21-يناير-2016

(Getty)

شهد العقدان المنصرمان من الألفية الجديدة أزمات اقتصادية عالمية عديدة أدّت إلى خضّات غير مسبوقة في الاقتصاد العالمي، وبالتالي في الأسواق المالية وحجم التداولات، ما ينسحب تأرجحًا يكاد يكون غير مسبوق في قيمة الذهب والنفط والغاز والعملات الصعبة. أزمات عديدة أصابت عدّة دول وألمّت تداعياتها بالعالم بكافة أرجائه ومن هذه الأزمات كانت أزمات الطاقة، أزمة الرهن العقاري، أزمتي أيسلندا وأيرلندا، الأزمة الروسية بعد فرض العقوبات، أزمة الديون السيادية الأوروبية، أزمة اليونان، وأخيرًا أزمة الأسواق المالية الصينية. الوطأة كانت قاسية ما اضطّر العديد من الدول إلى التعديل في السياسة الموازاناتية والنقدية والتشديد في القوانين التي ترعى الأسواق المالية.

البورصة الحالية فشلت في جذب أي من الشركات الأجنبية وانخفضت قيمتها السوقية إلى 11 مليارًا في عام 2015

من الملاحظ بعد هذه الأزمات انخفاض في حجم التداولات في العديد من البورصات والأسواق ووصول معدلات النمو إلى حدودها الدنيا. نتيجة لذلك اتجهّت البورصات نحو الدمج وكان ذلك جليًا في حالات الدمج التي شهدتها بورصات عديدة في أوروبا وآسيا. يأتي هذا في حين ينحو لبنان إلى إيجاد بورصة ثانية في زمن الدمج ما يطرح تساؤلات عديدة حول النوايا المخبّأة خلف ذلك لا سيما مع انخفاض حجم التداولات في البورصة الأولى والحديث عن إضعافها بغيّة إقفالها أو خصخصتها في مرحلة لاحقة.

البورصة الحالية فشلت في جذب أي من الشركات الأجنبية، وانخفضت قيمتها السوقية إلى أحد عشر مليارًا في عام 2015. وعندما سألت خبير الأسواق المالية المحلّف د.جهاد حكيّم حول البورصات المملوكة من القطاع العام، أبدى تذمرًّا من المركزية في القرارات وكثرة التنظيمات وغياب الحوافز لجذب الأموال ما يؤدي إلى انخفاض السيولة وهو أمر لا يناسب أي بورصة. وأضاف دكتور حكيّم أن القطاع الخاص يتمتع بمرونة أكبر وجاذبية للاستثمار.

أما السيّد فراس صفي الدين، الاقتصادي، فرحبّ ببورصة جديدة في لبنان تكسر الرتابة الناتجة عن ضعف حجم التداول، وجاء كلام صفي الدين عند سؤاله عن الجدليات المضادة لبورصة جديدة في بيروت على هامش أعمال مؤتمر أسواق الأموال. ولعلّ ضعف البورصة الحالية والعقبات التي تمرّ بها كما قال نائب الأمين العام لبورصة بيروت السيّد يوسف صادق يزيد جاذبية وجود بورصة جديدة.

أما عربيًا ولا سيّما خليجيًا، رزحت المنطقة تحت وطأة الأزمات وانخفاض سعر النفط ما أثرّ سلبيًا على البورصات. وجاء الخبر المفاجىء في إعلان هيئة السوق المالية السعودية اعتمادها جدول زمني لتتيح للمؤسسات الأجنبية المؤهلة التداول بشكل مباشر في سوق الأسهم السعودية.

إذًا تعتبر البورصة مرآة للاقتصاد وأداة لجلب أموال جديدة إليه كما وتجمع تداولات الأفراد وتوجّهها في الاستثمار وجمع الأموال لتمويل المشاريع الاستثمارية الأمر الذي من شأنه ضخ السيولة في الاقتصاد وزيادة النمو من خلال ارتفاع الناتج القومي الإجمالي للبلد. ممّا لا شك فيه ولا ريب أنّ البورصات العربية أحوج ما تكون إلى التنظيم والهيكلة، وذلك لما تساهم هذه الأسواق المالية في الاقتصادات الرازحة تحت وطأة جمود الأزمات.

اقرأ/ي أيضًا:
أيها الزبائن.. الشركات تلهث خلفكم!
اقتصاد لبنان.. ما ذنب اللجوء!؟