10-مايو-2017

أين يحكم شاب في الثلاثينات لدى العرب؟ (سيلفان لوفافر/Getty)

كشاب عربي متابع لنتائج الانتخابات الفرنسية، أصبت بحالة ذهول مصاحبة بإحساس بالإحباط، فعقلي الصغير الذي تربى على أن الحكم للعواجيز فقط، لا يمكن أن يصدق أن شابًا في مقتبل العمر لم يتجاوز 39 من العمر أقنع الفرنسيين فاختاروه رئيسًا لهم لمدة خمس سنوات  قابلة للتجديد، وبنسبة بلغت 63% من عدد الناخبين الفرنسيين.

جرت عادة العرب أن الحكم للعواجيز بحكم الخبرة، فنحن ما بين تسعيني مقعد وجنرال يقتل شباب وطنه وجنرال آخر يضيع مستقبل وطنه

لا أزال لا أصدق أن ذلك الشاب هو نفسه متزوج بامرأة تكبره سنًا وكانت تلقنه المناهج أيام الدراسة وأن بينهما قصة حب وأنها وقفت وراءه ودعمته ليصبح رئيسًا لفرنسا. ظننت أن مثل هذه القصص صالحة للروايات وغير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، فقد جرت العادة عند العرب الذين هم في سن ماكرون أن يكونوا من خريجي الجامعات المعطلين عن العمل، الباحثين عن أي طوق نجاة أو الجالسين على المقاهي يحتسون كاسات الشاي والقهوة ويتابعون المباريات، أقصى طموح لهم الحصول على المنزل والوظيفة أو أن يكونوا نوابًا في البرلمان إذا كانوا محظوظين جدًا، أما أن يصل أحدهم إلى الرئاسة فهذه معجزة في بلادي العربية، رغم أن الشباب هو روح الوطن وهو الحيوية والنشاط الذي يحتاجه أي وطن إذا ما أراد التقدم  إلا أنه يمنع من ممارسة حقوقه هذا إذا لم يمنع البعض منه من مواصلة حياته أصلًا، لأن حق الحياة بالنسبة لشباب عربي أصبح مطلبًا آخر ملح أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: ماكرون والشرق الأوسط.. ماذا ترَك رجل الوسط لأهل اليمين؟

جرت عادة العرب أيضًا أن تجلس المرأة بعد سن الستين في بيتها تستغفر ربها في آخر أيامها، كما يقولون، أو أن ترمى في دار للمسنين إذا لم يكن لديها من يرعاها، أما أن تكون كبريجيت وتتزوج من يصغرها سنًا وتقوده لحكم بلاد في وزن فرنسا فذلك هو الجنون بعينه والمستحيل الذي لا يتقبله مجتمعنا العربي.

جرت عادة العرب أيضًا أن الحكم للعواجيز فقط بحكم الخبرة والتجربة، فنحن ما بين تسعيني مقعد وجنرال ستيني يقتل شباب وطنه وجنرال ستيني آخر يضيع مستقبل وطنه، وآخر لا يشبع من دماء شعبه، ورث الكرسي عن عجوز آخر، وكل ذلك تحت مسمى الخبرة والتجربة والهيبة في بلدان شابت على يد عواجزها وعجز شبابها حتى شابوا في مقتبل العمر.

أحلامهم بسيطة جدًا أصغر من أن تصل لحلم ماكرون الذي تحول إلى حقيقة، أحلامهم هي حقوقهم الطبيعية نفسها وأهدافهم ومشاريعهم لا يمكن أن تصل يومًا إلى ما وصل إليه ماكرون بسبب العراقيل التي تقف في وجوههم.

يقول قائل منهم اليوم كم أنت محظوظ أيها الشاب الفرنسي كل شيء ميسر لك حتى أصبحت تحلم بالمقعد الأول وكم حسرة تكفي على بلداننا وعلى شبابها والذين يبحثون عن أنفسهم أولاً وعن أوطانهم ثانيًا قبل أن يفكروا في القيادة وإن في ماكرون وفرنسا لعبرة وما يعقلها إلا الطامحون وأولي الهمة العالية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ماكرون الظاهرة.. وأفول الأحزاب التقليدية

الصحف الفرنسية والأوروبية تحتفي بفوز ماكرون