أعلنت بريطانيا، يوم الإثنين الماضي، أنها ستفرض حظرًا على جميع أجنحة حزب الله اللبناني، وأنها ستنزل عقوبة السجن لمدة عشر سنوات على كل من ينتمي لهذا الحزب، بسبب ما اعتبرته مساهمته في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. وقد قال وزير الخارجية البريطاني إن بلاده لم تعد تفرّق بين الجناح العسكري للحزب وبين نشاطه السياسي، وإن الحكومة البريطانية تنتظر موافقة البرلمان على القرار ليصبح ساري المفعول.

 أعلنت الولايات المتحدة مباركتها للعقوبات البريطانية ضد حزب الله، إذ رأى مايك بومبيو أن القرار يؤكد على أن العمل على الحد من النفوذ الإيراني يمضي قدمًا

وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد اتخذوا قرارًا في العام 2013، بتصنيف الجناح العسكري لحزب الله على قائمة الإرهاب، وإدراجه على اللائحة السوداء. علمًا أن بريطانيا هي من سعت وراء هذا القرار يومها، وكانت تفضّل أن لا يتم التمييز بين الجناحين السياسي والعسكري للحزب، وقد استشهدت بأدلة حول تورط الحزب بأنشطة "إرهابية" داخل أوروبا في بلغاريا وقبرص، إلا أن كاترين أشتون، مفوضة السياسة في الاتحاد الأوروبي، أصرّت يومها على الفصل بين الجناحين العسكري والسياسي، في مسعى منها لتفادي التأثير السلبي للقرار على الداخل اللبناني.

اقرأ/ي أيضًا: طارق العيسمي.. بارون مخدرات حزب الله في فنزويلا

وقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مباركتها للقرار البريطاني، إذ رأى وزير خارجيتها مايك بومبيو أن القرار يؤكد على أن العمل على الحد من النفوذ الإيراني يمضي قدمًا. وانضمت بريطانيا بقرارها هذا إلى لائحة الدول التي تصنف حزب الله على أنه منظمة إرهابية، والتي تضم البحرين، كندا، أمريكا، إسرائيل، اليابان، فرنسا، هولندا، والإمارات العربية المتحدة.

فيما لم يصدر أي رد من حزب الله على الإجراءات البريطانية الأخيرة، فإن صحيفة الأخبار اللبنانية، والتي تعبر غالبًا عن وجهة نظر حزب الله وإن بطريقة غير مباشرة، تولّت الرد عبر رئيس تحريرها إبراهيم الأمين، الذي قال في مقالته إن على ممثلي حكومة صاحب الجلالة (يقصد بريطانيا) في لبنان، التصرف على أنهم صاروا في أرض معادية، وأن الحكومة البريطانية قد دخلت في حرب مع قسم من الشعب اللبناني، وبالتالي فعلى الحكومة اللبنانية أن لا تقف مكتوفة الأيدي، وأن لا تتجاهل الجمعيات والمنظمات المدعومة من بريطانيا، وأن يتم التعامل معها على أنها منصات لاستهداف دول "الممانعة" انطلاقًا من لبنان.

بدوره، قال رئيس الحكومة سعد الحريري الذي تزامن الحديث عن العقوبات مع زيارته لمصر، في حديث لقناة DMC المصرية، إن الأمر يخص بريطانيا ولا يخص لبنان. وهو موقف اعتبره متابعون ضبابيًا ورماديًا ويحاول التوفيق بين حزب الله وبريطانيا، ليضاف إلى المواقف غير الموفقة التي أطلقها الحريري من مصر، وأبرزها كان حول رغبة لبنان في استنساخ تجربة السيسي الإصلاحية في لبنان، وهو موقف قابله اللبنانيون بالسخرية.

أما وزير الخارجية جبران باسيل، الذي يعتمد سياسة ضربة على الحافر وضربة على المسمار في مواقفه، لتعزيز حظوظه في معركة رئاسة الجمهورية المقبلة، فأكد أن القرار لن يؤثر على لبنان واللبنانيين، وأن المقاومة هي حق مشروع ولا يمكن أن تكون إرهابية، حتى لو قال كل العالم عكس ذلك. وهو موقف فيه الكثير من المحاباة والتملق لحزب الله، بعد مرور العلاقة بين الطرفين بحالة تضعضع في الأشهر الأخيرة.

اقرأ/ي أيضًأ: حكومة حزب الله/الأسد..لبنان الجحيم

وفيما يخص تداعيات هذا القرار على لبنان، فيحوم القلق في البلاد حول المساعدات التي تقدمها الحكومة البريطانية للبنان، في ظل مشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية، وتمثيله بـ3 وزراء. كما من المحتمل أن توقف بريطانيا مساعداتها العسكرية واللوجيستية للجيش اللبناني.

يحوم القلق في لبنان بعد تداعيات العقوبات على حزب الله، حول المساعدات التي تقدمها الحكومة البريطانية للبلاد، في ظل مشاركة حزب الله في الحكومة

وإذا كان الفصل بين الجناحين العسكري والسياسي، والذي اجترحه الاتحاد الأوروبي في العام 2013، قد أعطى الحكومة اللبنانية مجالًا للمناورة، فيبدو أن الظرف هذه المرة مختلف، فيما تتخبط الحكومة اللبنانية، وتقف عاجزة عن القيام بأي فعل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"الواجب الجهادي".. هكذا يواري حزب الله قتلاه في سوريا

لماذا سرّب "حزب الله" صور عرضه العسكري في القصير؟