25-يوليو-2016

حيدر العبادي في لقاء سابق مع مقتدى الصدر (Getty)

لم تعد الحركة الاحتجاجية التي تشهدها العاصمة بغداد ومدن أخرى منذ الحادي والثلاثين من تموز/يوليو 2015، حركة خالية من التصادم مع الحكومة العراقية التي يرأسها حيدر العبادي. فالدماء فيها سالت ومؤسسات دولة اقتحمت ومتظاهرون اعتقلوا وشد وجذب متصاعد بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الحكومة حيدر العبادي.

الصراع بين العبادي ومقتدى الصدر قد تصل آثاره إلى التحالف الشيعي (التحالف الوطني) الذي يجمعهما، وهو ما سيهدد أكبر كتلة سياسية عراقية بالتفكك

يضغط مقتدى الصدر الذي يمتلك عددًا كبيرًا من الأنصار يُقدر بمليوني شخص وفصيل مسلح اسمه سرايا السلام على الحكومة العراقية لتنفيذ "الإصلاحات" التي وعدت بتحقيقها عندما طالب بها متظاهرون في ساحة التحرير، ويرى الصدر أن أيًا منها لم يتحقق.

اقرأ/ي أيضًا: أمريكا والانقلاب الأخير في تركيا

دخول المتظاهرين من أتباع مقتدى الصدر إلى المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مقار حكومية وبعثات دبلوماسية، في الثلاثين من نيسان/أبريل 2016، واقتحامهم مبنى مجلس النواب العراقي، تسبب بانزعاج لرئيس الحكومة العراقية، الذي حذر من استغلال التظاهرات من قبل البعض ودخول المنطقة الخضراء.

وبتاريخ 4 أيار/مايو 2016، عقد لقاء خاص لم يُبث للإعلام بين حيدر العبادي ومجموعة من الصحافيين والكتاب العراقيين، بضمنهم كاتب المقال، قال فيه العبادي: إنه "لن يسمح بالتظاهر أمام المنطقة الخضراء بعد حادثة اقتحام مجلس النواب، حتى لو اضطر إلى إطلاق الرصاص على المتظاهرين".

وأضاف العبادي خلال حديثه مع الصحافيين، الذي سمح لنا مكتبه الإعلامي بنشره لاحقًا، أن "هناك من يحاول أن يعبث بأمن الدولة العراقية والوصول إلى مؤسساتها، وهذا ما لا نرتضيه لأننا في معركة مع الإرهاب، ويجب أن نُسخر كل جهدنا لتحقيق الانتصارات وتحرير المدن العراقية، ومن حق العراقيين أن يتظاهروا ويطالبوا بالإصلاح وهذه حالة صحية، لكن أن تتحول التظاهرة من سلمية تطالب بالإصلاح إلى اقتحام مؤسسات الدولة، فهذا ما لا نرتضيه وسنقف بالضد منه".

اقرأ/ي أيضًا: الجدول الزمني لصعود وهبوط الانقلاب في تركيا

في ذلك اللقاء حدد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي ثلاثة خطوط قال إنها "حمراء"، يمنع الوصول إليها. كان الخط الأول يتمثل بعدم التظاهر أمام المنطقة الخضراء، والخط الثاني عدم الاقتراب من بوابات المنطقة الخضراء، والخط الثالث عدم تجاوز أسوار المنطقة الخضراء، ومن يحاول فعل ذلك بحسب العبادي: "سيُعرض لمواجهة ليست سهلة مع القوات الأمنية العراقية".

ومع تهديدات حيدر العبادي بمنع التظاهر أمام المنطقة الخضراء بقي الصدر مصرًا على التظاهرات، وعاد أتباعه من جديد ودخلوا المنطقة الخضراء في العشرين من آيار/مايو 2016، لكن هذه المرة استخدمت القوات الأمنية العراقية المياه الساخنة والرصاص الحي والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، مما تسبب بوفاة أربعة وجرح تسعة آخرين.

وقال سعد الحديثي وهو متحدث باسم رئيس الحكومة العراقية لـ"الترا صوت": إن "حيدر العبادي مع وجود تظاهرات تطالب بالإصلاح وهذا حق إنساني ودستوري، ومنذ أن انطلقت التظاهرات في الحادي والثلاثين من تموز/يوليو 2015، كان مؤيدًا لها وقام بخطوات على إثرها لتحقيق الإصلاح، لكن هناك من جعل مؤسسات الدولة هدفه الذي يريد الوصول إليه من خلال التظاهرات، وهذا ما يرفضه رئيس الحكومة حيدر العبادي".

وقالت النائبة زينب الطائي وهي عضو في التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر، لـ"الترا صوت": إن "العراقيين لم يريدوا سوى تحقيق الإصلاحات، ووجود شخص مثل مقتدى الصدر لأنه يمتلك الصفات التي تؤهله ليكون المطالب والضاغط على الحكومة لتحقيق الإصلاحات، وليس هناك غايات سياسية نحاول نحن في التيار الصدري الحصول عليها".

ويبدو أن الاعتداءات التي قامت بها القوات الأمنية العراقية على المتظاهرين في العشرين من آيار/مايو 2016، كانت رسالة من رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأنه قادر على المواجهة الميدانية في أية لحظة.

في المقابل لا يريد مقتدى الصدر الذي وعد باستمرار الضغط على الحكومة لتحقيق الإصلاحات أن تهتز صورته أمام أنصاره وعدد من الذين يؤيدون خطواته الأخيرة بدعم التظاهرات، لذا قد يندفع إلى اتخاذ خطوات أخرى، ربما تكون تصعيدية.

الصراع بين حيدر العبادي ومقتدى الصدر قد تصل آثاره إلى التحالف الشيعي (التحالف الوطني) الذي يجمعهما، وقد يُهدد هذا الصراع أكبر كتلة سياسية في العراق بالتفكك أو تعميق الأزمات بداخلها، خاصة وأن العبادي ينتمي لحزب الدعوة الإسلامية الذي لا تجمعه علاقة إيجابية بالتيار الصدري.

اقرأ/ي أيضًا: 

الإثارة الانقلابية التركية