26-يونيو-2023
gettyimages

الشهادات تجمع على محاولة خفر السواحل اليوناني سحب القارب مما أدى إلى غرقه (Getty)

نجا 104 أشخاص فقط من أصل نحو 750 راكبًا كانوا على متن السفينة التي انقلبت  قبالة السواحل اليونانية في ال14 من حزيران/يونيو الجاري قبالة السواحل اليونانية، وأشارت أصابع الاتهام منذ الساعات الأولى إلى خفر السواحل اليوناني والسلطات اليونانية التي تضاربت روايتها حول الحادث، وتعززت تلك الاتهامات بالشهادات التي أدلى بها ناجون كشفوا ما فعله خفر السواحل اليوناني بالقارب المكتظ بالمهاجرين.

تدفع منظمات حقوقية بفرضية أنّ المأساة الجديدة تمثل دليلًا إضافيًا صارخًا "لنمط جديد من الترحيل الفوري غير القانوني إلى مياه الدول الأخرى، بما يؤدي إلى نتائج كارثية" على غرار ما حدث مع القارب قبالة اليونان

فالشهادات التي تمّ جمعها من بعض الركاب الذين كانوا على متن القارب تكشف عن تناقضات رواية خفر السواحل اليوناني من جهة وتؤكد أنّه كان بالإمكان إنقاذ المزيد من الضحايا من جهة ثانية، وبعضها يثير احتمال وقوع السلطات اليونانية في أخطاء أدّت إلى الكارثة.

زكي وزكية الصناعي

وفي هذا الصدد تدفع منظمات حقوقية بفرضية أنّ المأساة الجديدة تمثل دليلًا إضافيًا صارخًا "لنمط جديد من الترحيل الفوري غير القانوني إلى مياه الدول الأخرى، بما يؤدي إلى نتائج كارثية" على غرار ما حدث مع القارب قبالة اليونان.

وبحسب الشهادات التي تناقلتها وسائل إعلام غربية بينها شبكة سي إن إن فقد حمّل ناجون من الغرق، فضلوا عدم الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية، خفر السواحل اليوناني المسؤولية لأنهم سحبوا القارب.

getty

وينقل أحد هؤلاء الناجين الذي عرف نفسه باسم رامي تفاصيل اقتراب سفينة لخفر السواحل اليوناني من قارب اللاجئين عدة مرات لمحاولة ربط حبل لسحب القارب، الأمر الذي كانت نتائجه كارثية، حيث يقول: "في المرة الثالثة التي سحبونا فيها، مال القارب إلى الجهة اليمنى وكان الجميع يصرخون، وبدأ الناس يسقطون في البحر، وانقلب القارب ولم يرَ أحدٌ أحدًا مجددًا. فانفصل الأشقاء، وانفصل الأقارب".

كما يرى شاهد آخر وهو سوري سمّى نفسه باسم "مصطفى"، أن مناورة خفر السواحل اليوناني هي ما تسببت بالكارثة. حيث يقول في شهادته: "سَحَبَنا القبطان اليوناني بسرعة بالغة، كان شديد السرعة، وتسبب ذلك في غرق قاربنا".

وكانت شبكة سي إن إن قد أجرت هاتين المقابلتين مع رامي ومصطفى خارج مخيم "ملكاسا" للهجرة قرب أثينا، حيث يحظر على الصحفيين دخول المخيم، وتسود حالة من الخوف بين صفوف المهاجرين من التحدث خوفًا من إجراءات انتقامية قد تتخذها ضدّهم أثينا أو الدول التي قدموا منها.

شاهد آخر باكستاني يدعى محمد حمزة تحدث لشبكة بي بي سي البريطانية عن اللحظات الأخيرة لانقلاب قاربهم، حيث أشار إلى أنه: "كانت هناك أربع أو خمس سفن شحن في المنطقة عندما انقلب قاربنا. لقد أحاطت بنا من الجوانب الأربعة، لكنها كانت على مسافة ما ولم تقترب منا، لكنها تركت لنا زورقًا سريعًا".

