07-مارس-2023
getty

أغلقت الداخلية الموريتانية عدة مناطق خلال عملية التعقب والملاحقة (Getty)

شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط ليلة الثلاثاء فرار 4 سجناء من السجن المدني بعد تمكنهم من الاستحواذ على سلاح أحد حراس السجن ودخولهم في اشتباكات مع القوات المسؤولة عن تأمين السجون. 

شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط ليلة الثلاثاء فرار 4 سجناء من السجن المدني بعد تمكنهم من الاستحواذ على سلاح أحد حراس السجن

وأدّت الاشتباكات إلى سقوط قتيلين من قوات الحرس وإصابة آخريْن، ولم تتمكن السلطات الموريتانية، حتى اللحظة، من إعادة القبض على السجناء الفارين على الرغم من الاستنفار الأمني المكثّف وقطع الإنترنت عن الهواتف. 

ودفعت هذه الوضعية سفارات غربية ومدارس أجنبية إلى إغلاق أبوابها وتحذير رعاياها، وجاءت حادثة فرار المعتقلين من التيار السلفي بعد أقل من 24 ساعة من تصريحات للرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، الذي يوجد حاليا في الإمارات، حول "الاستراتيجية الموريتانية في مواجهة الإرهاب"، التي نجحت حسب وصفه في "إفهام الإرهابيين الرسالة التي تحاول موريتانيا إرسالها لهم، والتي مفادها: احذروا لا داعي للقدوم إلينا". 

كما تزامنت الحادثة مع إصدار وزارة  الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول مكافحة الإرهاب في العالم الذي قالت فيه "إن موريتانيا رغم استمرار العنف الإرهابي في مالي المجاورة، لم تتعرض لأي هجوم إرهابي على أراضيها منذ عام 2011".

وتشهد منطقة الساحل تحديات أمنية كبيرة منذ سنوات، بسبب نشاط المجموعات المسلحة السلفية في المنطقة والخلافات التي عصفت مؤخرًا بالوجود الفرنسي في مالي وساحل العاج ضمن "عملية بارخان الفرنسية ضدّ الإرهاب".

وفي التفاصيل أدّى فرار أربعة معتقلين من التيار السلفي من سجنهم في العاصمة الموريتانية نواكشوط إلى استنفار أمني واسع أغلقت بموجبه قوات تابعة للحرس الرئاسي محيط القصر الرئاسي في العاصمة نواكشوط، بعيد سماع إطلاق نار بالسجن المدني، كما أغلقت قوة من الجيش أيضا محيط السجن المدني، وعددًا من الشوارع الرئيسية من بينها الشارع الذي يمر من أمام الإذاعة ومبنى وزارة الدفاع.

والسجناء الأربعة الذي تمكّنوا من الفرار بعد ما أوقعوا قتيلين من حرس السجن هم: السالك ولد الشيخ، وهو مدان بالإعدام حيث شارك في عملية استهداف نواكشوط بسيارة مفخخة 2011، وهي السيارة التي تم تفجيرها عند مدخل نواكشوط الجنوبي، وسبق له أن فر من السجن بداية 2016، وتمكن من مغادرة البلاد حيث أوقف في غينيا بيساو وأعيد إلى السجن في نواكشوط.

والسجين الثاني هو محمد ولد اشبيه، وهو الآخر مدان بالإعدام حيث شارك في عملية تورين، وفي احتجاز حراس في السجن المركزي.

أما السجينان الآخران فهما محمد يسلم محمد محمود عبد الله، وهو مسجون احتياطيًا منذ 2020 بتهمة "محاولة  الانتساب إلى تجمع قائم بهدف ارتكاب جرائم إرهابية"، بالإضافة للفار الرابع عبد الكريم أبو بكر الصديق اباتنه، وهو محكوم بالسجن 10 أعوام واعتقل في العام 2022 بذات التهمة الموجهة للسجين الثالث محمد يسلم.

وفي بيانها الصادر عقب عملية الفرار أكدت وزارة الداخلية الموريتانية "مقتل حارسين اثنين من العاملين في السجن المركزي، وإصابة اثنين آخرين بجراح وصفتها بالطفيفة". كما أكد بيان الداخلية الموريتانية "بدء إجراءات تعقب الفارين بغية القبض عليهم في أقرب الآجال".

رسائل الرئيس الموريتاني

من جانبه، أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني قبيل الحادثة الأخيرة مقابلة مع قناة بي بي سي البريطانية تعرّض فيها بشكل مطول "لاستراتيجية موريتانيا في مكافحة الإرهاب"، حيث قال ولد الغزواني خلال المقابلة "أعتقد أنّ الإرهابيين فهموا الرسالة التي تحاول موريتانيا إرسالها لهم، والتي مفادها احذروا لا داعي للقدوم إلينا".

مردفًا أن موريتانيا نجحت في التصدي للجماعات المسلحة لأنها بذلت "الجهود اللازمة"، فأعطت "الأولوية للأمن"، و"تحملت الجيوش والمصالح الأمنية مسؤوليتها"، كما كانت "للعلماء ورجال الدين مسؤوليات في التحسيس" حسب قوله. معتبرا أنه "لو كانت الدول المشابهة لموريتانيا، مدفوعة بنفس الالتزامات وذات الإرادة في محاربة الإرهاب، لأصبحت في وضعية أفضل" في إشارة منه إلى دول الطوق في منطقة الساحل.

وفي تعليقه على تجمع دول الساحل قال ولد الغزواني إنه: "ليس هناك نقص في الإرادة السياسية، وإنما الالتزام العسكري، فهؤلاء الإرهابيون بعدد محدود، وبتسليح وتجهيز أقل، مصممون للغاية، وعدوانيون جدا، لذلك يجب على الجانب الآخر أن يكون على هذا المستوى حتى لا يخسر المعركة"، على حدِّ قوله.

وحول استعانة مالي بشركة فاغنر الروسية اعتبر ولد الغزواني ذلك الأمر "قرارًا سياديًا"، وأنه يتمنى أن "تحقق الشراكات التي قيم بها في هذا الإطار نتائج فعالة، وأن يكون ذلك في احترام لحقوق الإنسان"، وفق تعبيره.

مؤكدا في ذات السياق عدم وجود أي تقارب بين موريتانيا وشركة فاغنر، معتبرًا أن حالة موريتانيا "مختلفة"، مستبعدًا التحالف مع المجموعة الروسية، مردفًا: "نحن دولة ذات سيادة وسنبقى كذلك".

أكد بيان الداخلية الموريتانية "بدء إجراءات تعقب الفارين بغية القبض عليهم في أقرب الآجال"

وقبل أقل من أسبوع على حادثة الفرار في موريتانيا أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول "مكافحة الإرهاب" في العالم الذي جاء فيه أن "موريتانيا ظلت شريكًا أمنيًا وإقليميًا للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب". كما أشاد التقرير بمشاركة موريتانيا مع مجموعة دول الساحل الخمس التي تتعرض حاليًا للأزمات بسبب الموقف من الوجود الفرنسي.