18-فبراير-2022

(Getty)

قيل في قصة النبي يوسف أن والده عُمي من شدة البكاء بعدما فقده، ثم شفي عندما عاد ابناؤه في يوم بقميص يوسف، فأبصر، فلا غرابة إذا اسودّت الحياة في عيون آباء فقدوا أبناءهم في ظرف قدَري، فكيف الحال إذا انتُزع الطفل من حضن أبيه، وتقطعت سبل الوصال بينهما عنوة! هذا ما يتحدث عنه آباء في السويد، سُحب أبناؤهم منهم بالقوة لعدم أهلية الوالدين أو أحدهما، أو عدم مطابقة ظروف رعاية الطفل من قبل أسرته مع المعايير التي وضعتها الحكومة السويدية، إنها ليست مجرد قضية رأي عام مثارة مؤخرًا ومطالبات باستعادة الأسر أطفالها، إنهم آباء وأمهات يقتلهم سكون المنزل من أصوات أطفالهم، ويرعبهم غياب التفاصيل وفقدان الاتصال مع أبنائهم. 

قضية انتزاع الأطفال من أسرهم ليست بجديدة في السويد، البلد الذي يلزم نفسه باتفاقية حماية حقوق الطفل، لكنها فجّرت مؤخرًا تفاعلًا على مستوى العالم، بعد انتشار مقطع مصور لأب يدعى دياب طلال رفقة زوجته، يتهم فيه دائرة الخدمات الاجتماعية "السوسيال" في السويد بخطف أبنائه الأربعة منه، وفقدان الاتصال معهم منذ سنوات.

وتزامن ذلك مع مظاهرات انطلقت في مدن سويدية عدة، تندد بقانون حماية القاصرين (القواعد الخاصة بالتعامل مع الأطفال أو اليافعين في السويد) المعروف باسم LVU، والذي يمكّن "السوسيال" من سحب الأطفال من أسرهم وتوزيعهم على أسر جديدة حاضنة، مع احتمالية عدم استعادة العائلة الأم لأولادها أبدًا، متهمين الحكومة السويدية "بتعمّد خطف أطفال العرب والمسلمين" على وجه الخصوص.

تضليل الرأي العام

الحكومة السويدية ردت بدورها على هذه الاتهامات، وأوضحت أن القانون معمول به في السويد منذ عام 1990، مشيرة إلى انعدام أي أسس دينية بالتعامل مع قضايا الأطفال المشمولة بقانون حماية القاصرين، وإنما يقوم على "إثبات وجود خطر كبير على صحة الطفل أو نموه، فالأمر يتعلق إما بسوء السلوك في بيئة المنزل، أو أن سلوك الطفل  أو اليافع نفسه يمثل خطرًا كارتكاب الجرائم أو تعاطي المخدرات"، مؤكدة أن قرار سحب الطفل من أسرته يعتمد كليًا على موافقة القضاء الإداري المستقل، وليس لـ"السوسيال" سلطة في ذلك، كما نفت ادعاءات تتعلق باستغلال الأطفال وبيعهم لاسيما أن الخدمات الاجتماعية تمنح العوائل الحاضنة رواتب شهرية.

ووصف حساب الخارجية السويدية في تويتر حملة التعاطف مع أسر الأطفال الذين تم سحبهم، بـ"الحملة التضليلية"، محذرًا من خطورة ما أسماه مزاعم اختطاف أبناء المسلمين، وما تخلفه من توترات وانعدام في الثقة.

وتشير الحكومة السويدية إلى السماح للطفل بالبقاء على تواصل مع أصله ولغته وثقافته، ووضعه في منزل ينتمي لنفس الشبكة الاجتماعية للطفل، وهو ما يؤكد انعدام وجود أي هدف ذي أصول دينية لدى هيئة الخدمات الاجتماعية السويدية من سحب الأطفال من أسرهم.

وعن احتمالية عودة الطفل إلى عائلته الأم، تقول الحكومة السويدية "إذا كان هناك خطر كبير يتمثل في تعرض صحة الطفل أو نموه للضرر بانتقاله إلى منزل عائلته، فقد تقرر دائرة الخدمات الاجتماعية عدم وجوب انتقال الطفل إلى أسرته، ويتم اتخاذ هذا القرار دائما مع مراعاة مصلحة الطفل الفضلى".

