02-يونيو-2022
الضيافة والكرم في السويد

يرى عديدون أن الثقافة السويدية تتسم بالشحّ (DailyBeast)

تخيّل أنك في منزل صديق لك، ثم نادته أسرته لتناول الطعام، ولم تتم دعوتك للمشاركة، هل ستعتبرهم بخلاء؟ ماذا لو جلست في بيت أحدهم ولم يشعر المضيف بحاجة لسؤالك عن حاجتك من الماء أو الطعام، هل ستفكّر بالدخول إلى بيته مرة أخرى؟ 

في الحقيقة يبدو أن هذا جانب غير معروف لدى الكثيرين عن الثقافة السويدية، التي هبّ من أجل الحديث عنه آلاف المغردين عبر تويتر فجأة، معتبرين أن للسويديين ثقافة تتسم بالشحّ، مع عدم الحرج من ذلك.

سلّط عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مواقف طريفة مع السويديين تركت لديهم انطباعًا عامًا حول شحّ السويديين 

ففي لحظة رقميّة مليئة بالغرابة والغموض، تفجّر وسم باللغة الإنجليزية يرتبط بالموضوع يحمل اسم #Swedengate، بمعنى "فضيحة السويد".

القصّة بدأت بمنشور على منصة "ريديت"، وجد طريقه في النهاية إلى تويتر، يتحدث فيه مستخدمون عن تجاربهم مع السويديين ومستوى كرم الضيافة لديهم، وذلك لاختبار ما إذا كان هنالك من يختلف حول الصورة الشائعة عنهم، بأنهم غير مضيافين ويتسمون بالبرود عادة عند التعامل مع الآخرين، فيما ضحك البعض من ظرافة مواقف تعرّض لها أطفال لم يكونوا ينتمون للثقافة السويدية.

وفي سياق التفاعل، غرّدت فوليتا جالو كاتبة من غامبيا هاجرت إلى السويد في سنّ مبكرة، قائلة "لقد تعلمنا ونحن صغار أن علينا أن نغادر البيت الذي نكون فيه عند أي صديق عندما يحين موعد الطعام، على الجانب الآخر كانت أمي تطعم الأطفال السويديين".

وأيدت العديد من التعليقات تغريدة جالو، وشاركها أحدهم طباع عائلة شريكته السويدية، حيث كتب "هم حرفياً هكذا، خلال الوباء، عشنا مع والدة شريكتي لبضعة أشهر، وفي النهاية تلقيت فاتورة قدرها 4400 دولار (والتي تضمنت تكلفة الرعاية الطبية لشريكتي المعاقة)، تكسب والدتها 120 ألف دولار، ونجني أقل من 50 ألف دولار.

فيما علّق آخر، "لقد عشت في السويد لسنوات عديدة وأخبرني صديق أنه عندما كان يذهب للإقامة مع عمته في طفولته، كانت ترسل إيصالات الطعام والبقالة إلى والدته".

وسخر أحد المشاركين في وسم الفضيحة السويدية، عبر صورة لعائلة تلتف حول مائدة طعام عرضتها شركة أيكيا السويدية الأصل للأثاث، قائلًا "من المحتمل أن يكون لديهم صديق يجلس في مكان ما في المنزل، بانتظار انتهاء الأسرة من الغداء".

بدورها، أجي فاتو، غرّدت عبر حسابها في تويتر، منتقدة الثقافة السويدية "أنت لا تطعم ضيفك، ثم تقبل الطعام عندما يُعرض عليك، وتطلب من ضيوفك أن يسددوا لك المال عندما تطعمهم، لا يمكنك أن تقنعني أنها ثقافتك، هذا شر" وفق تعبيرها.

الإخصائية والمعالجة النفسية تينا ميلرود، تفاعلت من جهتها، وكتبت "ننسى عدم قيام السويديين بإطعام أطفالهم في موعد اللعب، ماذا عن البالغين الذين يتعين عليهم إحضار ملاءتهم ومناشفهم عند دعوتهم لقضاء الليلة؟ عشت هناك لمدة 18 عامًا، أؤكد ذلك".

تغريدة لحساب يحمل اسم "unkown" لقيت تفاعلًا بقرابة 140 ألف إعجاب، جاء فيها "لا أستطيع أن أصدق أن Reddit وTwitter قد غيرا النظرة الكاملة لكيفية نظر الناس إلى السويد، أكثر من 100 عام من السويد يُنظر إليها على أنها مكان جيد للعيش فيها، وقد دمرتها لقطة شاشة (فضيحة السويد)"، إشارة لأول منشور تحدّث عن ثقافة الطعام مع الضيوف في السويد.

"كطفل سويدي، لم يُسمح لك باستخدام المرحاض العادي في منزل أحد الأصدقاء، كان عليك أن تطلب من الأب في الأسرة (bajstunnan) دلو به كيس بلاستيكي، بعد أن تخلصت منه قاموا بربطه واضطررت إلى أخذه إلى المنزل وإلقائه في سلة المهملات"، يتحدث أحد المغرّدين السويديين.

من جانبها ذكرت صحيفة "ذا انديبندنت" البريطانية، أن ثقافة الطعام لدى السويديين وخصوصًا بما يتعلق بالأطفال الضيوف، قد تأتي من مبدأ عدم تغيير نظام غذائي معيّن أو خطة تتبعها أسرة الطفل الضيف أو المستضيف، واحترامًا لأوقات الطعام التي تتناول فيها عائلة الطفل الضيف غذاءها وعشاءها، فلا ينبغي من وجهة نظرهم خرق جدول تناول الطفل وجباته مع أسرته، فالأولى عندما يحين موعد وجبته العودة إلى المنزل وتناول الطعام رفقة أهله.

وعلى ما يبدو أن هذه العادة روتينية، ولا تزعج أحدًا من السويديين، على عكس الكثير من الشعوب الأخرى خصوصًا العربية، فكيف يأتي ضيف لمنزل أحدهم ولا يشارك بالأكل، ويشبع، بل ويأخذ حصة طعام إضافية إلى منزله أحيانًا.

وعبر وسم "فضيحة السويد"، استغلّ البعض التفاعل الحاصل ليذكّروا بفضائح سابقة حدثت في السويد، باعتبار أنها حاليًا من الدول التي تتصدر مؤشرات عالمية بالعيش الآمن والتقدم والسعادة.

وانتقد وزير الدعاية الإفريقية مالك دوكور "مشاكل الأمة الأسكندنافية" كما وصفها، قائلًا: "إن مشاكل هذه الأمة تصل إلى الجدول الزمني من خلال #Swedengate، بعد أن تجنبت لفترة طويلة النقد بسبب عنصريتها المعاصرة، ودورها التاريخي في العبودية والإمبراطورية.. ملاحظة: جمعت السويد ثروة من تصنيع سلاسل العبيد".

كما عرّج آخرون على قضايا اعتبروها من ضمن الفضائح السويدية، مثل تعاطي البلاد مع كبار السنّ خلال جائحة كورونا، عصابات بيع الأسلحة، التعقيم القسري حتى سبعينيات القرن الماضي وغيرها.