وتحدث محمد عن جانب من المأساة داخل القارب قبل انقلابه عندما نفد الطعام والماء، وأجبر الركاب على شرب ماء البحر. مضيفًا أنه "لم تكن هناك دورات مياه، كان علينا التبول في البحر".

وفي اليوم الأخير الذي غرق فيه المركب يقول محمد"كان الناس يصرخون طلبًا للمساعدة وكان بعضهم يلوحون بقمصانهم للفت أنظار السفن المارة".

ولم يستطع الشاهد وصف آخر سفينة اقتربت منهم، لأن الظلام كان يخيم على المكان "كان الوقت ليلًا، لذا لا أعرف ما جرى، كانت هناك أضواء كبيرة على السفينة. كنت جالسًا في مؤخرة القارب وكانت تلك السفينة في المقدمة. قال الناس إنها (السفينة) ألقت لهم بالحبال"، مردفًا "كنت جالسًا على الجانب الأيمن من القارب وانقلب على نفس الجانب، وقفزنا منه".

getty

أما الشهادة الرابعة التي تعود لأحد الناجين سمى نفسه بأبي الحسن فتتهم خفر السواحل اليوناني مباشرة بحادث غرق المركب حيث يؤكد هذا الشاهد "أنهم طلبوا من خفر السواحل اليوناني جرّ المركب بعد تعطّل محرّكه، لكنهم رفضوا وأخبروهم بأنه سيتم جر المركب وتسليمه إلى خفر السواحل الإيطالي". 

ويضيف أبو الحسن أنّ خفر السواحل اليوناني ربط قاربهم في البداية بسفينة يونانية قدمت لإنقاذهم، قائلًا: "تم ربط المركب بقوة مما أدى إلى اصطدامه بالسفينة اليونانية وكاد يتحطم"، مؤكدًا أن الحبل الذي كان يربط القارب بسفينة خفر السواحل انقطع بعد المحاولة الأولى لجرّهم، وفي المرة الثانية قام خفر السواحل بجرهم بقوة؛ مما أدى إلى انقلاب المركب الذي كانوا على متنه وانقطاع الحبل مرة أخرى.

وبعد المحاولات الفاشلة، ابتعد خفر السواحل اليوناني مكتفيًا بالتفرج على ما يحدث دون مد يد العون.

وفي الساعات الأولى للحادث أفادت السلطات اليونانية أنه قبل أكثر من ساعتين من انقلاب القارب، حاول خفر السواحل ربط حبل بقارب المهاجرين حتى يتمكن بعض أفراده من الصعود على متن القارب وتقييم الوضع عليه.

تنا

ويزعم المسؤولون إن من كانوا على متنه حاولوا فك الحبل، قائلين إنهم يريدون السفر إلى إيطاليا. وينفي خفر السواحل اليوناني محاولة سحب القارب. في وقت تم فيه فتح تحقيق رسمي حول الحادث.

وفي هذا الصدد يزعم المتحدث باسم خفر السواحل اليوناني نيكوس أليكسيو أنّه "حين انقلب القارب، لم نكن حتى بجواره، فكيف لنا أن نسحبه؟"،  زاعمًا في تصريحاته أن خفر السواحل اليوناني كان "يراقب من بُعد"، وأنَّ "حدوث تغيُّر في الوزن في الغالب بسبب الذعر" قد تسبَّب بانقلاب القارب.

الثابت أن السلطات اليونانية كانت على علم بالقارب قبل 13 ساعة على الأقل من انقلابه

ومهما يكن من أمر فالثابت أن السلطات اليونانية كانت على علم بالقارب قبل 13 ساعة على الأقل من انقلابه، ولم تتمكن من السيطرة على الفوضى التي تسبب بها خفر السواحل اليوناني.