18-فبراير-2017

طارق العيسمي في إحدى عملياته في كولومبيا (أ.ف.ب)

لا تزال قضية طارق العيسمي تشغل الأوساط الإعلامية في العالم. احتل الاسم أرقامًا عالية في موقع البحث "غوغل"، واستخدم كـ"هاشتاغ" واسع الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد الفضيحة التي كشفت بعضًا من أوجه "رجل إيران" في فنزويلا. الرجل الثاني بعد الرئيس مادورو، استحوذ على اهتمام وسائل الإعلام الغربية سريعًا، بعد إعلان وزارة الخزانة الأمريكية عن تورطه بـ"إدارة" أكبر شبكات تجارة المخدرات في العالم. كل هذا سيبدو تفصيلًا عابرًا في القضية. لكن ما تم كشفه عبر تقرير قناة "سي إن إن" (الإسبانية) كان بمثابة أدلة قاطعة عن علاقة مريبة بين العيسمي و"حزب الله"، في الهيمنة على سوق سوداء للاتجار بالمخدرات، وطبعًا علاقته في تمويل كارتيلات حزب الله المدعومة إيرانيًا، وما يترتب عن هذا من خطورة "أمنية" في ظل مساعٍ دولية لتقويض الجريمة المنظمة القائمة على تمويل المخدرات.

كشف تقرير لقناة "سي إن إن" عن علاقة متينة بين العيسمي وحزب الله، في الهيمنة على سوق سوداء للاتجار بالمخدرات

وبثت "سي إن إن" تقريرًا يوضح تورط العيسمي في منح جوازات سفر لـ173 شخصًا بسفارة فنزويلا في العراق، من بينهم أعضاء في حزب الله. وتأتي القصة الصحفية بعد عمل استقصائي استمر عامًا كاملًا، حول مزاعم بيع جوازات سفر وتأشيرات فنزويلية لأشخاص في العراق، بعضهم على علاقة بالإرهاب. وذكرت وسائل الإعلام الفنزويلية، أن "هيئة الاتصالات الوطنية حثت وسائل الإعلام والصحفيين على تقديم معلومات مناسبة وصادقة لشعبنا، تتوافق مع قيم المجتمع الفنزويلي". واتهمت الهيئة "سي إن إن" بالإسبانية بمحاولة "تقويض السلام والاستقرار الديمقراطي" في فنزويلا.

اقرأ/ي أيضًا: الخبز والسلاح والطبقات الآمنة

وكان التقرير سببًا لإغلاق المحطة في فنزويلا ومنع بثها بعد أن اتهمتها السلطات بأنها تعمل ضد "الشعب الفنزويلي"، وتعتمد على الشائعات. وهو ما يعدّ أولى معارك العيسمي، الذي يضع نصب عينيه أن يكون رئيسًا بشكل معلن مع قناة إعلامية. معركة سيتحمل على ما يبدو حطامه فيها. فالرجل منكوب بتاريخ من الفساد والدم، إذ تشير تقارير إعلامية إلى علاقة العيسمي بإيران والنظام السوري وتعامله مع قادة حزب الله في صفقات سلاح وتهريب للمخدرات، ومساعدته على تمويل فرقه وترسانته التي وجهت مرارًا في لبنان إلى سنّة بيروت وتستخدم اليوم في إبادة الشعب السوري.

وفرضت واشنطن عقوبات على العيسمي، هذا الأسبوع، بسبب تورطه في تجارة المخدرات. ووصفته بأنه "مهيمن" على المخدرات، ويعمل مع تجار في المكسيك وكولومبيا لنقل المخدرات إلى أمريكا. ورد العيسمي باتهام الولايات المتحدة بشن "عدوان إمبريالي"، كما طلب الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، من واشنطن تقديم اعتذار علني.

تورط العيسمي في منح جوازات سفر لـ173 شخصًا بسفارة فزويلا في العراق، من بينهم أعضاء في حزب الله

ووفق تقرير نشره موقع " إنفو بايي" الأرجنتيني، استنادًا إلى مصادر مختلفة، بينها مركز "سيون فيزنتال"، أن العيسمي المولود من عائلة ذات أصول سورية ولبنانية، يحتفظ بعلاقات وثيقة مع كل من إيران وحزب الله اللبناني، وعائلة الرئيس السوري بشار الأسد، التي يبدو أن بعضها استقر منذ فترة في كراكاس، حسب الموقع. وأكد الموقع أن العيسمي ، لعب دورًا محوريًا، في المفاوضات التي جرت على امتداد سنوات بين إيران والأرجنتين، لخفض التوتر بينهما، بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له الجمعية اليهودية في بيونس أيريس سنة 1994، والذي خلف 85 قتيلًا، و"تفنيد أي صلة لطهران بالهجوم" حسب الموقع الذي يؤكد أن تعيينه نائبًا للرئيس ترجمة لتنامي النفوذ الإيراني، ومن ورائه نفوذ "حزب الله" في كراكاس.

من جهة أخرى، أوضح إنفو باي، أن العيسمي "مرتبط بجماعات تهريب المخدرات في فنزويلا، وبحركة القوات المسلحة الثورية في كولومبيا"، ما جعل وزير الداخلية السابق، ونائب الرئيس الحالي، على قائمة المطلوبين لدى الوكالة الأمريكية لمكافحة المخدرات، منذ سنوات. والعيسمي الذي ولد في فنزويلا لأب منحدر من جبل الدروز في سوريا، تقلد مناصب عديدة آخرها حاكم ولاية آراغوا (شمال وسط)، في عملية إعادة هيكلة حكومية، شدد مادورو على أهميتها المفصلية. ودخل المعترك السياسي من بوابة الحركة الطلابية ثم أصبح محاميًا وخبيرًا في العلوم الجنائية وهو يعتبر كذلك أحد أقوى أركان الحزب "الاشتراكي" الموحد الحاكم منذ 1999.

اقرأ/ي أيضًا:

الديمقراطية..على حافة الهاوية

صورة الدكتاتور