اقرأ/ي أيضًا: أنا لاجئ: وسم يروي قصص اللجوء الموجعة لسوريين حول العالم

وأردفت عما يتعلق بمشاركة الطفل باتخاذ القرار بأن "للطفل دائمًا الحق في تلقي المعلومات المتصلة بوضعه، ويجب أن تُتاح له الفرصة للتعبير عن آرائه"، أي أنه يسمح للطفل التعبير عن رغبته، لكن دون الاعتماد على رأيه في اتخاذ القرار، وهنا يتضح تمايز تعامل الخدمات الاجتماعية مع أقوال الطفل، فعند تلقّي بلاغات عن سوء معاملة طفل ما، تؤخذ أقوال الطفل بجدية عالية، ويعتمد عليها بشكل كبير باتخاذ قرار سحبه من أسرته، لكن ذلك يختلف فيما يتعلق بعودته لها.

كما تبيّن الحكومة السويدية بأن لكل حالة وضعًا خاصًا، فبعض الحالات تحرص الخدمات الاجتماعية فيها على وضع الطفل بمنزل قرب منزل عائلته الأم، وبعض الحالات يتم التكتّم بشكل كامل عن مكان وجوده، حرصًا على سلامته، وبما يخدم مصلحة الطفل، و"هناك قواعد ومعايير لاختيار عائلة حاضنة آمنة للطفل" تؤكد السلطات السويدية.

في حين شدّدت على تقديمها المشورة والتوجيهات للوالدين، وتوفير مترجمين في حال عدم تمكّن الأهل من اللغة السويدية، وكذلك الدعم في التواصل مع الأسر المستضيفة، لافتة إلى أن هناك حالات يمكن استعادة الأهل لأبنائهم، وحالات تتخذ فيها الخدمات الاجتماعية قرار عزلهم التام عن عائلاتهم.

لكن ومع توضيحات الحكومة السويدية لكل ما ذكر أعلاه، فما زالت الانتقادات تلاحق الخدمات الاجتماعية وقانون حماية القاصرين، ففي حال وجود الطفل بظروف غير ملائمة ويتعرض فيها للضرر، لماذا يترك الأب أو الأم طلقاء ويتم سحب الطفل، ولماذا لا يتم إعادة تأهيل العائلة وتقديم الدعم المعنوي والمادي اللازم لتجاوز ظروفها السيئة؟ فهل انعدمت الحلول لكي تلجأ الحكومة السويدية إلى انتزاع الطفل من حياة والديه!

الانتقادات لم تطال قرار انتزاع الأطفال فحسب، بل شملت مرحلة احتضان الطفل من عائلة مستضيفة تسيء معاملة ضيفها الصغير، خصوصًا مع انتشار معلومات تفيد بوقوع حالات وفاة لدى أبناء تم انتزاعهم من عائلاتهم، ما يدلّ على تقصير الخدمات الاجتماعية بمتابعة الأطفال بعد توزيعهم على الأسر الحاضنة، الخطأ وارد، والتقصير وارد، وربما هناك موظفون مهملون ببعض الحالات النادرة، قد تبرر بهذه الكلمات، لكن ماذا لو كان طفلك أنت هو هذه الحالة النادرة، هو الضحية.

دعوة لخطاب عقلاني

يقول الصحفي الاستقصائي المستقل عبداللطيف حاج محمد والمتواجد في السويد لموقع ألترا صوت، إن الخدمات الاجتماعية جهة حكومية تشكل (ركيزة أساسية في نظام الرفاه الاجتماعي الذي يميز دولة السويد)، تتركز أعمالها على تقديم الدعم للأطفال والشباب وكبار السن ومدمني المخدرات و الأشخاص ذوي الإعاقة، و العاطلين عن العمل، بغض النظر عن الجنس، الدين، الأثنية، اللون، الوضع الاجتماعي، التوجه الجنسي.

وبالتالي هي ليست جهة متخصصة بسحب الأطفال من ذويهم، وإنما هي جسم خدمي ضخم، وتعتمد بعملها على قانون الخدمات الاجتماعية (SoL) وهو ما يسمى بالقانون الإطاري، ويتم استخدام  قانون LVU  وهو اختصار لعبارة "القانون (52: 1990) مع أحكام خاصة بشأن رعاية الشباب"، عندما لا يرغب الأوصياء في تلقي المساعدة بشكل طوعي، مثلاً، قد يكون هناك عنف في الأسرة أو طفل يعرض نفسه للخطر، موضحًا "لقد وصم عمل السوسيال بالتبعية الدينية والسياسية، وهي بعيدة كل البعد في عملها عن أي معيار ديني أو هدف سياسي".

