02-أغسطس-2022
Rukban Camp

أطفال ينقلون الماء في مخيم الركبان (Getty)

في الوقت الذي يتزايد نصيب الملايين من المياه وتزداد تسهيلات وصولهم إليه حول العالم، فإن ثمة بقعة جغرافية على الحدود السورية الأردنية، ما يزال قاطنتها يجرّون عربات متهالكة لجلب المياه من على كيلو مترات عديدة، من مركز ضخ المياه من الجانب الأردني، في رحلة عناء شاقة ومكلفة. 

رئيس المجلس المحلي لمخيم الركبان لألترا صوت: المياه تضاءلت بنسبة كبيرة منذ أشهر في المخيم، رغم تزايد الحاجة إليها بسبب ازدياد حرارة الجو

هذه الرحلة المضنية تنتهي بكميات ضئيلة تصل إلى كل عائلة ضمن مخيم صحراوي، يدعى مخيم الركبان في جنوب شرقي سوريا. إلا أن مجرّد توفّر هذا الخيار اليوميّ على مشقّته قد يغدو شكلًا من أشكال الرفاهية المشتهاة، وذلك بعد أن توقفت الجهات الأردنية المدعومة من الأمم المتحدة عن ضخ المياه بشكل جيّد إلى المخيم، وباتت تصل كميات ضئيلة جدًا تحت قيظ فصل صيفي قاسٍ في تلك المساحة الجافة، بحسب ما أكّد أشخاص داخل المخيّم. 

"عالم أفضل" تتحمّل المسؤولية إلى جانب المنظمات الأممية

ووفقًا لما ذكر رئيس المجلس المحلي لمخيم الركبان محمد أحمد الدرباس، لموقع ألترا صوت، فإن المياه تضاءلت بنسبة كبيرة منذ أشهر، لكن الحاجة إليها أصبحت أكبر بعد ازدياد حرارة الجو، وقساوة طبيعة أرض المخيم، محمّلًا منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة ومنظمة "عالم أفضل" التي يتم ضخ المياه عن طريقها، مسؤولية عطش أهالي المخيم ومعاناتهم.

ولأن سكّان المخيم يأملون بـ"عالم أفضل" داخل مخيّمهم، أو على الأقل أدنى مقوّمات الحياة وسبب استمرارها وهو توفير المياه، أطلقوا مناشدات عدة لحل المشكلة، وتأمين مساعدات غذائية ودوائية، لا سيما أنها منقطعة منذ قرابة الثلاث سنوات عن المخيم.

يقول أحد سكان المخيم عبد الرحمن الخالد لموقع ألترا صوت، "نسبة كبيرة من الأهالي في مخيمنا لا تتوفر لديهم المياه منذ عدة أيام، لا أدري لماذا يفعلون بنا هذا، الذي فينا يكفينا"، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية كذلك، بسبب حصار النظام السوري للمخيم منذ عدة سنوات، وفرض أتاوات باهظة من قبل حواجزه قرب المخيم.

وفي سياق حديثه، أردف الخالد: "حرارة الجو 45 إلى 50 درجة مئوية، ومن الطبيعي أن يشرب الإنسان في فصل الصيف المياه بشكل أكبر، ويستحمّ أكثر، لكن في هذا المخيم الحالة مختلفة، نحن هنا نقنّن من استخدامنا للماء، ليكفينا أكثر وقت ممكن"، لافتًا إلى أن تعبئة المياه من قبل الجرّارات التي تصل للمخيم تحتاج للوقوف على الدور يومًا كاملًا، كي يتمكنوا من تعبئة 5 براميل مياه.  

الركبان.. المخيم المحاصر 

رئيس المجلس المحلي محمد الدرباس أوضح أن ضخّ المياه يتم عن طريق منظمة "عالم أفضل" المدعومة أمميًا، والتي توصل المياه إلى خزانات عند السواتر الترابية الحدودية. عندها يقوم الأهالي بحمل المياه التي توزع عليهم، إما عن على الأكتاف إذا كانوا قرب المنطقة، أو من خلال جرّها بعربات الخيول، وشرائها من الموزعين، مبيّنًا أن المجلس تواصل عدة مرات مع الأمم المتحدة دون جدوى، فيما تتذرّع المنظمة الأردنية، بأسباب غير منطقية على حد تعبيره، لتقليل كمية المياه التي يتم ضخها. 

