12-أغسطس-2016

من فيلم camb x Ray

تطور فن السينما تطورًا كبيرًا وصل في الوقت الحالي لمرحلة أكثر اهتمامًا وتأثيرًا. السينما الحديثة الآن، عن طريق أدواتها المهمة، تخلق الوعي وتؤثر في تفكير الأفراد وتغير سلوكهم وتفتح لهم الآفاق، بصورة أكبر مما تفعله فنون الموسيقى والرسم والنحت، وكمثال: فمن خلال مشاهدتك لإنسان معذب يقبع في سجن ناءٍ بواسطة "لوحة"، يختلف تأثرك به عن مشاهدتك له في فيلم سينمائي.

تخلق السينما الحديثة، عن طريق أدواتها المهمة، الوعي وتؤثر في تفكير الأفراد

في الحالة الأولى، اللوحة، سيتغلب عليك تعاطف بسيط، أو أثر خفيف في الروح، وربما تنسى ذلك الأمر في نفس اليوم، لكن السينما تقدم لك المشهد بصورة درامية مهمة، وذات رسالة أعمق من خلال أدواتها الحية، ولذا فهي تصنع لك تأثرًا أكبر لتصور حالة هذا الإنسان القابع في السجن، ولهذا ربما ستغير أفكارك، وهذا شيء تستطيع تجريبه، إنه شيء ملموس تستطيع اكتشافه وليس شيئًا خياليًا، وعندها سترى المشهد واضحًا ويلفك الوعي.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم Room.. وقت الضحية

جرى هذا الأمر معي، فقد حدث لي فارق واضح من ناحية التأثير عند مُشاهدتي للوحات الكئيبة التي تصوّر البؤساء عن مُشاهدتي لهم في السينما. مر زمن قصير حتى وجدت نفسي أنسى ما رأيت في اللوحة، وتلاشى أثرها أيضًا، لكن ذلك لم يحدث لي مع السينما فلا يزال الأثر يلازمني، بل أثر فيّ عميقًا، وربما غيرني! وبتّ على يقين تام بأن السينما الآن هي المؤثر الأول في حياتي. 

وكذلك هو الحال بالنسبة للقطعة الموسيقية، مشهد سينمائي لإنسان حزين ذلك الحزن العميق عندما يفقد عزيزًا عليه أيضًا يترك فيك تأثيرًا أقوى من تأثير قطعة موسيقية حزينة لدقائق معدودة، يعزفها الموسيقار أيضًا لحزن نبيل! ثمة أثر عميق في السينما يشبه تلقينا لرسالة شخصية، وهذا ليس تهجمًا أو انتقاصًا من هذه الفنون الأخرى، لكننا نحن نتحدث عن مجال إحداث التأثير المباشر والطويل.

إذن، بقي عندنا فن الكتابة؛ الأعمال الفلسفية والروائية غيّرت العالم، وقلبت المجتمعات رأسًا على عقب، ابتداءً من الفلاسفة الإغريق إلى جان بول سارتر تقريبًا، كذلك أقرانهم الروائيون الروس، هؤلاء غيروا العالم عن طريق فن الكتابة، ونستطيع أن نذكر أعمال دوستويفسكي التي غيّرت الأحكام الخاصة بالسجون وقوانين الحريات والسلوك البشري والتحليل النفسي آنذاك، وأعمال تولستوي أيضًا، ومن الفلسفة نذكر كم نقلت أعمال الإغريق الفكر البشري من مرحلة التفكير الخرافي إلى مرحلة التفكير العلمي، ونذكر على سبيل المثال أعمال قلبت العالم كله وأحدثت تغيرًا هائلًا ومدويًا في العقول، مثل كتابات كارل ماركس، ومؤلفات سيغموند فرويد، ووجودية سارتر.

تغلبت السينما على فنون الموسيقى والرسم والنحت، وباتت في حالة منافسة مع فن الكتابة

اقرأ/ي أيضًا: كريستيان بيل: لا أعتقد أنّي خلقت من طينة المشاهير

السينما بصورتها الحالية "المتطورة" هي المنافِس لفن الكتابة! في مجال التأثير بالأفراد والمجتمعات وتغييرها، وربما تتغلب عليها مستقبلًا، لتوافرها على أداوات مهمة ولسرعتها التي تتناسب والعصر الحديث السريع، لذا أستطيع القول إنها متغلبة على فنون الموسيقى والرسم والنحت، من حيث التأثير مرةً أخرى، لكنها في حالة منافسة مع فن الكتابة، لقد قرأت مرتين رواية "مذكرات من القبو السري" لدوستويفسكي، ووقتها تملكني شعور حزين جدًا لتلك الأوضاع الحزينة في السجن، وأحسست بزيادة في الوعي عن قراءتي لتجربة السجن الصعبة والقاسية. 

لكن التأثير الذي حصل عند مُشاهدتي لفيلم "camb x Ray" كان أكبر بكثير! وهو فيلم تدور أحداثه في معتقل غوانتامو الشهير، وشخصية السجين علي هي الشخصية الرئيسية والمهمة للتعرف عن قرب على تجربة السجن القاسية، وفقدان الحرية والأمل والمعاناة المزمنة.

اقرأ/ي أيضًا:

Zootopia فيلم عائلي بدون قصة حب

تصنيفات الأفلام وما تعنيه للجمهور