" دائرة الخدمات الاجتماعية ليست ذات مثالية عالية، لكنها تهتم بمصلحة الطفل الفضلى، وفي كثير من الأحيان تغيب الأدلة عن اتهامات الآباء للخدمات الاجتماعية أو يقدمون روايات مفككة، بينما تحرص الأخيرة على السرية التامة بكل ما يتعلق بوضع الأطفال، حتى لا يتم استغلالهم بأي معلومة قد تنشر عنهم، وهذا ما قد يفسّر التزام السوسيال الصمت حيال اتهامات الآباء، حفاظاً على خصوصية الأطفال"، يوضّح حاج محمد لألترا صوت.

حظيت قضايا الآباء المكلومين بانتزاع أبنائهم منهم بتعاطف عربي واسع، وشاركهم الآلاف ألم الفقد والفراق والاشتياق لأطفالهم

وعما تم تداوله عن اتجار الخدمات الاجتماعية بالأطفال، واستخدام بعض المصادر ككتاب (LVU تجارة البشر المربحة للبلديات)،  للكاتب السويدي أوفه سفيدين، مرتكزاً على القول إن "السويد تخطف أطفال المسلمين للإتجار بهم"، فكشف الصحفي السوري أن سفيدين الذي جرى تقديمه من قبل البعض على أنه سياسي سويدي كبير من العاصمة ستوكهولم ويتمتع بجرأة كبيرة، هو في حقيقة الأمر كان مرشحاً للبرلمان عن حزب الوسط في العامين 2006 و2010، وفي ربيع 2010، تحطمت حملته الانتخابية الشخصية وجرى طرده من الحزب بعد الكشف عن أنه يدير موقعًا إلكترونيًا يتبنى نظريات المؤامرة بشكل واضح.

فيما لفت حاج محمد إلى أن السوسيال تتخذ قرار سحب الأطفال من أسرهم بعد تلقي سلسلة من التبليغات أو بلاغات القلق، ومتابعتها لحالة الطفل النفسية والصحية لمدة طويلة نسبياً، وتسعى دائماً إلى تصميم تدخل طوعي بمشاركة الأوصياء على الطفل، وفي حال تعذر ذلك تتدخل وفق أحكام القواعد الخاصة ((LVU، وهو ما تقرّه المحكمة في نهاية الأمر أو ترفضه، بحسب الحالة.

من جهته، ذمّ المحامي السوري المتواجد في السويد محيي الدين لالا، خطاب التعاطف المتسم بـ"التمييز الديني" مع قضية سحب الأطفال في السويد، وضمن تغريدة له عبر تويتر قال: إنه وفي "السويد يوجد قانون وهي دولة لا دينية معظم سكانها لا يؤمنون بالله ولا يذهبون إلى الكنيسة، في منطقة فلين باعوا الكنيسة للمسلمين مسجدًا، اذا كان هناك أخطاء تراها وأنت مقيم في جزر الكناري تستطيع مخاطبتهم بلغة القانون والصحافة السويدية، لا خطاب صليبيين مسلمين مصيبة".

وأكدت مصادر خاصة لموقع ألترا صوت تعاملت من قبل مع الخدمات الاجتماعية، بما يخص موضوع التعاليم الإسلامية، أن الحكومة عمومًا تراعي الخلفية الدينية لجميع الأطفال وتحترمها، ولا تمارس أي رفض بمظاهر الدين كحجاب الأطفال أو امتناعهم عن أكل لحم الخنزير مثلًا، ولا تعتبرها أسبابًا لسحب الأطفال، لكنها تتدخل إذا كان الطفل مجبرًا على ممارسة أو إظهار أي سلوك ديني من قبل عائلته.

وكانت السلطات السويدية وجهت انتقادات لموقع فيسبوك حيال تعاطيه السلبي مع حملة "الكراهية" الموجهة ضد الحكومة، والإبقاء عليها دون حذفها، خصوصًا تلك المنشورات المكتوبة أو المسجلة باللغة العربية، لافتة إلى عدم فعالية ضوابط فيسبوك التي من المفترض أن تفرّق بين حرية التعبير، وبين مكافحة المعلومات المضللة.

