28-يونيو-2022
Ümit Özdağ

أوميت أوزداغ (Getty)

بعد سجال امتد لساعات طويلة بين الحكومة التركية وحزب "الظفر" المعارض، رجحت الكفة نهاية لصالح الأخير، فدخل زعيم الحزب المتطرف المعادي للاجئين، أوميت أوزداغ، مدينة هاتاي التركية، رغم قرار صدر من قبل السلطات التركية تحظر بموجبه دخوله إليها، على خلفية تصريحات سابقة له تتوعّد بزراعة الألغام على الحدود لمنع دخول السوريين إلى تركيا.

وقال أوزداغ يوم الأحد الماضي: "سنضع غدًا أول منجم في الريحانية، على الحدود التركية السورية، ليتم الانتهاء منه عندما نصل إلى السلطة"، الأمر الذي استفز الحكومة التركية، حيث عدّ إسماعيل جتاكلي، نائب وزير الداخلية التركي، توعّد أوزداغ بتلغيم الحدود بمثابة استفزاز من قبل "شخص مصدر قوته الوحيد هو كراهية الأجانب، وتتكون حياته من الأكاذيب والاستفزاز"، في حين خرج وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بتصريحات شديدة اللهجة ضد أوزداغ. 

فالوزير التركي وصف أوزداغ بـ"المجنون" الذي يحتاج إلى طبيب، وأضاف "ليست لدي اللغة لأقول إن نائبًا في مجلسنا غازي، لكنه شخص أصبح أداة من أدوات منظمات الاستخبارات الدولية، وخاطبه قائلًا: "ماذا تحاول أن تفعل؟ إذا كنت تحلم بأن تكون على جدول الأعمال في وسائل الإعلام بوظيفة لا يفكر فيها أحد، فهناك طرق مختلفة لذلك، هذا البلد لديه حضارة، هذا البلد له شخصية".

وأردف صويلو "لماذا تحاول الكشف عن العنصرية وكره الأجانب؟ ما الذي ستحصل عليه من هذه العنصرية؟ يريد أن يذهب ويزرع الألغام على الحدود، هل نسمح لك بالدخول على بعد أميال من الحدود؟ يتمتع كل من الوزير وعضو البرلمان بمسؤوليات قانونية، ولا أحد يسمح لأي شخص ببناء نزل أينما يريد".

وتزامنت تصريحات صويلو مع قرار من قبل والي مدينة هاتاي رحمي دوغان، بحظر دخول أوزداغ إليها، ما أثار تفاعلًا واسعًا بين الأتراك الذين فجّروا تويتر بعشرات آلاف التغريدات بين المؤيدة والمعارضة للقرار، تحت وسم أوميت أوزداغ، قبل أن يتراجع والي هاتاي عن قراره، لصالح دخول زعيم الحزب الكاره للاجئين.

أوزداغ زعيم حزب الظفر التركي، أكّد على قرار رفع الحظر ودخوله إلى هاتاي، وأوضح مخاطبًا الأتراك "اليوم والي هاتاي ضد إرادتك وإرادة كل من يؤمن بالديمقراطية ويؤيدنا، إنه تراجع خطوة إلى الوراء، بعد القرار غير الدستوري وغير المشروع بالمنع".

وأدلى زعيم حزب النصر مع وفده ببيان صحفي في هاتاي مساء الإثنين، ورفعت لافتة أمامه كتب عليها "هاتاي تركية، ستبقى تركية".

حدودٌ ملغّمة

رداً على اتهامات وزير الداخلية سليمان صويلو، قال زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ "مع اتفاقية أوتاوا قررت دول كثيرة إزالة الألغام من حدودها، كما وقعت تركيا على هذه الاتفاقية وأزالت الألغام من الحدود، ثم بدأت هجرة كبيرة من سوريا ترافقت مع التمويل الأوروبي، كما تمت إزالة مناجمنا على الحدود الإيرانية، والمزيد بعد ذلك، ثم بدأت الهجرة الأفغانية المستمرة".

