06-فبراير-2024
تتصاعد احتجاجات عائلات المحتجزين في غزة ضد مماطلة حكومة نتنياهو لعقد صفقة (GETTY)

تتصاعد احتجاجات عائلات المحتجزين في غزة ضد مماطلة حكومة نتنياهو لعقد صفقة التبادل (GETTY)

أصبحت عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة لاعبًا أساسيًا في المشهد السياسي الإسرائيلي. ومع تزايد حالة الغضب من مماطلة حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو في عقد اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة، ومبادلة المحتجزين مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية؛ صعدت العائلات من احتجاجاتها ضد الحكومة الإسرائيلية، وقادت اعتصامات أمام منزل نتنياهو والمراكز الحكومية والكنسيت، لتصبح الصوت الأول المعارض للحكومة.

وفي هذا السياق، قدمت عينة من الجمهور الإسرائيلي، خلال مسح للآراء جرى في كانون الثاني/يناير، أسماء من يرغبون في رؤيتها تدخل المجال السياسي، وكانت أسماء أقارب المحتجزين في غزة من بين أكثر الأسماء تداولًا.

ويظهر المسح الذي اطلعت عليه وكالة "رويترز" للأنباء، جاذبية عائلات المحتجزين الإسرائيليين الذين يرغبون في رؤية التغيير السياسي، في وقت أصبحت فيه شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الحضيض.

واعتبرت "رويترز"، أن هذا جزء من تحول أوسع في المشهد السياسي الإسرائيلي الذي عجّل به هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر. ومن المرجح أن يتسارع عندما تنتهي الحرب على غزة، ويبدأ جرد الإخفاقات الأمنية والعسكرية التي حصلت في ذلك اليوم.

صعّدت عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة من احتجاجاتها ضد الحكومة الإسرائيلية بسبب مماطلتها في عقد اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة، ومبادلة المحتجزين مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية

يقول عالم النفس السياسي في "معهد ترومان للأبحاث" التابع للجامعة العبرية بالقدس، نمرود نير، الذي أجرى المسح إن: "احتجاجات عائلات المحتجزين هي نقطة محورية لظهور أنواع أخرى من الاحتجاجات ضد الحكومة".

وأشارت "رويترز" إلى أن أحد الأسماء التي ذكرها المستجيبون كان جيل ديكمان، قريب المحتجز كارمل غات، الشخصية النشطة في مجموعة منتدى عائلات الرهائن.

اسم آخر هو جوناثان شمريز الذي قتلت القوات الإسرائيلية شقيقه ألون بالخطأ، وكان واحدًا من ثلاث رهائن قتلوا بحي الشجاعية بغزة في 15 كانون الأول/ديسمبر، والذي أصبح ناقدًا صريحًا لحكومة نتنياهو. وقال شمريز لـ"رويترز": "سأفعل ما أقدر عليه من أجل إصلاح هذا البلد. إذا كان هذا يعني الدخول إلى السياسة، فسأضطر إلى القيام بذلك".

فيما لم يذكر بعض المستجوبين أسماءً، لكنهم كتبوا إشارات مثل "أسر الرهائن"، مما يعكس تأثير المنتدى نفسه وحملته "أحضرهم إلى المنزل الآن".

الانقسام بين اليسار واليمين

يحاول المنتدى ومعظم أقارب المحتجزين الدخول إلى الحياة الحزبية أو مواجهة حكومة اليمين الائتلافية، بينما: "تعلق حياة أحبائهم في الميزان"، وفق تعبير الوكالة.

يقول إلاد أور، الذي يحتجز شقيقه درور لدى حماس إن: "كفاحنا الآن ليس صراعًا سياسيًا". وعكس ضبط النفس لدى عائلات المحتجزين، التي تلهم التعاطف العام الضخم، تجنّب نتنياهو في الغالب انتقادهم علنًا، على الرغم من تصاعد الإحباطات لدى كلا الجانبين.

وأثارت احتجاجات العائلات خارج منزله انتقادات نتنياهو خلال مؤتمر صحفي عقده في 27 كانون الثاني/يناير، الذي قال إن مثل هذه التحركات: "لا تعزز سوى مطالب حماس".

وخلال الهدنة التي استمرت أسبوعًا في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، أفرجت حماس عن أكثر من 100 محتجز إسرائيلي وأجنبي مقابل إطلاق "إسرائيل" سراح حوالي 240 معتقلًا فلسطينيًا.

