10-أبريل-2016

(Getty)

لم تعد تلك بغداد التي كانت في عقود سابقة، زاهية متألقة. تلك المدينة التي كانت تتمنى نظيراتها أن يكن مثلها، أصبحت الآن في وضع لا تُحسد عليه. وأنت تسير في شوراع العاصمة العراقية لا تجد ما يُشير إلى أنك في عام 2016، سوى موديل السيارات.

في أرقى شوارع العاصمة بغداد تجد برك المياه الآسنة، والتجاوزات من قبل أصحاب الأكشاك غير الرسمية، فتغيب ملامح الشوارع تماما

اعتقد العراقيون بعد دخول قوات الاحتلال الأمريكي لبلادهم، في نيسان/أبريل 2003، أن هناك شيئًا ما سيتحسن، وستزداد عاصمتهم رونقًا، لكنهم تفاجئوا بأن الصبات الكونكريتية نُصبت في كل مكان، والحفريات في الشوارع لم تُطمر بل ازدادت، والتجاوزات عليها استفحلت.

اقرأ/ي أيضًا: وثائق بنما تطال المغرب أيضًا

شارع الرشيد الذي عُرف برونقه وببيوته البغدادية ذات التصاميم الخاصة، كان من أرقى الشوارع في الوطن العربي. اشتهر هذا الشارع بالمحال الفاخرة التي تحتوي أرقى الماركات العالمية والعطور والساعات، لكنه الآن شارع مُظلم لا يحتوي سوى الآلات والمكائن الزراعية وأدوات البناء والحريق.

لم تخل جميع شوارع العاصمة العراقية بغداد من الحفريات والتجاوزات التي تحصل من قبل أصحاب المؤسسات الأهلية والمواطنين عليها، بسبب نصب مولدات التشغيل الكهربائي وغسل السيارات في الأماكن غير المخصصة.

مدير إعلام أمانة بغداد، وهي الجهة المسؤولة عن الخدمات في العاصمة، يقول لـ"الترا صوت" إن "الأمانة تعمل منذ سنوات على رفع التجاوزات في الشوارع، وبدأت بحملات كبيرة، حيث منحت الذين يبيعون المواشي أسبوعًا لتغيير أماكنهم، والا ستُصادر منهم".

ويوضح حكيم عبد الزهرة أن "ترقيع الشوارع يحتاج إلى تخصيصات مالية، وهذا ما يعيق نجاح العملية بشكل كامل، رغم وجود أعمال صيانة مستمرة لها". ويشير إلى أن "الأمانة مستمرة برفع التجاوزات واللوحات الإعلانية غير المرخصة من الشوارع".

حديث مدير إعلام أمانة بغداد، لا يطابق الواقع، الذي يدل على وجود فوضوية في عمل الجهات الخدمية، وعدم استمرارية الأعمال التي تقوم بها، خاصة فيما يتعلق بترقيع الحفريات.

على جوانب طرقات مهمة في بغداد، تكثر ظاهرة بيع المواشي، التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، لعدم وجود أماكن مخصصة لها، ونزوح بعض العوائل التي تمتلكها إلى المدن من أماكن شهدت أعمال عنف وقتال.

كما أن انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة، دفع مواطنين إلى شراء مولدات توليد الطاقة الكهربائية، ذات الأحجام الكبيرة، ونصبها على الأرصفة مما تسبب بأضرار في الشوارع التي امتلأت بمخلفاتها.

أحد أصحاب المولدات، في منطقة الحرية، شمالي بغداد، تحدث بسخرية، عن "ارتياحه لعدم وجود أية رقابة من البلديات وأمانة بغداد على مولدته، وما تخلفه من دهون محترقة وتدفق المياه إلى الشارع".

ويقول، محمد عباس، لـ"الترا صوت" إنه "يعرف الأضرار التي خلفتها مولدته الكهربائية الكبيرة التي نصبها في الجزيرة الوسطية "بين شارعين"، لكنني مجبر على ذلك، ولم يقم أحد بمنعي وإزالة المولدة، وذلك لاستفادة الحكومة منها، وهي تمد المواطنين بالطاقة".

اقرأ/ي أيضًا: سلمان في القاهرة..السعودية تحاول ضرب إيران من القاهرة

ويشكو أصحاب المحال التجارية في الشوارع الرئيسية، من عدم اهتمام الدوائر الخدمية في العاصمة بالأرصفة والشوارع، التي تزداد فيها الحفريات يوميًا.

محمد علي، صاحب محل لبيع الملابس الرجالية في شارع فلسطين وسط بغداد، يقول لـ"الترا صوت" إن "المحال تتضرر بسبب الحفريات الموجودة في الشارع، كما أن أمانة بغداد تغير كل ستة أشهر غطاء الرصيف وحافته، مما يتسبب بإرباك عملنا".

ويُشير ساخرًا "تعودنا أن لا نرى الأرصفة بشكل جميل، فأمانة بغداد تعيد بناءها كل عام تقريبًا، وهو باب يشرعن فيه المسؤول الخدمي فساده، لأن المقاولين الذين ينفذون المشاريع الخدمية يحاولون البحث عن أقل التكاليف، وبالتالي نحن من يتضرر".

وفي أرقى شوارع العاصمة بغداد تجد برك المياه الآسنة، والتجاوزات من قبل أصحاب الأكشاك غير الرسمية، والصبات الكونكريتية التي تضعها السلطات الحكومية، فتغيب ملامح الشارع.

الكاتب العراقي، طالب الشمري، الذي عاصر بغداد طيلة العقود الماضية، يقول لـ"الترا صوت" إن "بغداد خربة، ولا تقاس بالخمسين عامًا الماضية". ويتساءل "عن أية خدمات وإعمار نتحدث".

ويضيف أن "بغداد لم تجد خلال السنوات الماضية من يبحث عن إعادة إعمارها وتطوير شوارعها، ففي السابق كانت بغداد فعلًا مدينة حقيقية وراقية، على العكس تمامًا مما هي عليه الآن".

اقرأ/ي أيضًا: 

خلاف المرجعيات بين النجف وقم..العراق لمن؟

ماذا بعد هزيمة داعش؟