22-أغسطس-2016

سيد القمني (فيسبوك)

يضع سيد القمني أبو الهول نائمًا كصورة بروفايل على حسابه في "فيسبوك". ما الذي قصده عدو "طيور الظلام"؟ كان يريد أن يقول إن هويّة مصر "في سابع نومة"، وهو ما خرج به من رابع محاولة لتقديمه للمحاكمة.

بات أهل الفكر والكتاب بلا وزن في مصر، فقد رفعت الأقلام وجفّت الصحف

أحال المستشار نبيل صادق، النائب العام، البلاغ المقدّم من المحامي السلفي خالد محمود ضد سيد محمود القمني، لنيابة أمن الدولة العليا، يتهمه فيه بازدراء الأديان خلال ندوة دعت لها منظمة "ادهوك" البلجيكية. وقال السلفيّ في نص البلاغ: "مشاركة القمني تضمّنت سبًا للذات الإلهية والنبي وصحابته وانطوت على عبارات ازدراء للدين الإسلامي".

اقرأ/ي أيضًا: فكرة توفيق الحكيم وأسلوب نجيب محفوظ

سيقف "القمني" شاردًا، وحيدًا، في مواجهة جحافل جرّارة تريد أن تخرسه، لن يستسلم معتقدًا أن كلمة الفكر لها ثقل ربما يعدل خط سير القضيّة، كما ظن من قبله إسلام بحيري وأحمد ناجي، حتى يجد نفسه عاريًا أمام القاضي ليعرف أن أهل الفكر في مصر الآن بلا وزن، فقد رفعت الأقلام وجفّت الصحف. 

تمسّ محاكمة "القمني" ثلاثة أوتار حساسة، ربما التوقيت هو ما جعلها بقدر كبير من الحساسية هي؛

ازدراء الازدراء

وجدت عقوبة ازدراء الأديان نفسها مسلّطة على رقبة كل من يقول ما لا يرضي ما يسمى "الوعي المصري"، وربما الحكام، أو الحلفاء السياسيين من دول تفرض طريقتها في الدين، والحياة، وهي الآن السعودية، بعدما دخلت بثقلها في القاهرة، وحلّ السلفيون محل الإخوان، وجاء الدور على أعداء طيور الظلام.

ازدراء الأديان ليس بابًا مستقلًا في القانون إنما نص بين نصوص مختلفة تنظم حالات معيّنة تتعلق بالأديان، وضعت عندما استعملت الجماعة الإسلامية منابر المساجد في الإساءة إلى الدين المسيحي، فوضع "السادات" قانونًا يجرّم استخدام أي دين لسبّ دين آخر.

عندما استعملت الجماعة الإسلامية المساجد للإساءة إلى الدين المسيحي، وضع السادات قانون "ازدراء الأديان"

ونصت المادة على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز الـ5 سنوات، أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز الـ1000 جنيه؛ كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار منطوقة، بقصد الفتنة أو تحقير أو ازدراء الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي".

اقرأ/ي أيضًا: إيلوثيريا رابعة

كالعادة، جاء القانون فضفاضًا، وواسعًا، يطول الجميع بعقوباته، حتى أنه لا يطبق على المستهدفين الأساسيين، رؤوس ازدراء الأديان، والفتنة الطائفية، فالدولة اخترعت لهم كيانًا وهميًا يدعى بيت العائلة لحل مشكلات الوحدة الوطنية بقعدات عرب!

القمني

الوتر الثاني هو سيد القمني نفسه، فالرجل يواجه "طيور الظلام" بصدر مفتوح للمرة الرابعة، مقدمًا نفسه كبش فداء لأجيال من المفكرين والمناورين والباحثين عن الله بعيدًا عن كتب التراث كما يقول مناصروه، يقول في بيان على صفحته: "أشكر كل الدعوات المحترمة التي وصلتني سواء من مؤسسات وهيئات وأفراد، كي أعيش عيشًا كريمًا في بلاد حرة، لكني لا أعتقد أني سأعيش كريمًا ووطني منتهك العقل والضمير، بقائي سجينًا أو مذبوحًا هو قربان متواضع كي تعيشوا أنتم كرامًا في أوطانكم وهي حرة، في مصر حتى خروج النفس الأخير، لم يعد لي في دنياكم مغنمًا غير أن يعيش فيها أولادي وأولادكم كرامًا في أوطان عزيزة، دعمكم يكفيني زادًا وسلامًا وبردًا على قلبي، القضية الآن وطن يحتل وهوية تسحق، وبلادنا تستحق ما هو أفضل وأعظم، انحناءة عميقة لكم".

ويقول في بيان آخر: "إلى زملائي وزميلاتي وأبنائي وبناتي، رفع الدعوى ضدي في نيابة أمن الدولة يستدعيكم كل منكم في موقعه وكل واستطاعته وممكناته، إذا بدأت فعلًا فستكون حامية الوطيس وسيخسرون الكثير بشرط علنية المحاكمات، وغير ذلك ستكون مكيدة لن أقبلها، كل شيء في العلن، مغطى بشكل إعلامي متوازن، ولو حدث هذا فلا شيء جديد عندهم يقولونه، أنا من لديه الجديد بالحجج والبراهين وليس عندي أي بطحة على رأسي أستتر منها، ولدي أيضًا أنتم أينما كنتم فهي معركتكم جميعًا ومعركة وطن يضيع من بين أيدينا".

من قلب المعركة، يتودد القمني إلى القضاء الذي وصفه سابقًا بالمهرطق ويطلب عدله لا رحمته

وسط المعركة، كما اعتبرها "القمني"، يتودد إلى القضاء الذي وصفه سابقًا بالمهرطق ببيان آخر، ويطلب عدله لا رحمته، وإنصافه في المحاولة الرابعة للإيقاع به، رغم أنه، في الوقت نفسه، يتهم الدولة بمساندة التيارات السلفيّة في اغتيال المفكرين.

الهويّة

الوتر الثالث هو هويّة مصر، المدهوسة تحت تحالف السعودية-القاهرة لم يقف عند حد العلاقات الثنائية، إنما وصل إلى اتفاقات مكتوبة وموقّعة، منحت السلفيين شرعية ملء مكان الإخوان كقطب سياسي ودعوي يكفّر، ويتهم، ويقدم مثقفين للمحاكمة بتهمة ازدراء الأديان.

ولأنه ليس مهزومًا مادام يقاوم.. يخوض معركته حتى النهاية، يقاتل وهو في أرذل العمر، يهز عرش زبانية الرحمن وحده، ويركّع جيشًا جرارًا من "أعدائه".

تأسيسًا علي هذا الصراع، بنى "القمني" مجده قبل ثلاثين عامًا، وهرب من تهديدات الجماعات باغتياله حتى رتّب أوضاعه، وعاد من جديد.. ولا يزال السلفيون عند رغبتهم في الانتقام!

اقرأ/ي أيضًا:

كيم إكلين: الناس يؤكدون أنفسهم عبر رواية القصص

إيلان بابيه يفضح "فكرة إسرائيل"