السويد "تخطف الأطفال"

في الجهة المقابلة، حظيت قضايا الآباء المكلومين بانتزاع أبنائهم منهم بتعاطف عربي واسع، وشاركهم الآلاف ألم الفقد والفراق والاشتياق لأطفالهم، وأطلق روّاد مواقع التواصل الاجتماعي وسم #أوقفوا_خطف_أطفالنا، تضامنًا مع من اعتبروهم ضحايا لدائرة الخدمات الاجتماعية السويدية، ومن لا يملكون حلًا سوى تحويل قضيتهم إلى قضية رأي عام.

فكتب المفتي العام لسلطنة عمان أحمد بن حمد الخليلي عبر تويتر، "كم هي نكبات الأطفال في هذا العصر الذي اجتيحت فيه الحقوق وتلاشت قيم الإنسانية فبقدر ما آلمتنا مأساة في الطفل السوري الذي تسلطت عليه أيدي العصائب الإجرامية البالغة في الوحشية الضارية ما لم تبلغه السباع الكاسرة تألمنا لانتزاع الأطفال في السويد من آبائهم وأمهاتهم"، مغردًا "أوقفوا خطف أطفالنا".

بدوره، غرّد اليوتيوبر والشاعر المصري عبدالله الشريف عبر تويتر مكذّبًا ما قالته وزارة الخارجية السويدية عن "الحملة التضليلية" ضدها، "الخارجية السويدية تكذب من جديد وبدلاً من أن ترد الأطفال إلى ذويهم تمارس الكذب وتصف الحملة بالمضللة والأخبار الكاذبة".

فيما يرى عضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين محمد الصغير، أن الحملة في السويد ليست موجهة ضد الإسلام، "لأن سيف السوسيال مشهر في وجه الجميع"، لكنه اعتبر بالمقابل أن حرمان الطفل من والديه هو عقاب للطفل وليس لعائلته فحسب، مفضّلًا تقويم الخلل الموجود لدى الوالدين على أن تظلم الأسرة باسم القانون.

‏الأمين العام المساعد لرابطة علماء المغرب العربي أحمد الحسني الشنقيطي، عبّر عن رأيه مما يجري في السويد، معتبرًا الحكومة السويدية تخطف الأطفال، "في تاريخ الدول الإسلامية لم يثبت أن أحدًا منع ذميًا ولا غيره من تربية أبنائه وفق معتقداته، وفي الديمقراطيات الغربية اليوم يمنع المسلمون من حقهم في تربية أبنائهم وفق معتقداتهم، بعد ذلك يتشدقون بحرية الاعتقاد وأن الإسلام دين رجعي ظلامي!!"، يقول الشنقيطي.

ومشاطرة للرأي السابق، يعتبر حساب شؤون إسلامية في تويتر أن سحب الأطفال من عوائلهم بمثابة خطف، وضياع لمستقبل الأبناء، مرفقًا تغريدته بفيديو لصبي عربي يقول إنه هرب من السوسيال للمشاركة في المظاهرة، حتى يوصل صوته وصوت كل المظلومين "بيضحكوا علينا وبيضحكوا على أبوي"، مفصحًا عن رغبته بالعودة لكنف والده واشتياقه لذلك.

في حين، كتب مغرّدون عمّن يشكك بصحة التهم الموجهة للحكومة السويدية، "المصيبة لا يزال ثمة من يشكك رغم  وجود كل هذه المقاطع المؤلمة؛ لأنه لا يريد أن يهدم الصورة الوردية الزائفة المنطبعة في ذهنه عن الغرب الإنساني"، مشاركًا مقطعًا مصورًا يظهر معاملة سيئة من قبل عائلة حاضنة لطفل عربي.

"لا أجد تفسيرًا لما تفعله السويد بالمماطلة بارجاع الطفل لابويه سوى انها تريد ترسيخ قيم الغرب في طفل مسلم و خاصة الاباحية و الشذوذ و ادمان المخدرات من خلال ابقاء الطفل في معسكرهم لسنوات"، هكذا غرّد حساب يحمل اسم "اوسكار" عبر تويتر، رفقة شهادة لأحد الآباء الذي سُحبت منه طفلته وعمرها أشهر، رغم توفر أدلة تثبت براءة الأب من أي سلوكيات ضارة بابنته، وفق قوله.

من جانبه نشر محمد حماد عبر تويتر مقطعًا مصورًا لطفل يناشد بإعادته إلى عائلته، وعلّق "هذه هي حريتهم المزعومة وقوانينهم المسمومة، ولو اعترضت عليها فأنت تعادي الحرية".

