما أو أنجيلا ميركل".

وأشار إلى أن روسيا "بعد أن أصبحت روسيا معزولة دوليًا بعد غزوها الشامل لأوكرانيا، تبنى بوتين دور المفسد، وتودد إلى عدد من الزعماء المناهضين للغرب في أفريقيا في القمة الأخيرة، وهدد بتجاوز خط أكثر جدية مع كوريا الشمالية، ومن المحتمل أن تنتهك عقوبات الأمم المتحدة التي صوتت روسيا نفسها لصالحها، من خلال إبرام صفقة أسلحة كبيرة".

وقال مايكل كوفمان، وهو زميل بارز في برنامج روسيا وأوراسيا في مؤسسة كارنيجي للتنمية الدولية لـ"الغارديان"، إن نقص الذخيرة لدى روسيا أجبرها على الحفاظ على قذائفها وصواريخها، وفرض حدودًا يومية لإطلاق النار، والتركيز بشكل أكبر على أنواع الذخائر الموجهة بدقة على كميات النيران. مضيفًا أن روسيا "تقوم بتعبئة الإنتاج، لكن الإنتاج سيكون أقل بكثير من احتياجاتها، لذلك من المرجح أن يسعوا إلى الاستيراد من أي مصدر يمكن أن يساعد في تعويض العجز".

وقال سيمون ويزمان، أحد كبار الباحثين في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إنه من المحتمل تمامًا أن يكون لدى كوريا الشمالية مخزونات كبيرة من الذخيرة التي يمكن لروسيا استخدامها.

وأضاف: "يبقى أن نرى ما إذا كان سيتم التوصل إلى أي اتفاق"، وأضاف: "لن نعرف على وجه اليقين حتى يكون هناك دليل دامغ على أن روسيا استخدمت أسلحة وذخيرة كورية شمالية في ساحة المعركة في أوكرانيا".

وقد يسعى كيم أيضًا إلى الحصول على إمدادات الطاقة والغذاء التي تشتد الحاجة إليها. ويشار في هذا الصدد إلى ما قاله نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، من أنّ المسؤولين الروس قد يناقشون المساعدات الإنسانية مع الوفد الكوري الشمالي.

وأعلن على هامش زيارة كيم لروسيا أنّ وزيري خارجية البلدين سيجتمعان الشهر المقبل في كوريا الشمالية، على الرغم من عدم وجود خطط لزيارة بوتين نفسه لبيونغ يانغ.

قلق أمريكي

أعربت الولايات المتحدة، الأربعاء، عن قلقها إزاء التعاون العسكري الجديد المحتمل بين روسيا وكوريا الشمالية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن التعاون الذي تم الإعلان عنه خلال زيارة كيم كان "مثيرًا للقلق للغاية ومن المحتمل أن يشكل انتهاكًا للعديد من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

قال سيمون ويزمان، أحد كبار الباحثين في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إنه من المحتمل تمامًا أن يكون لدى كوريا الشمالية مخزونات كبيرة من الذخيرة التي يمكن لروسيا استخدامها

وأشار إلى مخاوف الولايات المتحدة من أن الأقمار الصناعية الكورية الشمالية، التي وعد الرئيس بوتين بالتعاون معها، قد استخدمت لتطوير الصواريخ الباليستية لبيونغ يانغ.

وقال ميلر إن الولايات المتحدة "لن تتردد" في فرض عقوبات إذا كان ذلك مناسبًا.

من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مقابلة بثت الأربعاء، إن اعتماد روسيا على كوريا الشمالية وإيران يظهر الوضع المزري الذي تعاني منه في الوقت الذي تخوض فيه حربها في أوكرانيا، مضيفًا: "هذا نوع من مشهد حانة حرب النجوم للبلدان. لذلك أعتقد أن هذا يعكس يأس روسيا. نحن نتطلع إلى التأكد من أننا، عند الضرورة، قادرون على فرض التكاليف والعواقب".