18-مايو-2016

(Getty)

لحظات عاطفية عاشها المدير الفني لنادي سبورتينغ خيخون الإسباني ابيلاردو فرنانديز، انهمرت خلالها الدموع كالأطفال الصغار، اختصرت معها حقيقة ما تمثله كرة القدم من شغف وعطاء، هو العشق البعيد عن الواقع المادي الذي تحاول شركات الاستثمار من خلاله تعليب اللعبة الأكثر شعبية بقوالب تجارية ومؤسسات مساهمة تحت عنوان الترفيه.

لا يعلم أحد كيف تحولت كرة القدم من شغف حقيقي إلى "مهنة" لدى البعض، وتجارة مربحة للشركات، ويتحول اللاعبون إلى عارضي أزياء فيها

الموقف الاحتفالي بعد تسجيل الفريق المغمور هدفه الثاني الذي ضمن البقاء في مصاف أندية الدرجة الأولى لموسم جديد، جاء ليكسر الصورة البشعة التي رسمها الإعلام العالمي بعد فضائح الفساد المستشري كالوباء في جسد الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، وسيطرة مافيات المراهنات بمصائر بالدوريات المحلية على امتداد المعمورة، وتؤكد أن كرة القدم للكثيرين أسلوب حياة وليس سلعة للبيع.

اقرأ/ي أيضًا: أوليمبياد طوكيو 2020..تحت مهجر الفساد

الدموع أعادت بي الذاكرة إلى زمن المستديرة الجميل، إلى اللحظات التي بكى خلالها الآلاف تعاطفًا مع الظاهرة البرازيلية رونالدو لحظة سقوطه متألمًا بعد إصابته القاتلة، والتظاهرات العارمة أمام المستشفى التي يرقد بها، وإضاءة الشموع حول العالم أملًا بعودته القريبة للملاعب.

هو الزمن نفسه الذي لا زلت أبتسم كلما أتذكر كيف كنت شخصيًا أخرج مع أصدقائي بمسيرات عفوية فرحًا بفوز فريقنا في مباراة حاسمة، أو صور اللاعبين التي ملأت أرجاء المنزل وصفحات دفاتر الدراسة، أو الساعات الطويلة التي نمضيها ونحن نشاهد اللاعبين أثناء التدريبات وهم يداعبون الكرة بعشق واضح في عيونهم.

أما كرة قدم اليوم فلا يعلم أحد كيف تحولت اللعبة من شغف حقيقي إلى "مهنة" لدى البعض، وتجارة مربحة للشركات، ليتحول اللاعبون إلى ما يشبه عارضي الأزياء، وتصبح قصات شعرهم محط اهتمام هذا الجيل الصغير من محبي اللعبة أكثر من قدراتهم في الملاعب.

اقرأ/ي أيضًا: سواريز ينافس ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية 

ويبقى السؤال الذي يحيرني هو كيف يمكن اختصار منافسة كرة القدم بلاعبين اثنين أو ثلاثة على أبعد تقدير (مع الاحترام الكبير لمواهبهم)، وانتقال التركيز الإعلامي "الضخم" إلى مداخيلهم المالية، وحجم شركات الإعلان التي يتعاقدون معها، حيث أصبحت أهمية اللاعب مرتبطة بـ "السعر" الذي يدفع من أجله في سوق الانتقالات، لا للإنجازات التي استطاع تحقيقها. وتتناسى الصحافة الكثير من اللاعبين والرياضيين ممن رفضوا الانتقال من أنديتهم مقابل مبالغ كبيرة، لا لشيء إنما لإحساسهم بالانتماء والحب للقميص الذي يدافعون عنه، وعلى سبيل المثال لا الحصر مدرب نادي أتلتيكو مدريد الإسباني دييغو سميوني بعد رفضه عرضًا مضاعفًا عما يتقاضاه من نادي تشيلسي الإنجليزي للانتقال إلى صفوفه.

كافة المحاولات الحثيثة لتدجين المزاج الكروي العالمي، إن صح التعبير، وتحويل الأندية إلى مؤسسات كروية تجارية سقطت مع دموع مدرب سبورتينغ خيخون، وقبلها مع الإنجاز التاريخي لنادي ليستر سيتي الإنجليزي صاحب الإمكانات المتواضعة وإحرازه اللقب على الرغم من ملايين الدولارات التي تضخ في خزائن الأندية المنافسة.

هذا الحب الكبير والدموع في كرة القدم تجعلنا نفهم بوضوح لماذا كانت وستظل اللعبة الأكثر شعبية حول العالم، لذا شكرًا فرنانديز نيابة عن ملايين من عشاق كرة القدم لأنك عبرت في لحظات صدق عما يختلج في قلوبنا جميعًا.

اقرأ/ي أيضًا: 

توقعات ريو 2016..انهيار بريطانيا ويوسين بولت