12-يناير-2022

الضحية نايف النايف "إنترنت"

في غرفته وعلى سريره، قُتل الشاب السوري نايف النايف (19عامًا) الثلاثاء طعنًا في صدره على يد مجموعة من الشبان (أتراك وأفغان)، اقتحموا السكن الشبابي الذي كان يقطنه النايف وأصدقاؤه في منطقة بايرم باشا بمدينة إسطنبول التركية، لتنال من حياته يد الغدر دون السماح له بأي مقاومة أو استنجاد، حيث كان نائمًا وقتل دون أي حراك في فراشه.

ترى الأمم المتحدة أن خطاب الكراهية أداة سياسية لاجتذاب أسوأ الغرائز في المجتمع، وأن الأحزاب السياسية تستخدم خطاب الكراهية كوسيلة لتقديم حلول سهلة للمشاكل المعقدة

المعلومات المتداولة تفيد بمقتل النايف من قبل شاب أفغاني الجنسية، وربما هنا المفارقة بأن يقضي لاجئ سوري على يد مهاجر أفغاني في تركيا.

موقع "تلفزيون سوريا" نشر صور المعتدين، وأوضح أن 8 شبان من الجنسيتين التركية والأفغانية اقتحموا السكن الشبابي، بهدف ابتزاز الشبان السوريين القاطنين في الشقة للحصول على الأموال بعد أن أوهموهم بأنهم عناصر من الشرطة التركية وقد تم القبض عليهم من قبل السلطات الأمنية، وهذا ما ذكرته بدورها صحيفة سوزجو التركية المعارضة، فيما وصفت جريمة القاتل بـ "العدوانية الأفغانية"، دون الإشارة إلى وجود أي دوافع عنصرية.

من جانبه، قال تجمع المحامين السوريين في بيان، "إن هذه الجريمة المنكرة تشكل علامة فارقة في سياق متصاعد لأحداث متفرقة يواجها السوريون من بعض الرعاع العنصريين الأتراك لكون ما تم يشكل اعتداء منظمًا ومعدًا له بشكل مسبق، ما يؤشر لتطور أدوات ووسائل ارتكاب الجريمة العنصرية بحق السوريين"، داعيًا الحكومة التركية بتحمّل مسؤولياتها حيال إيقاف عجلة الجرائم العنصرية المرتكبة بحق السوريين وتوفير الحماية للمواطنين والمقيمين وممتلكاتهم على حد سواء.

وفي تصريح خاص لموقع ألترا صوت، ربط رئيس تجمع المحامين السوريين غزوان قرنفل، بين ارتفاع معدلات الجريمة التي تستهدف السوريين وبين تصاعد الخطاب العنصري الذي يطلقه ويستثمره سياسيًا بعض قادة الأحزاب المعارضة والشخصيات السياسية، و"بالتالي يفترض أن يعامل هؤلاء كمحرضين غير مباشرين على الجرائم ذات الدوافع العنصرية".

وحول مصير الجناة، توقع المحامي قرنفل أن يحاكم الجناة بجريمة القتل المقصود وأن تفرض على الفاعل المباشر عقوبة مشددة، لا تقل عن 20 عامًا سجن، بينما رأى أنه من المتوقع أن ينال الشركاء عقوبة بالسجن ما بين 10 - 15 عامًا، إن لم يكن بينهم قاصرًا فتكون عقوبته مخففة.

عنصرية متسلسلة

تتابعت وقائع الاعتداء والقتل بحق اللاجئين السوريين في تركيا بدوافع عنصرية خلال الأسابيع القليلة الماضية، وجاء مقتل النايف كآخر هذه الحوادث الذي سبقه عمليات تخريب وتحطيم لمحال السوريين في "مول العائلة" بمنطقة إسنيورت في مدينة إسطنبول يوم الأحد الفائت، نفذتها مجموعة من الشبان، القسم الأعظم منهم تحت سن الـ18 عامًا، بسبب شجار دار لطلب سيجارة، إلى جانب وقوع حادثة مفجعة ارتكبت بحق 3 شبان سوريين في مدينة إزمير، والتي قضوا فيها حرقًا على يد قاتل عنصري خلال الشهر الفائت.

