28-ديسمبر-2015

من الفيلم

 

مستلهمة من الفترة التي عملت فيها كبائعة في أحد المتاجر حين دخلت امرأة شقراء أنيقة وطلبت لعبة لأجل ابنتها، ومستلهمة قصة إحدى عشيقاتها التي عانت من معارك قضائية مع زوجها السابق من أجل حضانة طفلهم؛ كتبت الأمريكية باتريشيا هايسميث (معروفة برواياتها التشويقية والسيكولوجية مثل "السيد ريبلي الموهوب، The Talented Mr. Ripley" و"غرباء في قطار، Stranger on a Train " روايتها "ثمن الملح".

 تعتبر رواية "ثمن الملح" التي نشرت أول مرة عام 1952 تحت اسم مستعار، أول رواية مثلية ذات نهاية سعيدة

تعتبر الرواية، التي نشرت أول مرة عام 1952 تحت اسم مستعار، أول رواية مثلية ذات نهاية سعيدة. أخيرًا، نشاهد قصة الحب هذه على الشاشة الكبيرة.

تحت إشراف المخرج تود هايينز (Far From Heaven، و I’m not There)، وبمساعدة سيناريو فيليس ناغي، وأداء مميز للممثلة الأسترالية كيت بلانشيت وروني مارا، نجد أنفسنا أمام فيلم باهر لكن قليل الحظ ببقائه في الذاكرة. "كارول Carol" هو قصة حب في خمسينيات القرن الماضي بين امرأة تخوض ضد زوجها معارك طلاق وحضانة لابنتها، وفتاة في التاسعة عشر من عمرها تسعى لأن تصبح مصورة فوتوغرافية محترفة.

عندما قرأت الكتاب قبل بضعة أشهر، اعتقدت أنه يكفي أن نشاهد كيت بلانشيت في دور كارول لنكون أمام فيلم جميل، ولكني شعرت بخيبة أمل بعد مشاهدة الفيلم، فعلى الرغم من حضور كيت بلانشيت كان الفيلم متواضعًا خاصة مع ميل صناع الفيلم إلى السرعة في عرض المشاهد. طبعًا هذا لا يعني أن الكتاب كان عظيمًا ولكني اعتقدت أنه يحمل إمكانيات كبيرة لفيلم عظيم.

قد يصلح القول إنه ميل منتشر لدى هوليوود في عرض أحداث الفيلم بأسرع وقت ممكن كي يناسب الزمن المتفق عليه في صناعة الأفلام وهو الساعتان. على الأقل هذا هو حال فيلم "كارول" الذي عانى من التسرع في قطع المشاهد مما حرمنا كمشاهدين من استيعاب المشاعر المفروض أن نتحسسها في كل مشهد. بعض المشاهد جميلة حقًا ولكنها قصيرة، مثل المشهد الذي تتصل فيه كارول بتيريز لتعتذر لها عن فظاظتها قبل قليل. لقد شعرنا بحبهم وحميميتهم وحاجتهم إلى بعضهم بعضًا ولكن المشهد كان أقصر من أن يدوم عاطفيًا.

لا داعي إلى القول إن كلتا الممثلتين كانتا قادرتين على إظهار الحميمية بين شخصيتيهما، وكيت بلانشيت كانت رائعة في حضورها وصوتها الحسّي. إلا أني شعرت طوال حضوري فيلم كارول بأني لو لم أقرأ الرواية قبلًا لما تمكنت من إدراك طبيعة الحب بينهما وسرعة حدوثه.

شعرنا بحبهم وحميميتهم وحاجتهم إلى بعضهم بعضًا ولكن المشهد كان أقصر من أن يدوم عاطفيًا

الاختلافات بين فيلم كارول والرواية لم تكن كبيرة أو فارقة، ولكني أتساءل عن السبب الذي دفع صناع الفيلم إلى اختيار عنوان "كارول" للفيلم عوضًا عن عنوانه الأصلي "ثمن الملح". بصراحة، "كارول" كعنوان يناسب الرواية أكثر من الفيلم (تجد الإشارة هنا إلى أن بعض طبعات الرواية اللاحقة اتخذت "كارول" عنوانًا لها).

السرد في الرواية يركّز على مشاعر وأفعال وردود أفعال تيريز تجاه كارول وحضورها. باختصار، كارول كانت موضوع الرواية لكن بعيون تيريز. أما في الفيلم فإن كلتا الشخصيتين عُرضتا بصورة متساوية ولم يكن أحدهما أكثر حضورًا من الآخر، ولكن أعتقد أن أمرًا كهذا يمكن تسويغه والجدل حوله، لذا فإن ذكره هنا يبدو نافلًا ولا حاجة حقيقية له.

بكل الأحوال، على الرغم من كل ما ذكر قبلًا، فإن العمل قصة حب جميلة ويستحق مشاهدته على الشاشة الكبيرة، وخاصة مع جماليات الفيلم البصرية من حيث التصوير والأزياء والديكور.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم ماستانج.. رصد أنوثة تركيا وترجمتها

مارلون براندو.. المشي على قطع الزجاج