12-أغسطس-2015

الجهل ونسبة الأمية العالية يعدان من ركائز زواج القاصرات في اليمن (Getty)

لم تصمد نجلاء الخياط، ذات الثلاثة عشر ربيعًا، سوى 24 ساعة بعد زفافها في آذار/مارس الماضي في محافظة المحويت، حتى أدخلت العناية المركزة، لتفارق الحياة بعدها بسبب تمزق في الأنسجة ونزيف حاد بحسب التقارير الطبية. هذا الخبر ليس صادمًا في اليمن.  يقول إبراهيم الخياط، أحد المقربين منها، إن والد الفتاة وافق على زفاف ابنتة لشخص تجاوز عمره 40 عامًا، في بداية السنة الجارية، طمعًا في المال، ولكن  ذلك الزواج "كان فرحة بطعم الحزن". وإن كان الرجل معتبرًا أن في تلك الزيجة فرحًا، فليس غريبًا أن لا يحزن لوفاة الطفلة، حيث توفيت نجلاء بعد 24 ساعة من زفافها بسبب نزيف الدم وتمزق بعض الأنسجة كون زواجها تم في سن مبكر.

ينتشر الزواج المبكر في اليمن بين الفئة العمرية من 15 - 18 بنسبة 48%، منهن 13% تزوجن أكثر من مرة

تعتبر ظاهرة زواج القاصرات، أو ما يطلق عليه الزواج المبكر، من المشكلات الاجتماعية الكارثية التى تواجه المجتمع اليمني. فالزواج المبكر منتشر في اليمن بصورة كبيرة. والظاهرة ليست وليدة السنوات الأخيرة، ولكنها باتت واحدة من الملفات الاجتماعية الساخنة بفعل العديد من القضايا التي شهدتها المحاكم اليمنية أخيرًا، وكانت أطرافها فتيات قاصرات يطلبن الطلاق بعد  شهور من زواجهن. وفي هذا السياق، ترى أخصائية الدعم النفسي نسيم القطيبي، أن "سبب الزواج المبكر في اليمن أحيانًا يكون العادات والتقاليد، ولكن ليست هي السبب الأساسي، فهناك عدة أسباب منها قلة الوعي في مجتمعنا وأيضًا خوف الأسرة على البنت من تأخر سن الزواج".

بينما يقول رئيس المنظمة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، نبيل فاضل، "أن أبرز وأهم أسباب ومسببات الزواج المبكر في المجتمع اليمني هو الفقر"، وقد أثبت هذا مسح ودراسة ميدانية قامت بها المنظمة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر أشارت إلى أن "نسبة الزواج تحت سن البلوغ تفوق 20% من إجمالي النسبة العامة من زواج القاصرات في اليمن، والتي تفوق 51%". كما أن الجهل ونسبة الأمية العالية يعدان من ركائز زواج القاصرات، خاصة في المناطق الريفية في اليمن. يعتقد فاضل "أن بعض المجتمعات القبلية في اليمن، ترى أنه من العيب أن تصل الفتاة إلى سن 14-15 سنة ولم تتزوج، كما أن العادات القبلية تعتبر الزواج المبكر هو الطريقة الأمثل للحماية من الانحرافات في وسط القاصرين من الجنسين عمومًا". أما الموت؟ فليس عيبًا، ربما!

وفي معطيات جديدة، تقول عضو المركز الوطني للأمومة والطفولة، سمر الأغبري، "أن أسباب ظاهرة الزواج المبكر هي الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفقر والجهل، وتعد العادات والتقاليد، سبب من الأسباب لأن الزواج في سن مبكر ليس حكراً على الأسر الفقيرة، فهناك أسر ميسورة الحال تزوج فتياتها وفتيانها في سن مبكرة". ويشير تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء، وفقاً لنتائج المسح الديمغرافي، إلى أن الزواج المبكر ينتشر بين الفئة العمرية من 15 وأقل إلى 18 سنة، حيث وصلت نسبته إلى 48%، منهن 13% تزوجن أكثر من مرة. إلى ذلك، المسح القاعدي للصحة الإنجابية، أن 24.6% من النساء قد تزوجن في عمر بين 10-14 سنة و6.5 % في عمر 15-19 سنة، وأن المشكلة لا تكمن خطورتها في الزواج المبكر في حد ذاته، ولكن في الحمل والإنجاب المبكرين أيضًا.


القاتل المبكر

يعتبر الزواج المبكر من أهم أسباب ارتفاع معدل الزيادة السكانية في اليمن، والذي يبلغ 3.5%، وهو من أعلى المعدلات على مستوى العالم، وكذلك يعد الزواج المبكر سببًا رئيسيًا في ارتفاع وفيات الأطفال دون سن الخامسة، حيث يبلغ 94.8/ 1000مولود حي، وارتفاع نسبة وفيات الأمهات التي تبلغ 351/ 100.000 مولود حي. وتشير الأرقام إلى ارتفاع نسبة النساء المتزوجات في أعمار صغيرة، حيث إن الفئة العمرية من 10 -19 قد شكلت 75% مقابل 25% للرجال في نفس الفئة العمرية.