الأستاذ والناشط في قضايا حقوق اللاجئين طه الغازي، والذي حضر إلى مسرح الجريمة المرتكبة بحق النايف بعد وقوعها، قال لموقع ألترا صوت، إنه "وخلال الفترة الأخيرة زادت حدة الاعتداءات على اللاجئ السوري بشكل واسع، وتحولت الجرائم من لفظية إلى جسدية"، وعزى أسباب ارتكاب الجريمة الأخيرة إلى ارتفاع خطاب العنصرية وتمادي قادة الأحزاب المعارضة، وتأثر فئة الشباب بهذه التصريحات التحريضية.

كما رأى أن غياب الرادع القانوني ساهم بإعطاء الكرت الأخضر للعنصريين بارتكاب هذه الجرائم، لافتًا إلى بقاء بعض الساسة الأتراك المحرضين أمثال أوميت أوزاغ رئيس حزب النصر، وإيلاي أكصوي رئيسة حزب الجيد، وتانجو أوزجان رئيس بلدية بولو، في مأمن عن العقوبة.

الغازي أشار إلى وجود تمييز بتطبيق القانون، خصوصًا المادة 216 التي تم تطبيقها على لاجئين سوريين صدر بحقهم قرارًا بالترحيل عن الأراضي التركية بسبب "قضية الموز"، بينما نجد المحرضين الأتراك في معزل عن العقاب، داعيًا إلى توفير بيئة آمنة للسوريين، وعدم اكتفاء الحكومة التركية بالتصريحات الكلامية التضامنية، بل ضرورة تطبيق القانون على الجميع وحماية اللاجئين.

خطاب الكراهية والنسيج التركي

في سياق حديثه، حذّر الناشط الحقوقي من خطورة تطور خطاب العنصرية إلى ضربه بالنسيج التركي وعدم اقتصار ممارسته على اللاجئ السوري، "فقد وصل خطاب الكراهية للمدارس ومن المحتمل توجيهه نحو المواطن التركي أيضًا من غير محافظة مثلًا" يقول الغازي.

بدوره، لفت المحامي قرنفل إلى عدم وجود قانون خاص لتجريم العنصرية في الخطاب والسلوك حتى الآن في القانون التركي، "على الرغم من أن الدستور التركي ينص على مبدأ عدم التمييز بين البشر"، وأردف "بطبيعة الحال لا يفرق القانون التركي في أعماله وتطبيقه بين مواطن وأجنبي وهو يطبق على كل من هو موجود على الأراضي التركية".

وينص قانون العقوبات التركي في المادة 216 على عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، على من حرض علانية شريحة من السكان ذات خصائص مختلفة، من حيث الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو المذهب أو المنطقة على شريحة أخرى من السكان، ما يتسبب بوجود خطر واضح ووشيك على السلامة العامة.

كما يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنة، كل من أهان علنًا جزءًا من السكان على أساس الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو الطائفة أو الجنس أو الاختلافات الاقليمية (الجغرافية)، وفق رئيس تجمع المحامين السوريين.

وترى الأمم المتحدة أن خطاب الكراهية أداة سياسية لاجتذاب أسوأ الغرائز في المجتمع، وأن الأحزاب السياسية تستخدم خطاب الكراهية كوسيلة لتقديم حلول سهلة للمشاكل المعقدة، وهو ما يفسر سبب زيادة خطاب الكراهية قبل الانتخابات أو خلال أوقات عدم اليقين الوطني.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أكثر ضحاياها نساء.. 10 جرائم هزت تركيا في 2021

جريمة جديدة تهزّ تركيا.. مهندسة شابة تتعرض للقتل بسيف "ساموراي" أمام منزلها