وعن الوضع بشكل عام في المخيم، يضيف الدرباس، "إن المخيم يعاني من نقص الغذاء والدواء، ويفتقر لنقطة طبية أغلقت منذ بداية جائحة كورنا، فضلًا عن لسعات العقارب والأفاعي التي يعاني منها أهالي ولا حلّ لها".

ويقول رئيس المجلس، إن النظام السوري عمل خلال السنوات الفائتة على التضييق على أهالي مخيم الركبان البالغ عددهم حاليًا 7500 نسمة،رغبة بتفكيكه وعودة الأهالي إلى مناطق سيطرته، وسط تواطؤ من قبل الأمم المتحدة والسلطات في المنطقة، اللتين ضيّقتها كذلك على أهالي المخيم من خلال تقليل المساعدات. كما تفيد عدة تقارير بوقوع ضحايا سوريين من المخيم برصاص من الجانب الأردني، عند محاولة الاقتراب من الحدود الأردنية حتى وإن كان لأسباب إنسانية تتعلق بتأمين طعام أو جلب مياه، وذلك على حد ما ذكر الدرباس، والذي أشار إلى أن المخيم يتعرض لعملية تضييق ممنهجة. 

أنقذوا مخيم الركبان

تفاعل سوريون بآلاف التغريدات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقوا وسم #أنقذوا_مخيم_الركبان عبر منصتي تويتر وفيسبوك، للفت أنظار العالم إلى وضع أهالي المخيم ومعاناتهم في تأمين مياه الشرب وأساسيات العيش، وتصدّر الوسم ضمن قائمة الأكثر تفاعلًا في تركيا ودول أخرى خلال الساعات الأخيرة الماضية بآلاف التغريدات.

وغرّد الصحفي السوري محمود رحيل عبر تويتر:"10 آلاف مهجر سوري محاصرون على حدود الأردن، تخلّت عنهم كل دول العالم وتركتهم في مواجهة الموت في صحراء غير ذي زرع، يعانون نقص الماء والغذاء بعد تقليل الكميات المقدمة من الأردن ومنظمة اليونيسف".

المغرد أحمد الحمود شارك في حملة المناشدة لحل مشكلة نقص المياه في مخيم الركبان المحاصر، وكتب "صوتك قد يفعل شيء لهم، وأنت تعلم أن صوتك وصوتي قد وصل وحقق غايته في مواضيع أخرى ومخيم الركبان وأهله من مآسي ثورتنا، فافعل ما يمليه عليك ضميرك ودينك وأخلاقك"، مرفقًا تغريدته بفيديو للناشط الحقوقي عمر الشغري، يدعو إلى دعم الحملة حتى تأتي ثمارها.

كما اعتبر المغرّد عبد الوهاب عليوي أن قناع الإنسانية الذي يتستر به هذا العالم المتوحش يسقط عند مخيم الركبان الذي يفتقد لأدنى مقومات حياة البشر وأولها مياه الشرب.

من جهتها، غرّدت مارية الشيخ عبر حسابها في تويتر قائلة: "الدول الكبرى وصلت إلى المريخ لتبحث عن حياة جديدة ونحن على الأرض نطالب بفك حصار عن مخيم يقطنه أكثر من 10 آلاف إنسان لا يملك أدنى مقومات الحياة و هي الماء، عدا عن النقص الحاد في كافة المواد الأساسية"،مردفة " بئس البشر أنتم ومواثيقكم الإنسانية".

حساب "مرصد الأقليات المسلمة" في تويتر، ناشد بدوره، "الأخوة في الأردن إلى التحرك بسرعة للحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية في مخيم الركبان الذي يعاني من نقص حاد في المياه"، مذيّلًا تغريدته بوسم، "أنقذوا مخيم الركبان".

أما الممثل السوري مكسيم خليل فغرد على حسابه على تويتر على نفس الوسم وقال: "هل تعلم اخي الانسان ! 10 آلاف لاجئ يموتون عطشا في مخيم وسط الصحراء".