الطفل أولًا

عند الحديث عن الأثر النفسي، فلكل حالة وضع خاص، لكن وبحسب ما قالت الدكتورة دجانة بارودي المعالجة النفسية والمختصة بعلم النفس التربوي لموقع ألترا صوت، فيمكن تقسيم الحالات التي تم فيها سحب الأطفال إلى ثلاث فئات.

الأولى أطفال نجوا فعلًا من ظروف تنشئة قاسية وأصبحت لهم فرصة جديدة، ومع أن انتقال الأطفال إلى أسرة جديدة يشكل صدمة بحد ذاتها وتحتاج من الطفل فترات للتعافي، إلا أن البيئة الأفضل قد تساعده على التكيف والتعافي من أثر الصدمة، أم الفئة الثانية فهم بعض الأطفال ممن تعرضوا لظلم وإساءة من قبل السوسيال، "كتلك العائلة التي سحب طفلها لابتلاعه خرزة دخلت بحلقه، وهو ما قد يحدث في أي بيت مع خطورته"، فمثل هذه الحالة وغيرها، أدت إلى إيذاء الطفل بطرق أخرى مثل خوف الوالدين المستمر من أخذ الطفل للمستشفى أو للطبيب النفسي خشية الإبلاغ عنه ومن ثم سحبه، وفعلًا قد ظلم عدد كبير من الأطفال بسبب تقدير سيء للموظف الذي تابع الحالة وحوّلها، "هؤلاء الأطفال يتأثرون تأثرًا كبيرًا لأنه لن يفهم سبب حرمانه من أهله، فيكون ناقمًا حزينًا مضطربًا حتى لو حاولت الأسرة البديلة إغراءه".

وتتابع بارودي، "الفئة الثالثة الأطفال الذين تم توزيعهم إلى أسرة أسوأ ولكن كونها بديلة فقد أخذت تدريبًا جيدًا على القوانين، وعليه، فقد تهمل الطفل وتؤذيه لكن دون ظهور ذلك، فيعاني الطفل من تدهور في حياته، وقد يتعرض لإيذاء أو إساءة، ويشعر بالذنب أو قلة الحيلة لأنه وإن تمرد أو تكلم فإنه سيخاف من وضع أسوأ يذهب إليه". 

من جهتها، تقول أخصائية نفسية فضلت عدم ذكر اسمها لحساسية الموضوع لموقع ألترا صوت، إن الخدمات الاجتماعية وبعد أن تتخذ قرار سحب الطفل من عائلته تباشر فورًا برعاية الطفل نفسيًا، مشيرة إلى الأساليب الإبداعية بالتعامل مع الطفل والتي من شأنها دمجه سريعًا مع عائلته الحاضنة، مع تقديم كافة الدعم المعنوي والمادي والتأهيلي للطفل والعائلة.

ولفتت إلى أن منظومة الخدمات الاجتماعية تضع مصلحة الطفل أولًا، واهتماماته ورغباته، وعليه، إذا رأت وضعًا نفسيًا متعَبًا لدى الطفل فإنها تعمل على معالجته سريعًا وتأخذ بعين الاعتبار رغبة الطفل بالبقاء أو العودة إلى أسرته.

أما مشاعر الوالدين بظل إجراءات الفصل، فعادة تعود لطريقة تفكيرهم وثقافتهم بالتعامل مع الأحداث، فإذا كانا منفتحين على التغيير والإصلاح يتعاونان بما يصب بمصلحة أطفالهم، أما إذا كانا من خلفية منغلقة ومتشبثة بأفكار يرفضها المجتمع السويدي كالعنف مثلًا، فهنا عادة ما يرى الآباء أنهم ضحية، وينفون ارتكابهم أي أخطاء، ويرفضون حياة أبنائهم الجديدة، توضح الأخصائية النفسية لألترا صوت.

كما تصف الإخصائية النفسية منظمات حقوق الطفل في أوروبا، بأنها "سلاح ذو حدين"، يمكنك التفكير بها كونها جهة تدعم الطفل وتحميه من التعرض للتنمر من أقرانه  أو ممارسة العنصرية أو العنف من قبل المدرسين عليه، ويمكن اللجوء لها في حال تعرض الطفل لمشاكل أو إذا كان لديه خلافات مع الأهل ويواجه صعوبة بإيجاد حلول لها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مصير مجهول يواجه اللاجئين السوريين في الدنمارك بعد قرار بإلغاء تصاريح إقامتهم

اللجوء الكبير .. جسر بين ضفتي المتوسط