27-سبتمبر-2019

تتملق ليال خوري في أغانيها لنصر الله والأسد (تويتر)

انتشرت في السنوات الأخيرة في لبنان، ظاهرة الفنانين الذين يتسلقون سلم الشهرة بسرعة فائقة، من خلال أعمال فنية يؤدونها في حفلات ومناسبات خاصة. وتساهم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في انتشار هذه الظواهر. ولعل المشترك الأكبر بين هؤلاء الفنانين، حسب ما يتداول مهتمون وساخرون في السوشال ميديا، هو ابتعاد أعمالهم الفنية عن كل ما يمت للفن الجيد بصلة، بل هو مزيج من الرثاثة والابتذال، وخليط من الموسيقى الرديئة والكلام الركيك والأصوات الناشزة.

حصل فيديو ليال خوري الذي يمتد لتسع دقائق، على أكثر من 24 ألف مشاهدة بعد تحميله على يوتيوب. ولا تخلو أي من دقائق الفيديو من الإسفاف والابتذال والتملق، لنصر الله والأسد وسواهم

مع ذلك نجح بعض هؤلاء الفنانين في الوصول إلى مكانة عالية في الوسط الفني، وارتفعت أجورهم بطريقة مبالغ بها، وتضخمت معها نرجسيتهم. ويذكر اللبنانيون وديع الشيخ، أحد أبرز فناني هذا المجال، عندما توجه لأحدهم بالقول: ثمن حذائي يساوي تسعة أضعاف راتبك الشهري".

اقرأ/ي أيضًا: أندرغراوند ما بعد الربيع العربي

يستخدم الفنانون المشار إليهم أعلاه اللون الشعبي، وإذا كانت موسيقاهم تتشابه وتحمل جميعها النسق نفسه، فإن مضمون الكلام لا يخرج من إطار الحب والحنين للحبيب، ووصلات التملق للساسة والقادة، وتوجيه التحايا لمسؤولي العشائر وذوي النفوذ. ويمكن للمتابع أن يلاحظ أن معظم هؤلاء يكنون الولاء السياسي "ظاهريًا على الأقل" للمحور السوري – الإيراني، وتكاد لا تخلو حفلاتهم من التهليل والتبريك لبشار الأسد، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله إضافة لحلفائهم وأزلامهم. وتصبح حفلات الأعراس والمناسبات العائلية والاجتماعية منبرًا سياسًيا وطائفيًا، فيما يمسك المدعوون بهواتفهم لتصوير مقاطع من الحفل وتحميلها على مواقع التواصل، بدون حسيب أو رقيب.

آخر صيحات الموضة إذا صح التعبير في هذا المجال هي ليال خوري. الفنانة التي انطلقت مسيرتها في عام 2018، من خلال نشرها لأغان لها على صفحتها على فايسبوك، تشارك في كتابتها وتلحينها بحسب قولها، بدون أن تنجح في الوصول إلى الجماهيرية المنتظرة. يبدو أن خوري اختارت الطريق الأسرع للشهرة، الابتذال وتكرار الشعارات المحببة لفئة كبيرة من الجماهير، فكان الفيديو الذي انتشر لها قبل أيام خير دليل على ذلك.

حصل فيديو ليال خوري الذي يمتد لتسع دقائق، على أكثر من 24 ألف مشاهدة بعد تحميله على يوتيوب. ولا تخلو أي من دقائق الفيديو من الإسفاف والابتذال والتملق، لنصر الله والأسد وسواهم، حيث تأتي أغنية ليال خوري في السياق نفسه، وحتى وإن اتخذت طابعًا كاريكاتوريًا وهزليًا لا علاقة له بالفن.

تبدأ أغنية ليال خوري بعبارة "لا تعمل علينا Boss  منوقفك على إجر ونص"، والنصف الثاني من العبارة مأخوذ من خطاب لنصر الله توجه به للإسرائيليين. وتضيف "إذا ضربتم مطار رفيق الحريري رح نضرب مطار حيفا" وهو اقتباس خاطئ ومغلوط لإحدى خطابات نصر الله، مع العلم أن لباس خوري وأجواء هذا من النوع من الحفلات يتعارض بشكل كبير مع نظرة حزب الله للدولة.

اقرأ/ي أيضًا: كايروكي وحمو بيكا.. من يغني للشارع المصري؟

"عودة بروداكشن" هي الكلمة التي تتردد كثيرًا في الفيديو، في إشارة إلى الشركة التي قامت بإنتاجه، وهو عبارة عن صور متكررة لليال خوري في وضعيات مختلفة، بما يشبه عمل الهواة، وفي غياب أية لمسة إبداعية. بعد "التهديد والوعيد" ضد إسرائيل، تأخذ الأغنية منحى آخر، من توجيه التحيات للقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي، وصولًا إلى السعودية وملكها، والإطراء عليه بطريقة مبتذلة يظهر فيها التملق وبشكل واضح. وبعد تحية الجيش اللبناني كما العادة، والعودة مرة أخرى إلى نصر الله وتهديد إسرائيل من خلال "اضرب و الريح تصيح"، لا تنسى خوري كما معظم ممتهني هذا النوع من الغناء توجيه تحية خاصة للأسد ونظامه.

تبدأ أغنية ليال خوري بعبارة "لا تعمل علينا Boss  منوقفك على إجر ونص"، والنصف الثاني من العبارة مأخوذ من خطاب لنصر الله توجه به للإسرائيليين

هي مجرد تسع دقائق، لكنها تشبه إلى حد كبير التخبط الذي يعيش فيه اللبنانيون على مختلف الأصعدة، بالترافق مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية؛ تملق ورياء، شعور زائف بفائض القوة والقدرة على تهديد العدو، ومستوى هابط  في الشكل والمضمون.

 

اقرأ/ي أيضًا:

آرب أيدول.. موسم التجارة بـ"الأندرغراوند" العربي

مكادي نحاس.. الثقافة ليست من أولوياتنا