التضامن مع عائلات المحتجزين يمتزج مع المشاعر الأوسع المناهضة للحكومة، والمتجذرة جزئيًا في حركة الاحتجاج الضخمة قبل الحرب ضد خطة نتنياهو لإصلاح القضاء

ومنذ ذلك الحين، أصبحت مسألة الثمن الذي يجب أن تدفعه "إسرائيل" لاستعادة أكثر من 100 محتجز متبقي، وكيفية موازنة هذا الهدف مقابل هدفها الحربي المعلن الآخر، تدمير حماس، تثير حالة استقطاب متزايدة في المجتمع الإسرائيلي.

وعلى الرغم من أن المفاوضات بين "إسرائيل" وحماس بشأن وقف لإطلاق النار وصفقة للتبادل، بوساطة قطرية ومصرية وبدعم من الولايات المتحدة، لا تزال جارية، ولكن نتيجتها غير مؤكدة.

وأكد نتنياهو الذي يواجه خلافات داخل ائتلافه حول شروط الصفقة، بأن "إسرائيل" ليست مستعدة لقبول أي ثمن مقابل عودة المحتجزين.

وتظهر استطلاعات الرأي التي أجراها "معهد ترومان" و"المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" (IDI)، انقسامًا حادًا بين اليسار واليمين بشأن هذه القضية. إذ يدعم اليسار الإسرائيلي صفقة مع حماس تتضمن تقديم تنازلات تتمثل في وقف إطلاق النار وإطلاق سراح معتقلين فلسطينيين مقابل عودة المحتجزين، في حين أن قوى اليمين تعارض مثل هذه الصفقة، وتدعم مواصلة الحرب.

تقول الباحثة السياسية في "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، تمار هيرمان إن: "التضامن مع عائلات المحتجزين يمتزج مع المشاعر الأوسع المناهضة للحكومة، والمتجذرة جزئيًا في حركة الاحتجاج الضخمة قبل الحرب ضد خطة نتنياهو لإصلاح القضاء".

عامل الكيبوتس

تشير "رويترز" إلى أن نسبة كبيرة من المحتجزين في غزة جاؤوا من الكيبوتسات، وهي مجتمعات لها روابط تاريخية عميقة مع اليسار السياسي. ويمكن أن تكون الأحزاب اليسارية الجديدة مناسبة بشكل طبيعي لأي من أقارب المحتجزين الذين قرروا الدخول إلى عالم السياسة.

وردًا على سؤال عما إذا كان حزبه يريد ضم أي منهم، قال الأمين العام لحزب ميرتس اليساري، تومر ريزنيك إن حزبه: "يعيد تنظيم نفسه للانتخابات القادمة، وجزء من هذا التنظيم هو العثور على مرشحين جدد متلائمين مع الوضع الحالي".

وينظر البعض إلى عائلات المحتجزين على أنهم معارضون لليمين، وخاصة اليمين القومي المتطرف، الذي يسيطر على ائتلاف حكومة نتنياهو الهش. ويمكن لوزيرين من اليمين المتطرف المعارضين لعقد صفقة مع حماس، إسقاط الحكومة في أي لحظة.

يقول الباحث السياسي من الجامعة العبرية، جدعون رهت إن: "بعض مؤيدي نتنياهو اليمينيين المتشددين العاملين في المجال السياسي والإعلامي يصورون عائلات المحتجزين على أنها يسارية تسيئ استخدام التعاطف العام لتعزيز أجندتهم المناهضة للحكومة"، وأضاف إن: "أحد التكتيكات هو تضخيم أصوات عدد قليل من أقارب المحتجزين اليمينيين المتطرفين الذين يعارضون أي صفقة مع حماس، مثل إلياهو ليبمان، وهو مستوطن من كريات أربع في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، والذي يحتجز ابنه إلياكيم في غزة".

وفي لقاء مع القناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية، جادل ليبمان بأن على "إسرائيل" تدمير حماس، بغض النظر عن التكلفة، حتى لا يتضرر أي إسرائيلي منها في المستقبل. وقال للقناة: "ابني هو أهم شيء في العالم بالنسبة لي، ولكن دولة إسرائيل هي أيضًا أهم شيء في العالم بالنسبة لي".