وأضاف أوزداغ "نعتقد أنه يجب أن تكون هناك ألغام على الحدود لأمن تركيا، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والهند وباكستان وإسرائيل، والعديد من الدول الأخرى التي لم تقم بإزالة الألغام من الحدود التي لم توقع هذه الاتفاقية، لذلك إذا كنتم تدعمون حزب النصر، فسنوفر لكم الأمن بنسبة 100٪ من خلال إنشاء نظام استخبارات متكامل على الحدود وإعادة تلغيم حدودنا".

ووفقًا لتقارير حقوقية، ارتكبت قوات "الجندرما" التركية العديد من الانتهاكات بحق سوريين تعرضوا للعنف والقتل، كانوا قد حاولوا العبور عبر طرق التهريب إلى تركيا أو يعيشون بالقرب من الجدار الحدودي الفاصل، الذي أنشأته تركيا منذ سنوات.

دعم سياسي

لقي زعيم حزب الظفر التضامن والدعم من قبل أحزاب تركية أخرى، فقد اعتبر محرم إينجه زعيم حزب البلد عبر حسابه في تويتر، أن منع زعيم حزب النصر، وهو عضو في البرلمان، من دخول هاتاي، "جريمة دستورية"، داعيًا إلى "إزالة العوائق من طريقه على الفور"، إشارة إلى صفّ الشرطة الذي وقف بوجه أوزداغ عند محاولته دخوله المدينة.

من جانبه، قدم مولود دودو نائب حزب معارض آخر تضامنه مع أوزداغ عبر تغريدة له، فكتب "زعيم حزب سياسي وعضو في البرلمان ممنوعان من دخول هاتاي، بحجة أن السوريين قد يتسببون في حادث، ماذا سنرى غير ذلك؟ أصبحت هاتاي أراضي تركية في عام 1939، فهل هناك تغيير ولا علم لنا به؟".

زعيمة حزب التنمية والديموقراطية أوزلام أغيرمان، أيضًا أظهرت دعمها لأوزداغ، ونادت أعضاء الحزب للنزول إلى جانب أوزداغ، والوقوف معه، مستنكرة "حرمان زعيم حزب يؤسسه القانون من الوطن".

أما صحفيًا، فعدّ يلماز أوزديل كاتب في جريدة سوزجو التركية، أن السوريين لم يكتفوا بغزو صامت لتركيا، بل جعلوا الأتراك لاجئين فيها على حد تعبيره وقال "السوريون غير الشرعيين الذين ليس لديهم حتى هوية أو عنوان سكن أحرار في الذهاب إلى 81 مقاطعة في البلاد، والنائب البروفسور أوميت أوزداغ ممنوع من الذهاب إلى هاتاي ... هذا ليس غزوًا صامتًا، نحن على وشك أن نصبح لاجئين في بلدنا!". يذكر أن اللاجئين السوريين غير مصرّح لهم بالتجول بين الولايات التركية إلا بموجب إذن سفر، في حال عدم استخراجه يتعرّض اللاجئ السوري للمساءلة القانونية وقد يُرحّل إلى سوريا، كما حصل مع عدّة حالات كان موقع ألترا صوت على تواصل معهم.

الجدير بالذكر أن زعيم حزب الظفر التركي قد صرّح مرارًا بنيّته إعادة السوريين إلى بلدهم فور تقلّده زمام السلطة، وهو خطاب اعتمد عليه بشكل متواصل في ظل ارتفاع خطاب الكراهية والتحريض ضد السوريين في تركيا. وقد نُسب إلى أوزداغ تسببه عبر تأجيج  هذا الخطاب التحريضي بالعديد من الجرائم العنصرية المرتكبة بحق اللاجئين السوريين. كما وكان أوزداغ قد موّل سابقًا فيلمًا تحت عنوان "الغزو الصامت"، يتحدّث عن "احتلال" السوريين لتركيا، ووصولهم للسلطة وتشكيلهم الأكثرية في البلاد، وذلك في سيناريو افتراضي لعام 2043.